لغير الله لن نركع المــــــــ نائبة ـــــــــــــــدير
الديانة : proud to be a muslim heart الجنسية : EGYPTIAN عدد المساهمات : 1282 العمر : 39 المهنة : HOUSEWIFE الابراج : الأبراج الصينية : نقاط : 30462 السمعة : 65 تاريخ الميلاد : 22/04/1985 تاريخ التسجيل : 26/11/2010 الموقع : https://ja-jp.facebook.com/group.php?gid=104557382928997&ref=ts العمل/الترفيه : TEACHING CHILDREN المزاج : FICKLE
| موضوع: الـــمــادة الــثــانــيــة فـي مـــيـــزان الإســــلام، حـــقـــائــق مـغــيـبـة !! 2011-12-29, 7:18 pm | |
| الـــمــادة الــثــانــيــة فـي مـــيـــزان الإســــلام، حـــقـــائــق مـغــيـبـة !!
بسم الله والحمد لله وحده ؛ والصلاة على من لا نبي بعده ؛ وسلم تسليما كثيرا ثم أما بعد ؛
فقد كثر الحديث والجدل عن المادة الثانية من الدستور المصري ما بين مدافع عن وجودها وما بين رافض لها وما بين مفسر لها كل على طريقته وذلك في إطار الحديث عن المشاركة في الانتخابات البرلمانية وتشكيل الأحزاب وغير ذلك من مظاهر ما يسمى باللعبة الديمقراطية إذ وجدنا أن كثيرا من الإسلاميين قد استندوا إلى وجود المادة الثانية من الدستور المصري كأساس شرعي لمشاركتهم في المعترك الديمقراطي
ولكن ما يثير العجب هو أن أغلب الإسلاميين في مصر قد بذلوا جهدا ضخما كي لا تلغى هذه المادة ؛ ما بين بيانات ومحاضرات ومؤتمرات وحشد للناس للمشاركة في الاستفتاء .... إلخ
مع أنهم في الوقت ذاته، لم يدرسوا هذه المادة دراسة جيدة من الناحية الدستورية والقانونية، ولم يقفوا على حقيقتها وقوفا متأنيا ونتج عن ذلك أنهم لم يبينوا للناس حقيقة هذه المادة من الناحية الشرعية ولم يوضحوا أوجه مخالفتها لشريعة رب العالمين ولم يظهروا للناس أن مجرد وجودها على هذه الصورة لا يعني تطبيق الشريعة، ولا يعني أن الحكم لله !!
اللهم إلا قليلا منهم ، وحتى هؤلاء فقد اكتفى أكثرهم بكلام مجمل عام، ولم يفصلوا ذلك من الناحية الشريعة والدستورية للناس خاصة المشتغلين منهم بالسياسة
حتى وصل الحال إلى أننا وجدنا أن الأغلبية الساحقة من عوام الناس صاروا يظنون أن وجود هذه المادة يعني أن مصر قد صارت دولة ذات دستور إسلامي !!، بل وكثير من أبناء الصحوة أنفسهم ، بل وبعض مشايخها صاروا يظنون ذلك أيضا !!
