علماء ومشايخ ودعاة يفتون بحرمة التصويت للمرشح
العلماني
غالبا ما يرتبط الشخص الفلولي في مصر (المنتمي لنظام الرئيس المخلوع)
بالعلمانية برابط، ودائما ما يكون خيار التنازلات في دين الله هو الخيار
المحبذ له؛ في سبيل الوصول لغاياته ومآربه، ويتمثل هذا جليا في المرشح
الفلولي الفريق أحمد شفيق، منافس مرشح الثورة الدكتور محمد مرسي القيادي
الإخواني في انتخابات مصر في جولتها الثانية.
حيث واصل شفيق، مغازلته للأقباط الذين صوتوا
له بكثافة في الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة؛ للحصول على دعمهم في
جولة الإعادة، فصرح لفضائية "سي تي في" القبطية بأنه سوف يضيف بعض السطور
من الإنجيل أو التاريخ القبطي مثله مثل الآيات القرآنية في المناهج
الدراسية حتى يكون الطالب على دراية بالدين الإسلامي و"المسيحي" أو يُحذف
كلاهما من المناهج، وهي التصريحات التي قوبلت بانتقادات واسعة من العلماء
والمشايخ في مصر وغيرها من بلدان العالم الإسلامي.
وأدت هذه المقالة إضافة إلى أسباب أخرى إلى خروج سيل من الفتاوى التي
تحرم التصويت لأحمد شفيق، ومن ذلك ما أفتى به فضيلة الشيخ العلامة الدكتور
عبد الرحمن بن ناصر البراك، حيث أفتى بحرمة التصويت لصالح "أحمد
شفيق"، آخر رئيس وزراء للرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، والمتأهل لجولة
الإعادة بالانتخابات الرئاسية المصرية.
وخاطب
الشيخ البراك أهل مصر بقوله: "فاقطعوا الطريق على أحمد شفيق ومَن وراءه؛
فإن انتخابه حرام، كيف وهو الذي ترضاه أمريكا، التي لا تريد بأهل مصر
خيرا؟!". وتساءل: "وهل يرضى مسلم لنفسه أن يختار لقيادة بلاده من يسوّي بين
القرآن والإنجيل المنسوخ؟!" وأضاف العلامة البراك يقول: "فاحذروا أيها
المسلمون في مصر أن تخدعوا فتندموا! واذكروا أنكم مسؤولون عما تعملون
وتقولون، (فوربك لنسألنهم أجمعين. عما كانوا يعملون)".
وهذه الفتوى ليست الأولى من نوعها بل صدرت فتاوى مشابهة، منها فتوى الشيخ محمد صالح المنجد،
التي استنكر فيها ما تفوّه به شفيق من تصريحه بأنه سيقوم بحذف آيات
القرآن من المناهج الدراسية، أو إضافة أسطر من الإنجيل، وقال المنجد في
حسابه الشخصي على (تويتر): "في مقابلة مع قناة صليبية اللاشفيق يقول:
سأضيف أسطر من الإنجيل للمناهج أو أُزيل الإثنين"، واستغرب المنجد: "كيف
يجوز انتخاب مثل هذا الرجل؟ والله إن انتخابه لحرام".
من جهته, علق الشيخ يوسف البدري على هذه التصريحات قائلا:
إن كلام شفيق حول أنه "ينوى أن يحذف آيات القرآن من المناهج الدراسية أو
أن يضيف بجانبها كلمات من الإنجيل" تعتبر عزفًا على وتر الأقباط حتى
ينتخبوه، وتابع قائلا: "شفيق قد باع دينه بعرض رخيص من الدنيا" وهذا لا يصح
لأن دين الدولة التي تدين به هو الإسلام ونسبة 95% من المواطنين مسلمين
وهو كلام باطل". ودعا البدري، الأقباط لعدم انتخاب شفيق قائلاً :"لا
تنتخبوا هذا الرجل فلو نجح شفيق فسوف يضيع الوطن وتضيع معه دماء الشهداء
وتضيع الأديان".
بينما قال الشيخ جمال قطب، الرئيس الأسبق للجنة الإفتاء بالأزهر، أن شفيق "يقول
كلاما وهو سكران لا يعرف ما معناه، وأنه وضع نفسه تحت المفرمة على حد
قوله، فهو يخطئ كثيرا في الدين وفى أحكام الشريعة الإسلامية".
وقال الداعية الدكتور صفوت حجازي، رئيس مجلس أمناء الثورة،
إنه لابد من استتابة أحمد شفيق على هذه التصريحات الخطيرة، ولابد من أن
يجلس معه علماء دين مخلصون وليس علماء سلطان ويفهموه مدلول كلامه، وإذا لم
يتب فهناك كلام آخر، أقله أن يحكم على ما قاله بأنه "كبيرة".
