قال
رجاء بن حيوة: لما مات أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز وقام يزيد بن عبد
الملك بعده في الخلافة، أتاه عمر بن الوليد بن عبد الملك فقال ليزيد يا
أمير المؤمنين ! إن هذا المرائي - يعني عمر بن عبد العزيز - قد خان من
المسلمين كل ما قدر عليه من جوهر نفيس ودر ثمين، في بيتين في داره مملوءين،
وهما مقفولان على ذلك الدر والجوهر.
فأرسل يزيد إلى أخ...ته فاطمة بنت عبد الملك امرأة عمر: بلغني أن عمر خلف جوهرا ودرا في بيتين مقفولين.
فأرسلت إليه: يا أخي ما ترك عمر من سبد ولا لبد، إلا ما في هذا المنديل.
وأرسلت إليه به، فحله فوجد فيه قميصا غليظا مرقوعا، ورداء قشبا، وجبة محشوة غليظة واهية البطانة.
فقال يزيد للرسول: قل لها: ليس عن هذا أسأل، ولا هذا أريد، إنما أسأل عما في البيتين.
فأرسلت
تقول له: والذي فجعني بأمير المؤمنين ما دخلت هذين البيتين منذ ولي
الخلافة، لعلمي بكراهته لذلك، وهذه مفاتيحهما فتعال فحول ما فيهما لبيت
مالك.
فركب يزيد ومعه عمر بن الوليد حتى دخل الدار ففتح أحد البيتين فإذا فيه كرسي من أدم وأربع آجرات مبسوطات عند الكرسي، وقمقم.
فقال
عمر بن الوليد: أستغفر الله، ثم فتح البيت الثاني فوجد فيه مسجدا مفروشا
بالحصا، وسلسلة معلقة بسقف البيت، فيها كهيئة الطوق بقدر ما يدخل الانسان
رأسه فيها إلى أن تبلغ العنق، كان إذا فتر عن العبادة أو ذكر بعض ذنوبه
وضعها في رقبته، وربما كان يضعها إذا نعس لئلا ينام، ووجدوا صندوقا مقفلا
ففتح فوجدوا فيه سفطا ففتحه فإذا فيه دراعة وتبان، كل ذلك من مسوح غليظ،
فبكى يزيد ومن معه وقال: يرحمك الله يا أخي، إن كنت لنقي السريرة، نقي
العلانية.
وخرج عمر بن الوليد وهو مخذول وهو يقول: أستغفر الله، إنما قلت ما قيل لي.