حتى إن أحد كبار المشايخ في مصر قد وصل به الأمر إلى أن مدح المادة الثانية مدحا كبيرا حين قال: (وهذه المادة تمنع وصف المنازعة لله -عز وجل- في الحكم على المجالس التشريعية المصرية، ومعناها أن هذه المجالس لا تملك أن تنازع الله في حكمه، وأن شرع الله - سبحانه وتعالى- إذا ثبت فلا يمكن لأحد منازعته ، كذلك حين يقسم رئيس الدولة ورئيس الوزراء وضباط الجيش والشرطة وأعضاء مجلس الشعب والشورى يقسموا على احترام الدستور الذي ينص على أن حكم الله لا يمكن أن يعارض، فهذا شيء عظيم جدًّا) انتهى كلامه
وقد كان لزاما على العلماء بدلا من ذلك ، أن يدرسوا هذه المادة دراسة جيدة متأنية، ليحيطوا بها من جميع جوانبها الدستورية والقانونية في ضوء الشريعة، ثم يبينوا حقيقة هذه المادة وأوجه مخالفاتها للشريعة الإسلامية بكلام واضح ، حتى ولو طالبوا بإبقائها وعدم إلغاءها
ولذلك فقد كان الهدف من تلك الرسالة هو أمران رئيسيان؛ الأول؛ هو توضيح حقيقة هذه المادة من الناحية الدستورية والقانونية في ضوء الشريعة الإسلامية وذلك من أجل وضع تصور صحيح للمشاركة السياسية (سواء بالمنع أو بالجواز) استنادا إلى وجود هذه المادة ، خاصة أن كثيرا من فصائل الإسلاميين قد بنوا رؤيتهم في المشاركة في الانتخابات البرلمانية إستنادا إلى وجود المادة الثانية في الدستور
الثاني؛ المساهمة في وضع تصور صحيح لكيفية إصلاح حال هذه المادة بل والدستور ككل بما يتوافق مع الشريعة وذلك حتى يستطيع الإسلاميون إنشاء دستور إسلامي صحيح لا يخالف أصول الدين، وحتى يستطيعوا تجنب خداع العلمانيين والليبراليين في هذا المجال،
إذ أن تشخيص الداء الحاصل حاليا هو أول خطوة في العلاج؛ وذلك لأننا لن نستطيع أن نقيم دستورا إسلاميا يرضى المولى جل وعلا، إلا بعد أن نعرف أوجه الخلل في الدساتير المعاصرة حتى نتمكن من علاجها
خاصة أن دخول الإسلاميين إلى العمل البرلماني قد يؤدي مع مرور الوقت إلى نسيان المفاهيم الصحيحة أو التصور الصحيح للدولة الإسلامية !!
وذلك لأن كثرة المساس بالنظام الديمقراطي الغير إسلامي وما يتضمنه من التعرض للضغوط من غير الإسلاميين، قد يخفض من سقف مطالب هؤلاء الإسلاميين من المطالبة بدستور إسلامي حقيقي إلى أن يصلوا إلى القبول بالوضع الحالي مع بعض الإصلاحات الطفيفة فيه والتي لا تجعله نظاما إسلاميا حقيقيا
وقد أشار الشيخ عبد المنعم الشحات المتحدث الرسمي باسم الدعوة السلفية في الإسكندرية إلى معنى قريب من هذا المعنى حين قال: (نريد أن نعيش والإسلام هو مصدر نظم مجتمعنا، كما أنه مصدر عقيدتنا وعبادتنا، ولكن حتى تأتي هذه اللحظة لابد لنا مِن تقليل الشر والفساد.ومِن ثمَّ فمتى عشنا في دولة مدنية فيجب علينا أن نحاول قدر الإمكان أسلمة ما يمكن منها دون التنازل عن توضيح الصورة الواجبة المطلوبة، وإلا فلو حصلنا على بعض إصلاحات فوصفناها بأنها هي المطلوب شرعًا؛ فسيكون هذا تحريفًا للدين وخيانة للأجيال القادمة).... من مقال [المادة الثانية من الدستور بين التفعيل والتعطيل]ـ
وقبل الدخول في الموضوع وحتى لا يحمل الكلام على غير وجهه، فلابد من التفريق بين أمرين؛ الأمر الأول؛ وهو الآثار المترتبة على وجود المادة الثانية والأمر الثاني ؛ وهو حقيقة المادة الثانية بذاتها ومدلولاتها الدستورية والقانونية
فبالنسبة للأمر الأول (ألا وهو الآثار المترتبة على وجودها)؛
فلا شك أن هناك بعض الآثار الإيجابية أو إن شئنا الدقة فلنقل : أنها منعت بعض الآثار السلبية مثل إصدار قوانين مؤتمر السكان وغيرها
