القرآن الكريم ليس كتاباً مختصاً بعلم من العلوم فلا يتلخص هدفه لإثبات شيء علمي أو نفيه ككتب الهندسة والطب والأحياء لأن العلوم هي نتاج العقل البشري فمهما اجتهد العقلاء استطاعوا أن يذللوا صعوبات الطبيعة ويخترعوا وسائل وأجهزة تخدم البشرية جمعاء بينما القرآن كتاب الحياة هدفه تنظيم حياة الفرد والمجتمع من كل النواحي أي كل ما يتصور ضمن الحياة الدنيوية والأخروية من اجتماع وسياسة وثقافة واقتصاد وتربية نجده في القرآن المجيد قانوناً ودستوراً وطريقة لهذه الناحية وتلك الظاهرة... فالقرآن يبني العقيدة الصحيحة في النفس ويهدم التراكمات الفكرية السلبية في ذات الإنسان وهو يبني أسس الأخلاق في الإنسان والمجتمع ويحارب النفاق والالتواء السلوكي ويجاهد الأعداء والمنافقين.
مع كل ما تقدم نلاحظ أن القرآن العزيز ينفرد بالأعجاز العلمي حيث يشير في بعض آياته الكريمة إشارات علمية وهو مستطرد في الكلام أثناء التشبيهات أو لتقريب فكرة معينة هدفها البناء الإيماني ومع ذلك نلاحظ إن هذه الإشارات العلمية قد أثبتها العلم الحديث اليوم بعد جهد متواصل ولفترة طويلة وتبقى بعض الأسرار العلمية في القرآن عسيرة الانكشاف من قبل العلم والعلماء وحتى اليوم وبمعنى آخر لا زال التطور العلمي عاجزاً عن كشف أسرار هذه الإشارات العلمية وحتى الكلمة الواحدة في موقعها لها دلالة علمية معينة يكتشفها العلم هذا اليوم ويقف إجلالاً أمامها ويزداد إعجاباً بهذا الكتاب العظيم بل حتى الحرف الواحد في موقعه له دلالته العلمية الواضحة كالتاء مثلاً فإنها تاء التأنيث أحياناً، هذا الحرف البسيط له دلالته العلمية يقرها العلم هذا اليوم بعد أن كان يمر عليها مرور الكرام فنقرأ مثلا في قضية بيت العنكبوت التي سنتحدث عنها قريباً كيف أن تاء التأنيث لها دلالتها العلمية.
فمن هنا يجزم العقلاء بأن الرسول الأمي (صلى الله عليه وآله) في تلك البيئة المتخلفة عن أساليب التطور العلمي والتكنولوجي لا يمكنه أن يأتي من عنده بهذا الكتاب الذي يحوي أسراراً علمية يكتشفها العلم المتطور في القرن العشرين أو لا تزال غامضة عليه حتى الآن ولربما تبقى أسراراً خاصة لن يفهمها العلم مهما تطور وتقدم كما في معرفة الروح.
(ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً) . [سورة الإسراء: الآية 85].
تبقى الروح لغزاً محيراً وان وسائلنا العلمية لا تنهض بمعرفتها لأنه: (وما أوتيتم من العلم إلاّ قليلاً. . ) .
فيكون إذن هذا الإعجاز العلمي من الدلائل الواضحة لمعجزة القرآن بأنه منزل من قبل القدير العليم بديع السموات والأرض.
(ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً) . [سورة النساء: الآية 82 ].
يقول الدكتور (واجلري) من جامعة نابل:
القرآن: (يضم آيات عديدة تبين القوانين الطبيعية والعلوم المختلفة وتناوله لهذه المواضيع العلمية دقيق وبعيد عن الأخطاء إلى الحد الذي تهبط أمامه منزلة رجال العلم والفلاسفة والسياسيين) (12) .
مع العلم أن القرآن كتاب تربية وهداية وليس كتاباً علمياً وإنما يتناول العلم في بعض الآيات للتوضيح والتقريب ـ كما مر ـ.
ويمكن أن نستعرض بعض هذه الأمثلة لتوضيح المسألة:
(أ) تقول الآية الكريمة: (يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذباباً ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئاً لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب) . [سورة الحج: الآية 73].