وقال الشيخ الدكتور طلعت عفيفي عميد كليه الدعوة الإسلامية الأسبق:
انزلوا انتخبوا واحشدوا الناس ضد شفيق، فهو يطالب بحذف آيات الله من
المدارس ودراسة الإنجيل للمسلمين، والله أراه الآن واجب أن ننزل في الإعادة
ومن يتخلف عن الإعادة أراه تخلف عن الزحف في الجهاد, كفاكم إرجافاً
واحشدوا الجميع أمام اللجان.
هذا
وكان الدكتور نصر فريد واصل -مفتي الجمهورية السابق وعضو مجمع البحوث
الإسلامية الحالي- قد أكد في تصريح نشرته جريدة اللواء الإسلامي الرسمية
التي تصدر عن مؤسسة "أخبار اليوم": أن التصويت للذين نشروا الفساد
في الانتخابات الرئاسية ومن ثبت تورطهم في الفساد والظلم خيانة لدماء
شهداء 25 يناير الزكية وحرام شرعا لأنه اختيار للظالمين الذين لا يريدون
تطبيق الشرع.
ودعا مفتي مصر الأسبق جموع الشعب
المصري إلى المشاركة في انتخابات الإعادة القادمة وعدم الانعزال؛ لعدم ترك
الأمر للفاسدين، قائلاً: إن التخلي عن المشاركة في هذه المرحلة يعد جريمة
سلبية تمهد للفلول تطويق رقابنا من جديد. وبيّن أن من يمتنع عن الإدلاء
بصوته في الانتخابات آثم وخائن للأمانة، ويخسر دينه ودنياه؛ ويعد كاتمًا
للشهادة ومشاركًا للفساد.
من جهتهِ كان الشيخ يوسف القرضاوي قد حذّر أبناء الشعب المصري من عودة فلول النظام السابق إلى سدة الحكم،
وأكد أن إسقاط أحمد شفيق كأحد رموز نظام مبارك واجب ديني وشرعي وخلقي،
وقال القرضاوي: إن كل من يحرص على دينه، ويعمل على إرضاء ربه، ويعمل
لآخرته، ويعمل لمصلحة بلده، يجب عليه دينًا وشرعًا وخلقًا أن يجتهد لإسقاط
هذا الظالم (أحمد شفيق) ويجتهد بعد ذلك في اختيار من يحكم.
وأفتى
الدكتور منير جمعة أحد علماء الجمعية الشرعية، وعضو مؤسس بالاتحاد
العالمي لعلماء المسلمين- قبيل الانتخابات الرئاسية- بحرمة التصويت لعمرو
موسى وأحمد شفيق في الانتخابات، وأكد جمعة أن إعطاء الأصوات
لأمثال هؤلاء بمثابة تعاون معهم على الإثم والعدوان، وركون للظالمين،
وخذلان للصادقين، وتضييع للأمانة، وخداع في الشهادة، وكتمان للحق، وإظهار
للباطل، بحسب تعبيره، قائلاً: "ذلك هو الفساد في الأرض الذي نهيب بكل
مسلم- بل كل مصري شريف- ألا يقع فيه".
وأضاف:
"لقد قامت ثورتنا الشريفة من أجل الإصلاح والتغيير، فلا يجوز شرعًا أن
نهدر دماء الشهداء والجرحى، وأن نتنكر لآلام اليتامى والثكالى بإعادة
الوجوه التي قامت الثورة للتخلص من أمثالها، وإعادة الحالة البائسة التي
قامت الثورة للتخلص منها، الحق أبلج، والباطل أجلج، ومن لا ينصر الحق اليوم
فقد نصر الباطل".
يذكر أن الشيخ عماد عفت-رئيس
إدارة الحساب الشرعي وأحد أمناء دار الإفتاء المصري- والذي قتل في أحداث
الثورة، كان قد أفتى بأن التصويت لفلول الوطني المنحل حرام شرعا
وجاءت الفتوى كالآتي: "إن التصويت للفلول في الدورات السابقة أو كانوا
منتمين لعضويه الحزب المنحل هو حرام شرعا باعتبار أنهم ساهموا في الفساد،إن
ذلك الحكم مبني علي أن فلول الوطني يرغبون في تدمير مستقبل مصر بنشر
الرشاوى والمحسوبيات ثانية، بعدما قضت الثورة علي تلك الأصول، ومن يمنحهم
صوته يساعدهم علي الوصول إلي المنصة التشريعية".
كما
أصدر الشيخ هاشم إسلام على إسلام، عضو لجنة الفتوى بالأزهر، ومؤسس الاتحاد
العالمي لعلماء الأزهر الشريف، "تحت التأسيس"، فتوى ثورية تحرم
ترشح اللواء عمر سليمان، رئيس المخابرات المصرية، ونائب الرئيس المخلوع
السابق وكذلك أحمد شفيق رئيس الوزراء السابق وأمثالهم من فلول وأركان
النظام البائد الفاسد على اعتبار أنهم جزء لا يتجزأ وركن ركين من أركان
الحزب الوطني الديمقراطي والنظام الفاسد سابقاً.
