الغرب لن يستمر قوة عظمي أمام "الوحدة الإسلامية"
الأهرام اليومى
بقلم: عبدالجواد توفيق
د. رفيق حبيب
"إذا قامت دولة الوحدة الإسلامية فلن يستمر الغرب كقوة عظمي والأهم من ذلك
ان دور الحضارة الغربية بوصفها الحضارة المتقدمة والمهيمنة علي العالم سوف
ينتهي، ان حلم العولمة وهو حلم هيمنة الليبرالية الغربية علي العالم سوف
ينتهي اذا قامت دولة اسلامية موحدة". فدولة الحضارة الإسلامية تحرر العالم
أما دولة الحضارة الغربية فتستعمر العالم.
السطور السابقة كتبها د. رفيق حبيب تحت عنوان الاسلام الجديد مشروع بلا
خلافة وهي مدخل مهم للتعرف علي الرجل وأفكاره واجاباته علي الأسئلة التي
طرحناها عليه في حوار مع "الأهرام" نستعرض تفاصيله في السطور التالية.
- علاقتك بالاخوان المسلمين كيف تراها وكذلك الجماعة؟
في البداية انا متخصص في شئون الحركات الإسلامية ودارس للمشروع الحضاري
الإسلامي ومهتم بالحوار مع كل الحركات الاسلامية وعلي رأسها جماعة الإخوان
المسلمين حيث إنني علي صلة وحوار مستمر معهم حول القضايا الاجتماعية
والسياسية وموقف الجماعة ورؤيتها في القضايا المختلفة كما نتبادل وجهات
النظر ضمن متابعة ودراسة الحركات الاسلامية عموما وكذلك متابعة دور التيار
الاسلامي في المجتمعات العربية، والاسلامية ثم إن المرجعية الحضارية
الاسلامية هي مرجعية كل الأمة الاسلامية بكل اوطانها بما فيها مصر وهي
مرجعية كل مكونات الأمة: المسلم وغير المسلم والعربي وغير العربي واعتقد ان
الحضارة الاسلامية تعبر عن المسلمين والمسيحيين في مصر كما ان المسيحيين
اشتركوا تاريخيا في بناء الحضارة العربية والاسلامية واسهموا اسهامات
ثقافية وحضارية فاعلة وفي تصوري أن جماعة الإخوان المسلمين هي من الجماعات
المركزية والمحورية التي تحمل مشروع النهضة الاسلامية القائم علي اصلاح
المجتمع والنظام السياسي وتحقيق الوحدة العربية والاسلامية لتحقيق النهضة
للأمة الاسلامية كلها وهي حركة تتميز بموقفها الوسطي المعتدل ويقوم منهجها
علي الإصلاح السلمي المتدرج كما انها تتبني الاصلاح من أسفل الي أعلي أي
تبدأ بالمجتمع وصولا الي الاصلاح السياسي.
- تري ان العولمة الغربية هي طرح مضاد للمشروع العربي الاسلامي. كيف؟
لقد لفت نظري أن الغرب بدأ يتقبل الحركة الاسلامية ولكن بشروط تفقدها أهم مايميزها في مشروعها الحضاري.
لذلك تكلمت عن "اسلام بلا خلافة" أي اسلاما يقبل غربيا بقدر تنازله عن
مشروع الوحدة العربية الاسلامية ومن الواضح أن العولمة الغربية عندما فشلت
في مواجهة المشروع الإسلامي بالكامل أصبحت تحاول استقطاب الفصائل الاسلامية
التي ترضي بالعمل وفق شروط العلمانية الغربية وهو ماجعل الغرب يتحمس لأي
اطروحات اسلامية تقبل بالعلمانية السياسية مقابل التنازل عن فكرة الوحدة
الاسلامية للأمة.
- قلت ايضا ان الدولة القومية القطرية هي جزء من ذلك؟
لأنني اعتقد أن نموذج الدولة القطرية هو الذي فكك الوحدة الاسلامية واصبحت
الدولة القطرية العربية والاسلامية من الضعف حيث استسلمت للتبعية الغربية
وتفكيك المنطقة أدي الي قيام دولة اسرائيل لذلك أري ان بقاء الدولة القومية
القطرية وعرقلة مشروع الوحدة الاسلامية والعربية هو هدف وغاية غربية
لاستمرار الهيمنة الغربية وحماية دولة الاحتلال الصهيوني.