وهذا مثل مازال معجزاً للعلم والعلماء بعد ألف سنة من تطور العلم والتكنولوجيا فمن يستطيع أن يخلق ذبابة على هوانها وتفاهتها؟ وإذا سلبتك الذبابة حياتك بمرض تنقله إليك فمن يستطيع أن يرد لك تلك الحياة؟ بل إنها لو سلبتك ذرة من النشاء من طعامك فإن عباقرة الكيمياء لو اجتمعوا لا يستطيعون استرداد هذه الذرة من أمعائها لأنها تتحول فوراً إلى سكر بفعل الخمائر الهاضمة فما أضعف الطالب والمطلوب، ما أضعف عبقري الكيمياء وما أهون الذبابة وما أتفه ذرة النشاء في عالم هائل بلا حدود) (13) .
(ب) في أكثر من آية حينما يذكر سبحانه حواس الإنسان يتقدم ذكر السمع على البصر هذا التقديم له دلالته العلمية يقول الدكتور مصطفى محمود: (وهي مسألة يعرف سرها الآن علماء الفسيولوجيا والتشريح فهم وحدهم يدركون أن جهاز السمع أرقى واعقد وأدق وأرهف من جهاز الأبصار ويمتاز عليه بإدراك المجردات كالموسيقى وإدراك التداخل مثل حلول عدة نغمات داخل بعضها البعض مع القدرة على تمييز كل نغمة على انفراد كما تميز الأم صوت بكاء ابنها من بين زحام هائل من آلاف الأصوات المتداخلة. . يتم هذا في لحظة. . أما العين فهي تتوه في زحام التفاصيل ولا تعثر على ضالتها يتوه الابن عن عين أمه في الزحام ولا يتوه عن سمعها والعلم يمدنا بألف دليل على تفوق معجزة السمع على معجزة البصر ولم يكن هذا العلم موجوداً أيام نزل القرآن) (14) .
يقول تعالى: (وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون) . [سورة النحل: الآية 78].
وفي آية أخرى: (إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا) . [سورة الإسراء: الآية 36].
فمجرد تقديم السمع على البصر لفظاً له دلالته العلمية الدقيقة.
(ج) تقول الآية المباركة: (مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون) . [سورة العنكبوت: الآية 41].
فهنا نرى القرآن يختار صفة التأنيث حينما يتحدث عن العنكبوت فيقول:
(كمثل العنكبوت اتخذت بيتاً) وقد كشف العلم مؤخراً أن أنثى العنكبوت هي التي تنسج البيت وليس الذكر وهي حقيقة بيولوجية لم تكن معلومة أيام نزول القرآن.
والحقيقة الثانية هي وصف بيت العنكبوت بأنه أوهن البيوت ولم يقل القرآن خيط العنكبوت أو نسيج العنكبوت وإنما قال بيت العنكبوت وهي مسألة لها دلالة ولها سبب. . والعلم كشف الآن بالقياس: إن خيط العنكبوت أقوى من مثيله من الصلب ثلاث مرات وأقوى من خيط الحرير وأكثر منه مرونة فيكون نسيج العنكبوت بالنسبة لاحتياجات العنكبوت وافياً بالغرض وزيادة ويكون بالنسبة له قلعة أمينة حصينة فلماذا يقول القرآن: (وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت) ولماذا يختم الآية بكلمة (لو كانوا يعلمون) لا بد أن هنالك سراً.
والواقع أن هناك سراً بيولوجياً كشف العلم عنه فيما كشف لنا مؤخراً فالحقيقة أن بيت العنكبوت هو أبعد البيوت عن صفة البيت بما يلزم البيت من أمان وسكينة وطمأنينة فالعنكبوت الأنثى تقتل ذكرها بعد أن يلقحها وتأكله. . والأبناء يأكلون بعضهم بعضاً بعد الخروج من البيض ولهذا يعمد الذكر إلى الفرار بجلده بعد أن يلقح أنثاه ولا يحاول أن يضع قدمه في بيتها.
وتغزل أنثى العنكبوت بيتها ليكون فخاً وكميناً ومقتلاً لكل حشرة صغيرة تفكر أن تقترب منه وكل من يدخل البيت من زوار وضيوف يقتل ويلتهم. . إنه ليس بيتاً إذن بل مذبحة يخيم عليها الخوف والتربص وإنه لأوهن البيوت لمن يحاول أن يتخذ منه ملجأ والوهن هنا كلمة عربية تعبر عن غاية الجهد والمشقة والمعاناة وهذا شأن من يلجأ لغير الله ليتخذ منه معيناً ونصيراً. .
ذروة في دقة التعبير وخفاء المعاني ومحكم الكلمات وأسرار العلوم مما كان معروفاً أيام النبي ومما لم يعرف إلا بعد موته بألف عام. . إعجاز قطعي لا شك فيه يتحدى العقل أن يجد مصدراً لهذا العلم غير المصدر الإلهي (15) .
