خِلَافَةٌ رَاشِدَةٌ قَبْلَ المَهدِيِّ للشيخ محمد اسماعيل المقدم
هذا موضوع لأحد الأخوة اختصر فيه كلام الشيخ المقدم في كتابه فقه أشراط الساعة أحببت نقله لكم
خِلَافَةٌ رَاشِدَةٌ قَبْلَ المَهدِيِّ
الحمد لله وكفا ، وصلاةً وسلاماً على عبده المصطفى ، وآله وأصحابه المستكملين الشرفا
أما بعد :
فقد إقتصرت في هذا المبحث ، على ما أورده فضيلة الشيخ محمد بن إسماعيل المقدم في كتابه الفريد " فقه أشراط الساعة "
بإختصار أرجوا من الله – عز وجل - ألا يكون بالمُقِل ولا بالمُخِل
وقد ينتج خطأ مبناه التقديم و التأخير
أو من الفهم السقيم ما لايستقيم
فإني أستغفر الله منه ، وأعتذر للشيخ عنه
والجدير بالذكر أن الشيخ حفظه الله أورد مسلكين للعلماء في هذا الباب
وما أوردته – بإختصار – القول بظهور خلافة راشدة قبل المهدي
وقد علق عليه الشيخ - حفظه الله قائلاً :
( هذا حاصل اجتهاد هذا الفريق ، والله تعالى أعلم ، ونسبة العلم إليه – عز وجل – أسلم وأحكم )
أسأل الله التوفيق والسداد
فهو المستعان وعليه التكلان
هل عودة الخلافة مرتبط بظهور المهدي ؟
يقول الشيخ – حفظه الله -
سمعت العلامة ناصر الدين الألباني – رحمه الله تعالى – يقول في معرض
مناقشته للذين أدَّعوا اقتراب ظهور المهدي : " ما أظن أن هذا أوان ظهوره ،
فهذا مقتضى السنة الكونية ، وما أحسب المهدي يقْدرُ – خلال سبع سنين – على
أن يحدث من التغيير في العالم أكثر مما أحدثه رسول الله – صلى الله عليه
وسلم – خلال ثلاث وعشرين سنة ، وظني أن المهدي سيكون رجلاًَ فريداً في كل
باب ، فريداً في علمه ، فريداً في ورعه ، فريداً في عبادته ، فريداً في
خُلُقه ، وأنه سيظهر وقد تهيأ للعالم الإسلامي وضع صَلُحَ فيه أمر الأمة ،
وتمت فيه مرحلتا " التصفية والتربية " ، ولم يبق إلا ظهور الزعيم المُصْلح
الذي يقوده وهو المهدي " وذلك بخيمته في منى في موسم الحج عام (1399هـ) ،
قبيل فتنة ( المهدي القحطاني ) بأسبوعين
" وقال – رحمه لله – في سياق رده على من زعم أن دولة
الخلافة الإسلامية لن تعود قبل ظهور المهدي : " واعلم أخي المسلم أن كثيراً
من المسلمين اليوم قد انحرفوا عن الصواب في هذا الموضوع ، فمنهم من استقر
في نفسه أن دولة الإسلام لن تقوم إلا بخروج المهدي ، وهذه خرافة وضلالة
ألقاها الشيطان في قلوب كثير من العامَّة ، وبخاصة الصوفية منهم ، وليس في
شيء من أحاديث المهدي ما يُشعر بذلك مطلقاً ، بل هي كلها لا
تخرُج عن أن النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – بشَّر المسلمين برجل من أهل
بيته ، ووصفه بصفات أبرزها : أنه يحكم بالإسلام ، وينشر العدل بين الأنام ،
فهو في الحقيقة من المجددين الذي يبعثهم الله في رأس كل مائة سنة ، كما صح
عنه – صلى الله عليه وآله وسلم – فكما أن ذلك لايستلزم ترك السعي وراء طلب