- الكثير من الأقباط ابدي تخوفه من بقاء المادة الثانية في الدستور. هل أنت معهم في ذلك؟
أولا يجب ان نفهم المادة الثانية من الدستور بأنها تقدم المساواة في الحقوق
والواجبات للمسيحيين وثانيا تقدم لهم حماية لتميزهم الديني وثالثا تتيح
لهم قوانين الاسرة الخاصة بهم، اذن في الشريعة الاسلامية تحقق المساواة مع
الحفاظ علي التميز، في حين ان القوانين الوضعية العلمانية تحقيق المساواة
ولكن تلغي التميز فاذا طبقت العلمانية في مصر فلن تسمح للمسيحيين بأن يكون
لهم قانون للأحوال الشخصية وسيخضعون للقانون الذي تتوافق عليه الأغلبية.
الأمر الآخر ان البعض لا يفهم ان مقاصد الشريعة الإسلامية هي نفسها القيم
الثقافية الموجودة في الوعي الجمعي للمصريين جميعا مسلمين ومسيحيين وان
القيم الاجتماعية للشريعة الاسلامية لا تختلف عن القيم الاجتماعية للمسيحية
والشرقية مما يجعل مرجعية الشريعة الاسلامية متفقة مع القيم والتقاليد
السائدة للمسيحيين في مصر.
- تحدثت عن "الأمة الوسط" فماذا كنت تعني؟
الأمة الإسلامية لها خصائص حضارية أكسبتها صفة "الأمة الوسط" فهي تتميز
بالتكامل بين الدين والدنيا والروح والجسد وهذه التكاملية تحميها من أي
نزعات دينية متطرفة أو نزعات مادية متعصبة لذلك كانت الحضارة الاسلامية
وتميزها في التاريخ البشري وعندما تنهض الأمة الاسلامية من جديد ستعود
للقيام بدورها في التاريخ البشري كما كان في الماضي.
- قلت ان الكنيسة المصرية لها موقف مزدوج من الاحتماء بالغرب. فما رؤيتك؟
كانت رؤيتي للكنيسة في العهد السابق أنها اعتبرت الدعم الغربي احدي اوراقها
في هذه العلاقة مع الدولة وان كانت لم تلجأ لها مباشرة بل كان يتم اللجوء
اليها من قبل بعض جمعيات اقباط الخارج او المهجر وبالتالي الغرب وحاولت
الكنيسة ان تفاوض الدولة لتحصل علي بعض مطالبها مقابل تأييدها للنظام
الحاكم السابق وأظن ان هذا الوضع وتلك العلاقة تحتاج الي مراجعة بعد تغيير
الأوضاع عقب ثورة 25 يناير واري ان الحل الحقيقي للكنيسة والأقباط هو
الحاضن الاجتماعي بأغلبيته المسلمة.
- كنت صاحب اقتراح هيئة العلماء في برنامج حزب الإخوان كيف؟
كنت واحدا ممن قرأوا المسودة الأولي لبرنامج حزب الإخوان المسلمين في العهد
السابق وكان لي بعض الملاحظات، وكان منها أهمية أن يذكر البرنامج كيفية
تطبيق شأن من مسائل الشريعة الإسلامية. حيث تري الجماعة ان أي تشريع يصدر
امر راجع إلي البرلمان وبالأغلبية وأي طعن فيه يقدم للمحكمة الدستورية، أما
دور العلماء فهو استشاري للمجلس التشريعي وهذه الفقرة أضيفت إلي البرنامج
وفهمت خطأ وتصور البعض أن رأي العلماء ملزم علي عكس النص، وأوضحت الجماعة
منذ اليوم الأول أن رأي العلماء استشاري مثل رأي مجمع البحوث الإسلامية.
- وماذا عن مبدأ الولاية العامة للمسلم؟!