واعتبر
الشيخ هاشم في فتواه أن فلول النظام السابق فاقدون الأهلية ومبطلون
للعدالة والضبط والنزاهة الشرعية، وأن ترشح هؤلاء الفلول للرئاسة المصرية
لثورة 25 يناير باطل شرعًا وأن انتخاب هؤلاء الفلول للرئاسة المصرية لثورة
25 يناير والتصويت لهم حرام شرعًا
وفي
السياق ذاته كان الشيخ عمر أحمد سطوحي الأمين العام للجنة العليا للدعوة
الإسلامية بالأزهر قد أفتى بحرمة التصويت لكل من كان عضوًا بالحزب الوطني
"المنحل" في انتخابات مجلسي الشعب والشورى. وقال سطوحي: إنه لا
يجوز لأي مصري غيور على دينه ووطنه ويحب مصر أن يصوت لأمثال هؤلاء، وخاصة
لمن أثبتت التحقيقات والقضاء أنهم أفسدوا الحياة السياسية، وأظهروا مصر
أمام العالم بصورة سيئة وخاصة إذا سمح لهم بالدخول والترشيح؛ لأنهم لن
ينسوا ما حدث لهم ويكنون في نفوسهم حب الانتقام والانتصار للنفس مما بدر
من الشعب ضدهم.
وأضاف: أن كل من يصوت لصالحهم
يعد خائنًا لوطنه، حتى وإن أظهروا الحب لمصر، فهذا خداع وغش ومكر؛ بهدف
الوصول إلى أهدافهم التي يخططون لها، وعلى الشعب أن ينتبه لكل ذلك، وأن
يلتزم بقول الرسول صلي الله عليه وسلم (لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين).
وأيد الشيخ علي أبو الحسن، رئيس لجنة الفتوى السابق بالأزهر، فتوى حرمة انتخاب أي عضو سابق في الحزب الوطني،
قائلا: "إن أعضاء الحزب الوطني أعانوا ظالما على ظلمه، وساندوه على ما
اقترف في حق الدولة، وقام الشعب ضده بحركة إصلاح، ومن العقل أن نكون تبع
الأصلح وليس الأفسد، وعليه لا شك في أن الوقوف مع عضو الحزب الوطني خطأ،
حتى وإن كنا من غير الواعين للأمور السياسية؛ لأن الشعب والرأي العام حكم
عليهم بالفساد".
وأكد أن أعضاء الحزب الوطني
السابق أفسدوا الحياة السياسية ولا يجوز أن نختار منهم أعضاء جددًا، فلا
علاقة بذلك بالحريات، وإنما له علاقة بأنهم أفسدوا وقاموا بما لا يرضي
الله، ولا يجوز اختيارهم حتى لو كانت لهم جوانب من الكفاءة".
يشار
إلى أن عددا من أئمة الأوقاف قد قاموا عبر صفحتهم المُسماة "صوت الأئمة
"علي موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" منذ فترة بعمل استطلاع رأي علي
الأئمة حيث وضعوا فتوى هذا نصها "أنهم سوف يفتون في خطب الجمع
القادمة حتى موعد إجراء الانتخابات الرئاسية بوجوب انتخاب (المرشح
الإسلامي الذي يتم الاتفاق عليه)، وحرمة انتخاب الفلول وعلى رأسهم (اللواء
عمر سليمان- وعمرو موسى - وأحمد شفيق - ومرتضى منصور) وأن من ينتخبهم فقد
خان الإسلام والمسلمين واستباح دماء الشهداء ومعطل لتطبيق شرع الله في
الأرض".
جدير بالذكر أن مئات الأئمة تفاعل مع
هذه الفتوى وأبدوا تفعيلها في كل المساجد الذين يخطبون بها، مؤكدين علي
ضرورة المواجهة بكل شجاعة وتحدي الفلول, مجمعين أن من ينتخبهم فقد خان
الإسلام والمسلمين واستباح دماء الشهداء ومعطل لتطبيق شرع الله فئ الأرض.
فهذه
جملة من الفتاوى والمواقف الشرعية حيال المرشح الذي استهان بدماء
المصريين، بل وبدينهم، وهو المرشح ذاته الذي وعد بعودة كافة الأجهزة
القمعية من جديد في حال فوزه بالرئاسة، وهو من اعتبر الدكتاتور مبارك مثله
الأعلى، وهو من قالت عنه الصحف الإسرائيلية إنه "أمل إسرائيل"، وأن القضاء
على ثورات الربيع العربي مرهون بفوزه برئاسة مصر، وهو من يدعم من زوجات
نزلاء طُرى من قتلة النظام السابق، ومن فلول الوطني الذين أذلوا البلاد
والعباد...
منقول