العلم ، والعمل به لتجديد الدين ، فكذلك خروج المهدي لا يستلزم التواكل
عليه ، وترك الاستعداد والعمل لإقامة حكم الله في الأرض ، بل العكس هو
الصَّواب ، فإن المهدي لن يكون أعظم سعياً من نبينا محمد صلى الله عليه
وسلم ، الذي ظل ثلاثة وعشرين عاماً وهو يعمل لتوطيد دعائم الإسلام ، وإقامة
دولته ، فماذا عسى أن يفعل المهدي لو خرج اليوم ،
فوجد المسلمين شيعاً وأحزاباً ، وعلماءهم – إلا القليل منهم – اتخذهم الناس
رءوساً ، لما استطاع أن يقيم دولة الإسلام إلا بعد أن يوحد كلمتهم ،
ويجمعهم في صف واحد ، وتحت راية واحدة ، وهذا – بلا شك – يحتاج إلى زمن
مديد الله أعلم به ، فالشرع والعقل معاً يقضيان أن يقوم بهذا الواجب
المخلصون من المسلمين ، حتى إذا خرج المهدي ، لم يكن بحاجة إلا أن يقودهم
إلى النصر ، وإن لم يخرج – أي في زمانهم – فقد قاموا بواجبهم ، والله يقول "
وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ "
يقول الشيخ نقلاً عن كتاب " الجماعات الإسلامية في ضوء الكتاب والسنة " :
( وأحاديث المهدي الصحيحة تخبر بظهور مصلح في آخر الزمان ، يحكم بالكتاب
والسنة ، يملأ الأرض عدلاً بعد ما ملئت جوراً وظلماً ، يبايع وهو مُكره ،
يحكم ثماني أو سبع حجج ، يكثر المال في زمانه ، ويحثوه ولا يعده ، اسمه
محمد بن عبد الله ، من أهل بيت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ومن ولد
فاطمة – رضي الله عنها - ، وهو إمام عادل تقي وحاكم منصف ، وليكن معلوماً
لدى الجميع أن الخلافة الراشدة تعود قبل ظهور المهدي ، وليس كما يعتقد
الناس ، وتزعم بعض الجماعات الإسلامية مثل جماعة التبليغ أن الخلافة يرجعها
المهدي ، وهم ينتظرونه ، فإن هذا ما لا دليل عليه ، به هو وهمٌ وخرصٌ
وتحمينٌ )
و يقول الشيخ – حفظه الله - :
( قال الأستاذ سعيد حوى – رحمه الله تعالى – " إن دولة اليهود الحالية على
كل الاتجاهات في الفهم للنصوص ستنتهي ، وليست نهايتها معلقة بنزول المسيح
عيسى ابن مريم – عليه السلام - ، إن النصوص الواردة في الحجر والشجر يدلان
المسلم على اليهودي ليقتله ليست واردة في هؤلاء اليهود ، بل في يهود يقدمون
مع الدجال )
أحاديث يُفهمُ منها قيام خلافة راشدة قبل خروج المهدي
يقول الشيخ - حفظه الله - : وفي كتابهما " الجماعات الإسلامية في ضوء
الكتاب والسنة " يُفصل المؤلفان هذا المسلك ، ويقولان ما ملخصه – بتصرف
وإضافات - :
وقد وردت أحاديث يُفهمُ منها قيام خلافة راشدة قبل خروج المهدي :
1- ومنها ما رواه عبد اللَّه بن حَوَالَةَ الأَزدِيُّ – رضي الله عنه – قال
: بعثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حول المدينة على أقدامنا لنغنم
فرجعنا ولم نغنم شيئا وعرف الجهد في وجوهنا فقام فينا فقال " اللَّهُمَّ
لَا تَكِلْهُمْ إِلَيَّ فَأَضْعُفَ وَلَا تَكِلْهُمْ إِلَى أَنْفُسِهِمْ