بالنسبة لهذا المبدأ فعندما صدرت القراءة الأولي كانت الرؤية السياسية
للإخوان المسلمين تري أن رئيس الدولة مكلف بمسئوليات إسلامية حسب رؤيتها
تستلزم ان تكون فيه "شروط الإمامة" ودار النقاش حول ذكر هذه القضية أو
السكوت عنها في مسودة البرنامج، وكنت أري أن ذكر هذه القضية أفضل من
السكوت، خاصة أنها مذكورة في وثائق رسمية للإخوان المسلمين والسكوت عنها
يثير الغموض، ويجعل البعض يتصور أن هناك امورا أخري مسكوتا عنها لذلك انحزت
إلي ان تذكر الجماعة هذا الرأي طالما أنه رأيها.
- وكيف توترت العلاقة بين الأقباط والمسلمين؟
صحيح أن المجتمع المصري ظل خلال اربعة عقود يمر بمرحلة تفكيك وضعف وانتشرت
فيه درجة عالية من التعصب بين المسلمين والمسيحيين ولم يجد كلاهما اطارا
يعيد وحدتهما مرة أخري ولم تقم الدولة بهذا الدور لأن النظام السابق استغل
هذه الفرقة لتأمين بقائه في السلطة، واضعاف المجتمع، ومع تكرار حوادث العنف
الديني اصبح الجرح غائرا بين المسلمين والمسيحيين حتي وصلنا إلي 25 يناير،
وبدأ يتشكل اطار نضالي يجمع بين الطرفين مرة أخري لكن مازالت حالة النزاع
الديني عميقة ولا يمكن تجاوزها دفعة واحدة، لكن المجتمع المصري بدأ طريقه
للتخلص من النزاع الديني الطائفي واستعادة وحدته مرة ثانية.
- وكيف تري شعار "الإسلام هو الحل"؟
المقصود بهذا الشعار ان المرجعية الإسلامية هي الشريعة الإسلامية، لذلك
اعتبرته كل المحاكم المصرية شعارا سياسيا وليس دينيا لأنه لا يتكلم عن
العقيدة، وقضايا الكفر والايمان، ولكن يتحدث عن تطبيق الشريعة كمرجعية
لإصلاح النظام السياسي والدولة، ولذلك استخدمته جماعة الاخوان المسلمين في
السنوات الماضية لأنه اصبح شعارا يميزها عن التيارات السياسية الأخري.
وانا لا اعترض علي استخدام جماعة الإخوان المسلمين لهذا الشعار لكن المشكلة
ان البعض لم يفهم مضمونه لأنه عنوان مختصر يقول إن الإصلاح والتطوير
سيتحقق من خلال المرجعية الإسلامية في حين اعتبره البعض شعارا دينيا رغم
انه شعار سياسي تطبيقي.
- وهل الأحزاب ذات الصبغة الإسلامية ضد الدولة المدنية؟
الدولة المدنية تستمد مرجعيتها من الإرادة الشعبية الحرة وينتخب فيها ممثلو
الشعب وحكامهم بإرادة الشعب الذي يختارهم ويحاسبهم ويعزلهم، وبهذا المعني
إذا اختارت الأغلبية المرجعية الإسلامية تصبح دولة مدنية ذات مرجعية
إسلامية.
وإذا اختارت العلمانية تصبح مدنية ذات مرجعية علمانية فالدولة المدنية يمكن
ان تستند إلي المرجعية الإسلامية والعلمانية حسب ما تختاره الأغلبية لذا
فوجود الأحزاب الإسلامية لا يهدد الدولة المدنية ما دامت هذه الأحزاب ترضي
بما يأتي به صندوق الانتخاب والاقتراع وتقبل اختيارات اغلبية المجتمع.
- اين تكون الكنيسة حال تطبيق العلمانية؟
إذا طبقت العلمانية في مصر وقد شهدت جمهورية "يوليو" تطبيقا نسبيا لها فإن
التطبيق الكامل سوف يهدد دور الدين في الحياة العامة وسيؤدي إلي انحسار دور
الإسلام كما سيؤدي إلي تقليص دور الكنيسة وتفكيك الجماعة المسيحية أو
جماعة المؤمنين داخل الكنيسة وتفكيك دور الكنيسة الحالي لجماعة المؤمنين
وسيؤدي في النهاية إلي تراجع الدور والحضور المسيحي في مصر.
- هل تشارك في تأسيس وعضوية بحزب الإخوان الجديد؟
مازالت أوراق الحزب داخل لجان الجماعة ولا يوجد مانع من المشاركة والعضوية
في الحزب والقرار سيكون بعد الانتهاء من الاجراءات الرسمية لتأسيسه.