لذلك قد لا ننكر أن وجود المادة الثانية ربما يمنع بعض الآثار السيئة وبالتالي فوجودها قد يكون أفضل من عدم وجودها من هذا الوجه وليس هذا هو محل الإشكال
ولكننا ينبغي أيضا ألا ننسى أن وجود المادة الثانية في الدستور على هذه الصورة الخادعة يلبس على عوام الناس دينهم بل ويلبس أيضا حتى على كثير من أبناء الصحوة أنفسهم بل والله وعلى بعض المشايخ أيضا كما ذكرنا آنفا !! ؛ إذ يظنون أن الدستور الذي يحكمهم هو دستور إسلامي أو يكاد !! ؛ أو يظنون أن المادة الثانية تتوافق مع الشريعة !! ؛
وهذا كله غير صحيح كما سيتضح لاحقا إن شاء الله
أما بالنسبة للأمر الثاني (الذي هو حقيقة المادة الثانية ذاتها ومدلولاتها) ؛
فلو راجعنا مواد الدستور القديم أو حتى الإعلان الدستوري الجديد نفسه فسنرى أن المادة الثانية في حد ذاتها وفي إطارها الدستوري والقانوني تخالف أصول الإسلام، ولا قيمة لها بميزان الشريعة الإسلامية
لدرجة أنه يمكننا القول بكل ثقة أن الدساتير التي حكمتنا كلها بما فيها الإعلان الدستوري الحالي نفسه ليست دساتير إسلامية بالمرة
وذلك لعدة أسباب تتعلق إما بصياغتها هي ذاتها أو بما يحيط بها من باقي مواد الدستور التي تضع المادة الثانية في إطار دستوري وقانوني غير إسلامي أصلا وليس فقط لأنها (غير مفعـلة) كما يقول البعض بل الأمر أكبر من ذلك بكثير
***************** *****************
وإن شاء الله سوف نعرض في هذا المقام 8 مخالفات رئيسية في المادة الثانية وما يحيط بها من مواد الدستور التي تتعلق بها وذلك في ضوء تفسيرات المحكمة الدستورية العليا
وهذه المخالفات إما تتعلق بصياغة المادة ذاتها وإما بآلية تنفيذها وإما بنقصان سيادتها على بقية مواد الدستور أو القوانين
مع التنبيه على أن هذه ليست هي كل المخالفات الموجودة ولكن يمكن القول أنها هي المخالفات الأكبر أو الأشد غموضا فيما يتعلق بالمادة الثانية وحدها
أولا: كلمة (مبادئ الشريعة) !! ثانيا: كلمة (المصدر الرئيسي) !! ثالثا: آلية تفعيلها هي آلية غير إسلامية رابعا: لا سيادة للمادة الثانية على بقية مواد الدستور خامسا: لا سيادة للمادة الثانية على القوانين الصادرة قبلها سادسا: مجلس الشعب له السيادة على المادة الثانية بموجب الدستور سابعا: الأساس الذي بنيت عليه هو اختيار الشعب لا حكم الله ثامنا: لا أهلية شرعية للقائمين على تفسيرها وتفعيلها
*********** ***********
نص المادة الثانية ؛ تقول المادة الثانية : (الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع)ـ
*********** *********** أولا: كلمة (مبادئ الشريعة) !! ؛
أصبح كثير من العلمانيين يستخدمون مصطلحات براقة جذابة يخدعون بها الناس مستغلين عدم معرفة عوام المسلمين بالمعاني الحقيقية لهذه المصطلحات
ومن أشهر تلك المصطلحات هو مصطلح (مبادئ الشريعة) فما الذي يقصدونه من هذا المصطلح ؟؟ إن كلمة (مبادئ الشريعة) ليس مقصودا بها أحكام الشريعة !! ؛ بل قيل في تفسيرها معنيان؛
المعنى الأول؛ هو أن المقصود بها هو مجرد المبادئ العامة فقط !! ؛
مثـل ؛ مـبـدأ : العدالة ومبدأ : لا ضرر ولا ضرار ومبدأ : حفظ النفس والمال ومبدأ : عدم الإكراه في الدين
وليس المقصود (أحكام) الشريعة نفسها