فَيَعْجِزُوا عَنْهَا وَلَا تَكِلْهُمْ إِلَى النَّاسِ فَيَسْتَأْثِرُوا
عَلَيْهِمْ " ثم قال" لَيُفْتَحَنَّ لَكُمْ الشَّامُ وَالرُّومُ وَفَارِسُ
أَوْ الرُّومُ وَفَارِسُ حَتَّى يَكُونَ لِأَحَدِكُمْ مِنْ الْإِبِلِ كَذَا
وَكَذَا وَمِنْ الْبَقَرِ كَذَا وَكَذَا وَمِنْ الْغَنَمِ حَتَّى يُعْطَى
أَحَدُهُمْ مِائَةَ دِينَارٍ فَيَسْخَطَهَا " ثم وضع يده على رأسي أو هامتي
فقال" يَا ابْنَ حَوَالَةَ إِذَا رَأَيْتَ
الْخِلَافَةَ قَدْ نَزَلَتْ الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ فَقَدْ دَنَتْ
الزَّلَازِلُ وَالْبَلَايَا وَالْأُمُورُ الْعِظَامُ وَالسَّاعَةُ
يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ إِلَى النَّاسِ مِنْ يَدَيَّ هَذِهِ مِنْ رَأْسِكَ " –
أخرجه الإمام أحمد ، والبخاري في تاريخه ، وصححه الألباني في " صحيح أبو
داود "فأخبر أن الخلافة في آخر الزمان تكون في القدس ، وبعد ذلك
تظهر الأشراط الكبرى للساعة بما تحمله من زلازل وفتن ، و علق الشيخ سعيد
حوى – رحمه الله تعالى – على لفظة " إذا رأيت الخلافة قد نزلت الأرض
المقدسة .. " قال : ( الظاهر أن الحديث في خلافة تكون عاصمتها القدس ، وإلى
القدس يذهب المسيح – عليه السلام – بعد نزوله في دمشق ، وهذا يشير إلى أن فلسطين وقتذاك بيد المسلمين ، وأن دولة اليهود الحالية ذاهبة منتهية )2-
ومنها ما رواه معاذ بن جبل – رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - " عُمْرَانُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ خَرَابُ يَثْرِبَ
وَخَرَابُ يَثْرِبَ خُرُوجُ الْمَلْحَمَةِ وَخُرُوجُ الْمَلْحَمَةِ فَتْحُ
قُسْطَنْطِينِيَّةَ وَفَتْحُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ خُرُوجُ الدَّجَّالِ "
ثم ضرب بيده على فخذ الذي حدثه أو منكبه ثم قال " إِنَّ هَذَا لَحَقٌّ
كَمَا أَنَّكَ هَاهُنَا أَوْ كَمَا أَنَّكَ قَاعِدٌ يَعْنِي مُعَاذَ بْنَ
جَبَلٍ "– رواه أبو داود في الملاحم وصححه الألباني - ، وفتح القسطنطينية
سيتم في زمن المهدي الذي هو في زمن عيسى عليه السلام
قالوا: وعمران بيت المقدس سيكون بالخلافة النازلة
فيه ، وهذا يستلزم تحرير القدس ، وتحريرها يستلزم قيام الجهاد الشرعي
الإسلامي ضد اليهود هناك
3- ومنها ما رواه المقداد بن الأسود – رضي الله عنه - قال سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول " لَا يَبْقَى عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ بَيْتُ
مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ كَلِمَةَ الْإِسْلَامِ
بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ ذُلِّ ذَلِيلٍ إِمَّا يُعِزُّهُمْ اللَّهُ عَزَّ
وَجَلَّ فَيَجْعَلُهُمْ مِنْ أَهْلِهَا أَوْ يُذِلُّهُمْ فَيَدِينُونَ