- كيف تقيم دعوة المرشد العام للأخوان المسلمين للحوار مع الشباب القبطي؟
أري أن سبل التواصل بين الكنيسة والحركة الإسلامية وبين الأقباط والحركة
الإسلامية انقطعت منذ سنوات طويلة وتشكلت لدي الاقباط صور مغلوطةعن الحركة
الإسلامية مما أدي إلي تصورات فردية كونت لدي الأقباط هواجس ومخاوف من
الحركة الإسلامية حتي بدا الاقباط وكأنهم يعرقلون حق الحركة الإسلامية في
العمل السياسي كما أن معظم النخب العلمانية استخدمت ورقة الاقباط في
معركتها مع التيار الإسلامي.
لذلك أري ان المناخ الجديد الذي نعيشه يجعل من كل مبادرات التواصل والحوار
ضرورة لأن المهم أن نستعيد حالة التواصل والتعارف بين مكونات المجتمع ونزيل
حالات الاحتقان، ونقاوم التصورات السلبية الموجودة وأي حالات للحض علي
الكراهية ضد المختلفين حتي تستمر مكاسب الثورة في أفضل صورة لاننا نحتاج
استعادة وحدتنا من أجل بناء مجتمع قوي، لأنه الشرط اللازم لبناء دولة
العدالة والديمقراطية.
- كيف تقيم مشاركة الإخوان في ثورة 25 يناير؟
الإخوان شاركوا منذ اليوم الأول ففي الأيام الثلاثة الأولي كانت المشاركة
جزئية وتتصاعد وفي 28 يناير شارك الإخوان مشاركة كاملة أي بقوة الجماعة،
وظلت هذه المشاركة حتي 11 فبراير بخلع الرئيس السابق.
كما كان لهم أدوار متميزة مثل دورهم في 28 يناير في جمعة الغضب، وكان لهم
دور متميز أيضا في الحشود المليونية، وايضا دور كبير في الأقاليم كما كان
لهم أيضا دور في حماية الثورة في 2 فبراير المعروف بموقعة الجمل وأخيرا كان
لهم دور متميز في الحماية الليلية للميدان ومداخله.
- ما مدي نجاح مبادرة الإخوان المسلمين التي دعت إليها القوي السياسية؟
أري أنها مبادرة لها شقان الأول انهم ارادوا ان يحددوا لأنفسهم مقاعد
يتنافسون عليها ثم ينسقوا ويدعموا آخرين في مقاعد أخري علي اساس أنه تحالف
للقوي السياسية يحصل علي أغلبية برلمانية، كما اشتملت المبادرة علي برنامج
سياسي لكل هذه القوي عندما تحصل علي الأغلبية تنفذ هذا البرنامج المتفق
عليه مسبقا، وفي النهاية القرار للقوي السياسية إذا ارادت ان تبدأ بالتنافس
أو التحالف السياسي في انتخابات مجلس الشعب القادمة. والتحالف يساعد
الجميع علي أن يكون هناك أغلبية برلمانية لها برنامج موحد. وأري أن أولويات
العمل الوطني منذ انتخابات مجلس الشعب الجديد وحتي صدور الدستور الجديد
كلها متفق عليها وليست محل خلاف، بما فيها بناء تشريعات ديمقراطية الحريات،
لهذا اتصور أن هذا وقت التحالف، وبعد الدستور الجديد يأتي دور التنافس
السياسي.
- هل تتفق مع الإخوان أن الإسلام دين ودولة؟
الإسلام دين ودولة تعني أن الإسلام عقيدة وشريعة، والعقيدة معروفة
باعتبارها جانبا دينيا، أما الشريعة فهي جانب تطبيقي للحياة وهو الذي انتج
الثقافة والحضارة الإسلامية وهي الجانب الذي اشترك فيه المسلمون والمسيحيون
عبر التاريخ وهو الجانب التطبيقي الذي تعمل فيه جماعة الإخوان المسلمين،
وهو الجانب السياسي وبمعني آخر الشريعة الإسلامية هي الأرضية الثقافية
والحضارية التي يمكن ان يجتمع فيها المسلم والمسيحي في مشروع حضاري وسياسي
واحد.
http://digital.ahram.org.eg/articles...57617&eid=5358