(د) في الآية القرآنية: (والسماء ذات الرجع، والأرض ذات الصدع) . [سورة الطارق: الآيتان 11-12].
يصف القرآن الكريم ـ السماء في الآية المباركة ـ بأنها ترجع ما يصعد إليها (بخار الماء ترجعه إلينا مطراً) ونعلم الآن إن الأمواج اللاسلكية والتلفزيونية ترتد هي الأخرى من السماء إذا أرسلت إليها بسبب انعكاسها على الطبقات العليا الأيونية. . لهذا نستطيع أن نلتقط إذاعات لندن وباريس وجميع المحطات في الأرض بعد انعكاسها ونستمع إليها ونشاهدها ولولا ذلك لضاعت وتشتتت ولم نعثر عليها فالسماء أشبه بمرآة عاكسة ترجع ما يبث إليها فهي السماء (ذات الرجع) والأرض (ذات الصدع) أي تنصدع ليخرج منها النبات ونافورات الغاز الطبيعي والبترول وينابيع المياه الكبريتية ونفث البراكين (16) .
(هـ) عدد من الآيات القرآنية يتحدث عن عالم الأفلاك مثلا قوله تعالى: (أولم ير الذين كفروا أن السموات والأرض كانتا رتقاً ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي) .
[سورة الأنبياء: الآية 30].
وفي مراجعة أحدث النظريات في نشوء الأرض والكواكب السيارة نراها تذهب إلى أن الشمس كانت كبيرة جداً، كتلة ملتهبة في الفضاء فمر بالقرب منها نجم قبل قرون عديدة وبسبب القوى الجاذبة صار تخلخلاً في الضغط أثر على الشمس فتصدعت فانفصلت أجزاء متناثرة من الشمس ظلت تدور حولها أي ما انفلتت من دائرتها الجاذبة فبقيت تدور حولها بانتظام وبردت شيئاً فشيئاً حتى افتقدت حرارتها ولهيبها فأصبحت الكواكب السيارة وأصبحت الأرض، يقول العالم البريطاني جينز: (مر نجم بالقرب من شمسنا فأوجد فيها ضباباً مهيباً وأصبحت المادة المنفصلة من الشمس بصورة سيجارة طويلة ثم انقسمت هذه المادة فالقسم الأكبر من السيجارة كون السيارات الأضخم والقسم الأصغر منها كون السيارات الأقل حجماً) (17) .
وجاء في المجمع: (تقديره كانتا ذواتي رتق فجعلناهما ذواتي فتق والمعنى كانتا ملتزقتين منسدتين ففصلنا بينها بالهواء) (18) .
(و) قال تبارك وتعالى: (وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغاً للشاربين) . [سورة النحل: الآية 66].
يكشف القرآن الكريم عن سر عميق من أسرار الطبيعة الحيوانية حيث يبين طريقة تحضير اللبن من الحيوان مما نلاحظ أن العلم بأساليبه الحديثة وأدواته المتطورة وصل إلى نفس النتائج يقول الدكتور موريس بوكاي:
(إن المواد الأساسية التي تؤمن للبدن ما يحتاج من غذاء تأتي من التبدلات الكيميائية الحاصلة في طول جهاز الهضم وتتكون هذه المواد من العناصر الموجودة فيها تحتويه الأمعاء وعندما تصل هذه العناصر في الأمعاء إلى مرحلة التغيير الكيميائي تمر عبر جدار الأمعاء نحو التيار العام المتحرك إن هذا العبور يتم عن طريقين: إما مباشرة بواسطة العروق اللمفاوية وإما بطريق غير مباشر بواسطة الدوران وفي هذه الصورة تذهب هذه المواد أولا إلى الكبد وتحدث فيها هناك بعض التغيرات ثم تخرج منه لتلتحق بالتيار العام وعلى هذا فإن جميع المواد تنتقل بواسطة حركة الدم والعوامل المكونة للبن تترشح من الغدد المغروسة في الثدي وتتغذى هذه الغدد من نتائج هضم الغذاء التي تأتيها بواسطة حركة الدم إذن أصبح للدم امتصاص ونقل المواد المستخرجة من الأغذية لحمل الغذاء إلى غدد الثدي المولدة للبن وهو نفس الدور الذي يقوم به لخدمة أي عضو آخر... إن هذه الحقيقة الرائعة من نتائج ومنجزات كيمياء وفسلجة الهضم التي لم تكن معروفة على الإطلاق في زمان النبي (صلى الله عليه وآله) وقد بدأت معرفة ذلك في النهضة الحديثة عندما اكتشفت الدورة الدموية بعد الوحي القرآني بقرون) (19) .