لَهَا " – رواه الإمام أحمد
قالوا : وقوله – صلى الله عليه وسلم – " فيدينون لها " فيه إشارة إلى
الجزية ، وإشارة أخرى إلى أن هذا إنما يكون قبل نزول المسيح عليه السلام ،
لأنه لا يقبل الجزية من أحد
يقول الأستاذ سعيد حوى – رحمه الله تعالى- ( أنه يستفاد من أن المهدي
والمسيح - عليه السلام – سيتعاصران : أن خلافة راشدة ستسبقهما ، وقد نقل
كثير من العلماء نصوصاً وسكتوا عنها – الشيخ المقدم : بل صححها جمع من
العلماء كما في كتابي " المهدي " – تفيد أن نزول المسيح في زمن المهدي ،فإن
صح هذا الإتجاه فهذا يفيد أنه سيكون قبل ذلك خلافة على منهاج النبوة تكتسح
الأرض كلها ، وستفتح الأمة الإسلامية العالم ، ولا يبقى بيت مَدَرٍ ولا
وَبَرٍ إلا دخلته كلمة الإسلام بعز عزيز وذل ذليل ، ومظهر الذلة دفع الجزية
، بينما المسيح عليه السلام لا يقبلها )
مهدينا ليس منتظراً !!
ويقول الأستاذ سعيد حوى – رحمه الله – ( وبعض المسلمين علقوا فكرة العمل
للخلافة على ظهور المهدي ، مع أن العمل لإيجاد خليفة للمسلمين فريضة شرعية ،
فلا يصح أن يُغلًّق العمل لها حتى يظهر شخص ما ) ثم يقول ( وأغلب الذين
ينتظرون خروج المهدي يعتبرونه كائناً بين يدي نزول المسيح بن مريم عليه
السلام ، ويتوقعون - مع هذا – أن ظهوره أصبح قريباً ، مع أن ظواهر هذه
النصوص تشير إلى أن بيننا وبين نزول المسيح – عليه السلام – أمداً ،
ففلسطين لا تكون وقتذاك مقراً لليهود ، بل اليهود الذين يأتون إليها وقتذاك
يأتون مع المسيح الدجال ، وتكون فلسطين وقتذاك مقراً للخلافة الراشدة )
على يد من تعود الخلافة ؟
يقول الشيخ نقلاً عن كتاب " الجماعات الإسلامية في ضوء الكتاب والسنة " :
( وهذا يؤكد حتمية عودة الخلافة الإسلامية ، وسيادتها العالم كله ،
والخلافة لن تسقط على المسلمين في قرطاس من السماء ، ولكن للنصر أسبابه
المتعددة ، وقد بشر – صلى الله عليه وسلم – بفتح رومية ، وهذا الفتح لن يتم
إلا بالجهاد في سيبل الله عز وجل ، والصبر عليه وبذل الأموال والأنفس ،
والخلافة التي يقيمها هذا الجهاد خلافةٌ راشدةٌ على منهاج النبوة )
ويقول أيضاً ( فالطائفة المنصورة لابد أن يكون منهجها موافقاً لمنهاج
النبوة ، الذي هو منهج السلف الصالح ، والرعيل الأول الذي قام على الاتباع
وترك الابتداع ، لأنه هو المنهج الوحيد القادر على ‘عادة الخلافة في الأرض ،
وهي مع ذلك تحتاج رجالاً أولي عزم وتقى ، يقوم على أكتافهم هذا البعث
الجديد ، فلا بد من تربيتهم على الكتاب والسنة ، ولا بد من علاج هذا الواقع
الأليم الذي يعاني منه المسلمون في كل مجال في ضوء شريعة الله المصفاة من
كل دخيل الآراء والأهواء والبدع ، فعاد الأمر إلى كلمتين " التصفية
والتربية " )
وصلى الله على النبي
والحمد لله رب العالمين
أبو طارق السلفي السكندري
24 ربيع آخر 1432هـ.
منقول