(ز) قال سبحانه وتعالى: (لا أقسم بيوم القيامة، ولا أقسم بالنفس اللوامة، أيحسب الإنسان ألّن نجمع عظامه، بلى قادرين على أن نسوي بنانه) . [سورة القيامة: الآيات 1-4].
الآيات المباركة في مورد الاحتجاج والرد على بعض الجاحدين والمنكرين للبعث يوم القيامة فقدم القرآن دليلا حيا نعيشه اليوم: (بلى قادرين على أن نسوي بنانه) والبنان رؤوس أصابع اليد فقد صاغها الله سبحانه صياغة فريدة من حيث خطوطها وتشابكها بشكل متميز بين أفراد البشر جميعا حيث يختص كل منا بهذه الميزة في أصابعه وقد اكتشف ذلك العلم الحديث وبدأ يستفيد من ذلك في ضبط المحاكم والاعترافات أو تصويرها لضبط الجاني في المسائل الجنائية كالقتل والسرقة وما شابه ذلك ـ كما هو معروف للجميع ـ.
(ح) كشف لنا القرآن الكريم عن سر التفاهم في عالم الحيوان حيث اللغة المتبادلة فيما بين الحيوانات فلكل نوع من الحيوانات لغة خاصة يتفاهم بها فتعمل المجاميع الحيوانية أعمالاً اجتماعية مشتركة أو سياسية أو ثوريّة أو دفاعية حينما تتعرض أوكارها لعدو خارجي.
يقول القرآن العظيم: (وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أُمم أمثالكم). [سورة الأنعام: الآية 38].
وفي آية أخرى: (حتى إذا أتوا على واد النمل قالت نملة يا أيها النمل أدخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون، فتبسم ضاحكاً من قولها وقال رب أوزعني أن اشكر نعمتك التي أنعمت عليّ وعلى والدي... ) . [سورة النمل: الآيتان 18-19].
وهكذا كشف عن اللغة الخاصة في التخاطب فيما بين النمل، والعلم حديثاً بيّن بعض أسرار هذه اللغة في النمل والدجاج والكلب وغيرها.
ولا بأس أن نشير إلى أن في سورة النمل بيان لقدرة النبي سليمان على فهم لغة الحيوانات بإذن الله تعالى.
فتقرأ: (وحشر لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير فهم يوزعون... وتفقد الطير فقال مالي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين... فمكث غير بعيد فقال (الهدهد) أحطتُ بما لم تحط به (يا سليمان) وجئتك من سبأ بنبأٍ يقين، إني وجدت امرأة تملكهم وأُوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم. . ) . [سورة النمل: الآيات 17-20-22-23].
فنلمس نوعاً من التحدي يصدر من الهدهد هذا الطائر المعروف للنبي سليمان بقوله أحطت بما لم تحط به. . هذه اللغة كان يفهمها النبي سليمان وهي تبقى لغزاً أمام التطور العلمي مع اعترافه التام بوجود هذه اللغة في عالم الحيوان.
(ط) والقضية العلمية الجديدة أحب أن أسجلها فاليوم تظهر كثير من الدراسات العلمية تثبت إعجاز القرآن الكريم ويصرح العلماء والمفكرون في أكثر من موقع أن هذه المعجزة لا يمكن أن تكون من نتاج إنساني أبداً بل من لدن عليم خبير.
والمعجزة هذه المرة بالأعداد والأرقام: (الله الذي نزل الكتاب بالحق والميزان) . [سورة الشورى: الآية 17].
فالميزان هو العدل والدقة في الإنصاف وفي الأحكام والتعاليم وكذلك في عدد حروف القرآن الكريم فهي دقيقة ودالة على المعنى المقصود ضبطاً.
والمسألة العددية هذه تتمحور حول الرقم 19 الذي هو عدد حروف البسملة (بسم الله الرحمن الرحيم) فهو السر في الأعجاز العددي الرقمي القرآني الذي لا يقبل القسمة وهذه الفكرة قدمها الدكتور رشاد خليفة المصري بعد دراسة وافية استمرت أكثر من عشر سنوات مستعيناً بالعقل الإلكتروني وعلى ضوء ما يذهب إليه المفسرون المعاصرون في الآية الكريمة:
(سأصليه سقر، وما أدراك ما سقر، لا تبقي ولا تذر، لواحة للبشر، عليها تسعة عشر) . [سورة المدثر: الآيات 26-30].
أي عليها عدد حروف البسملة الذي هو 19 وإن كلمة من البسملة تتكرر في القرآن الكريم أضعاف رقم 19 فكلمة (اسم) الواردة في القرآن عدا الموجود في البسملة فقد وردت بصيغة (اسم الله) (اسم ربك) (اسم ربه) وردت 19 مرة.
والبسملة تكررت على عدد سورة القرآن 114 وحتى في سورة النمل وردت في حكاية كتاب سليمان إلى ملكة سبأ (وإنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم) ويعني ذلك 19 × 6 = 114.
وكلمة (الله) تكررت في القرآن: 2698 مرة أي 19 ×142.
وكلمة (الرحمن) تكررت في القرآن: 57 مرة أي 19 × 3.
وكلمة (الرحيم) تكررت: 114 مرة عدد سور القرآن 19 × 6.
ومن جهة ثانية نجد في سورة (ق) : 57 قافاً أي 19 × 3.
والملفت للنظر إن (قوم لوط) ذكروا في القرآن 12 مرة بهذه الصيغة إلاّ في سورة (ق) فقد ذكروا بصيغة (إخوان لوط) محافظة على عد القافات فيها إذ لو ذكروا باسم (قوم لوط) لبلغت القافات فيها 58 مما يحدث الإخلال بعدد القافات في هذه السورة التي هي 57 والتي هي أضعاف عدد 19.
ونجد في سورة الشورى وفي افتتاحها (حم، عسق) وجود حرف القاف وعدد القافات فيها 57 قافاً أي 19 ×3.
ثم لو جمعنا 57 قافاً التي في سورة ق مع 57 قافاً في سورة الشورى لكان عدد مجموع سور القرآن.
ومثال آخر إن حرف (ن) يتكرر في سورة (ن والقلم وما يسطرون) 133 مرة أي 19 ×7 ومن اتجاه آخر ينطلق من التساوي العددي والتناسق الرقمي في موضوعات القرآن الكريم الذي لا حظه الدكتور عبد الرزاق نوفل في كتابه: (الإعجاز العددي للقرآن الكريم) وإنه ـ كما قال ـ وجه جديد من أوجه الإعجاز في القرآن لا يختلف في نتيجة الآراء وليس هو بتفسير أو تأويل تتعارض فيه الاجتهادات وتتباين النظريات ولكنه حساب وأرقام وحقائق الحساب دائماً قاطعة وشواهد الأرقام أبداً دامغة.
فمثلاً الدنيا والآخر ورد ذكر كل منهما في القرآن 115 مرة رغم أنهما لن يذكرا مجتمعين إلاّ في خمسين آية. .
والشياطين والملائكة ورد ذكر كل منهما 68 مرة سواء أكان منها المفرد أو الجمع. والموت ومشتقاته والحياة التي تختص بالخلق دون ما يختص بحياة الأرض ورد فيه ذكر كل منها 71 مرة.
والبصر وهو الرؤية بالحاسة الظاهرة مع مشتقاتها والبصيرة وهي الرؤية القلبية الداخلية تكرر ذكرها 148 مرة.
وبنفس العدد 148 مرة تكرر ذكر لفظ القلب والفؤاد ومشتقاتها والنفع والفساد مع مشتقاتهما تكرر ذكر كل منهما 50 مرة والصيف والحر والشتاء والبرد مع مشتقات البرد والحر ذكر كل منها 5 مرات.
والبعث والصراط ومشتقاتهما ذكرا (45) مرة وهكذا (20) .
وبالنتيجة نلاحظ أن الإعجاز العلمي لدى القرآن الكريم مستمر في بيانه وظهوره ولا زالت بعض آيات الكتاب هي في عداد الأسرار الغامضة على العقل الإنساني فهل بعد ذلك من يقول إنه من صنع بشري أو جاء صدفة أو وضعه ساحر أو كاهن؟.
ونذكر في حاشية بحث رقم 19 في القرآن الكريم أن المسألة ليست لها علاقة بالأفكار الباطنية المنحرفة لا من قريب ولا من بعيد كما يذهب البعض من المفكرين كالأستاذ أحمد السحمراني في كتاب (الحركات الباطنية) .
لعقدة هذا البعض من رقم 19 المقدس لدى بعض الباطنيين والربط بين الأمرين ربط بعيد عن الدقة العلمية وحينما نذكر ذلك إنا نضيف إلى سلسلة الإعجاز القرآني في العصر الحديث ما نسميه بالإعجاز العددي قد ينفع الشباب للاطمئنان بعقائدهم وكتابهم الكريم بشكل أفضل.