وهذا هو قول المستشار السنهوري الذي وضع كثيرا من الدساتير العربية وكذلك المستشارة تهاني الجبالي حيث تقول: (كما أنها (أى مبادئ الشريعة الإسلامية) تعد مصدرا باعتبارها أكثر تحديدا من المبادئ المستمدة من القانون الطبيعى وقواعد العدالة التى لا تصلح للتطبيق المباشر، ذلك لكون (مبادئ الشريعة الإسلامي) تحتوى أيضا المبادئ الشرعية الكلية (جوامع الكلم الفقهية) التى استنبطها الفقه من الأصول وشهد بصدقها الفروع، ومنها على سبيل المثال لا الحصر أن «شكل العقد يحكمه قانون محل حصوله»، أو «أن الغش يفسد كل شيء» ، أو «الغرم بالغنم»، أو «لا ضرر ولا ضرار»… إلخ.)ـ من مقال في جريدة التحرير بعنوان [قصة المادة الثانية من الدستور؟]ـ
وأكبر دليل عملي على ذلك هو أن أغلب أحكام الشريعة ليست مطبقة فعلا لا في الاقتصاد ولا في السياسة ولا في القانون المدني ولا في العقوبات الجنائية ولا في القوانين العسكرية
أما المعنى الثاني؛ فهو الذي يُـفـهـم من تفسير المحكمة الدستورية لكلمة (مبادئ الشريعة)ـ وهو يقصر مبادئ الشريعة على الأحكام قطعية الثبوت قطعية الدلالة فقط
حيث ورد في نص حكم المحكمة الدستورية قولها: (فلا يجوز لنص تشريعى، أن يناقض الأحكام الشرعية القطعية فى ثبوتها ودلالتها، باعتبار أن هذه الأحكام وحدها هى التى يكون الاجتهاد فيها ممتنعا، لأنها تمثل من الشريعة الإسلامية مبادئها الكلية، وأصولها الثابتة التى لا تحتمل تأويلاً أو تبديلاً)ـ وهذا يعني تحايلا على أجزاء ضخمة من الشريعة والالتفاف حولها، بحجة أنها أمور اجتهادية ليست قطعية
إذ أنه يعني الالتفاف على أغلب آيات القرآن لأنها غير قطعية الدلالة ، وكذلك على كثير من الأحاديث غير قطعية الثبوت أو غير قطعية الدلالة وهي تشكل غالبية الأحاديث، بل ويعني التفافا على القياس والاجتهاد بل وربما إجماع أهل السنة بنفس تلك الحجج إلى غير ذلك من مصادر التشريع في الإسلام
وهذا التحايل والالتفاف لا يتم بصورة مباشرة واضحة، بل بطريقة ملتوية ماكرة إذ يتم عن طريق تفسير هذه الآيات والأحاديث على حسب الأهواء، بما يجعلها لا تتعارض مع باقي مواد الدستور التي تخالف الإسلام أصلا، وبما لا يجعلها تمنع التشريعات المخالفة لها على هيئة قوانين تحت ذريعة أن هذه الآيات أو الأحاديث قابلة للاجتهاد وليست قطعية المعنى!!ـ
والاجتهاد الذي يقصدونه لا يُطبق بالأصول الشرعية الضابطة للاجتهاد على حسب أصول أهل السنة، بل هو اجتهاد بما لا يتعارض مع المبادئ الدستورية الوضعية كما سنبين الآن ؛
فقد تكلم المستشار عبد الرزاق السنهوري الذي وضع غالب دساتير وقوانين الدول العربية فقال ما نصه: (كيف نفسر النصوص التي استقيت من الشريعة الإسـلامية، وكيف تستخلص منها الأحكام باعتبارها مصدراً رسمياً، ونبين في إيجاز كيف تفسر النصوص المستمدة من الشريعة الإسلامية باعتبارها مصدراً تاريخياً وباعتبارها مصدراً رسمياً . الأمر الأول: هو عدم التقيد بمذهب معين من مذاهب الفقه الإسلامي، فكل مذاهب الفقه يجوز الرجوع إليها والأخذ منها، ولا محل للوقوف عند أرجح الأقوال في مذهب أبي حنيفة ، بل ولا للتقيد بالمذهب الحنفي في جملته، ولعلنا نذهب إلى مدىً أبعد فنقول: إنه لا موجب للتقيد بالمذاهب الأربعة المعروفة، فهناك مذاهب أخرى كمذهب الزيدية، ومذهب الإمامية، يمكن الانتفاع بها إلى حد بعيد . والأمر الثاني: هو أن يراعى في الأخذ بأحكام الفقه الإسلامي التنسيق ما بين هذه الأحكام والمبادئ العامة التي يقوم عليها التشريع المدني في جملته، فلا يجوز الأخذ بحكم في الحكم الإسلامي يتعارض مع مبدأ من هذه المبادئ، حتى لا يفقد التقنين المدني تجانسه وانسجامه)ـ[الوسيط في القانون المدني للسنهوري 1 / 48 - 49]ـ كما ورد في نص حكم المحكمة الدستورية قولها: (ومن ثم صح القول بأن اجتهاد أحد من الفقهاء ليس أحق بالاتباع من اجتهاد غيره، وربما كان أضعف الآراء سندا، أكثرها ملائمة للأوضاع المتغيرة، ولو كان مخالفا لآراء استقر عليها العمل زمنا)ـ وهذا وحده كفيل بأن يفرغ المادة الثانية من مضمونها لأنه يعني تفريغا للشريعة من أغلب مصادر التشريع فيها بطريقة ملتوية وخبيثة وذلك عن طريق البحث عن الأقوال الشاذة من جميع المذاهب بما فيها مذاهب الفرق الضالة أصلا مثل الروافض الإمامية كما ذكر السنهوري ثم بأن يؤخذ من هذه المذاهب ما يتناسب مع بقية مواد الدستور الوضعية التي تخالف الشريعة أصلا مثل؛ سيادة الشعب والمدنية والمواطنة وحرية الاعتقاد وغيرها
وهذه بعض أقوال العلماء فيمن يتتبع الرخص ؛ قال إسماعيل القاضي: (ما من عالم إلا وله زلة ، ومن أخذ بكل زلل العلماء ذهب دينه)ـ وقال سليمان التيمي: (إن أخذت برخصة كل عالم اجتمع فيك الشر كله)ـ وقال الأوزاعي: (من أخذ بنوادر العلماء خرج من الإسلام)ـ وقال الشاطبي: (فإذا صار المكلف في كل مسألة عنت له يتبع رخص المذاهب وكل قول وافق فيها هواه فقد خلع ربقة التقوى، وتمادى في متابعة الهوى، ونقض ما أبرمه الشارع، وأخر ما قدمه)ـ
إذا كان هذا كلام العلماء هذا كان فيمن يتتبع الرخص من أجل هواه أو ليبرر لنفسه الوقوع في بعض المحرمات ، فما بالنا فيمن يتتبع الرخص ليتوافق مع مبادئ الدستور الوضعي المخالفة لأصول الإسلام أصلا ... ؟؟ ولذلك فلا نستغرب أن يفرح كثير من العلمانيين بتفسير المحكمة الدستورية ويستندون إليه في كلامهم ومن هؤلاء الفقيه الدستوري يحيى الجمل المشهور بعداوته للإسلاميين وبعلمانيته الواضحة والذي قال في حواره مع الإعلامية منى الشاذلي: (أنا أعلم أن هذه المادة عدلت من (مصدر أساسي) إلى (المصدر الأساسي) عشان تزحلق النص السخيف بتاع 79 اللي أطلق مدة رئيس الجمهورية ولم يكن مقصودا منه أي حاجة إلا كدة، ولم يحدث أثر في البنية التشريعية في مصر!!)ـثم قال: (وجاءت المحكمة الدستورية فقالت المبادئ المقصودة هي المبادئ قطعية الثبوت قطعية الدلالة)ـثم قال: (فأما تتكلمي عن قطعية الثبوت قطعية الدلالة هتلاقيها نصف صفحة [لا ضرر ولا ضرار] ، [دفع المضرة مقدم على جلب المنفعة] ، [وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا] ، وهكذا يعني مسائل مبادئ عامة في الضمير الإنساني كله وأقرتها الشريعة الإسلامية) من برنامج العاشرة مساء على قناة دريم وكذلك في حواره مع الإعلامي عمرو أديب حيث قال الجمل: (بعد ما صدرت المادة دي بكذا سنة، المحكمة الدستورية العليا حكمت حكم أفرغت هذه المادة من مضمونها، قالت المقصود هو الأحكام قطعية الثبوت قطعية الدلالة)ـ ثم قال: (الأحكام قطعية الثبوت قطعية الدلالة أنا أزعم أنها لا تتجاوز 15 مبدأ ...... والـ 15 مبدأ دول على الأقل فيه منهم 10 أو 12 في القانون الروماني والقانون الكنسي)ـ من إحدى برامج قناة اليوم الفضائية
وكذلك المسشارة تهاني الجبالي حيث قالت: (أن المشروع الدستورى أورد تعبير (مبادئ الشريعة الإسلامية) لا أحكام الشريعة الإسلامية، ولو قصد النص على أحكام الشريعة لما أعجزه التصريح بذلك فى النص، وهو ما يعنى الإحالة للمبادئ العليا وحدها) ... من مقال في جريدة التحرير بعنوان [قصة المادة الثانية من الدستور؟]ـ
وكذلك د.عمرو حمزاوي في حواره مع الإعلامي عمرو أديب حين قال حمزاوي: ((هل في تعارض بين القوانين المصرية والمبادئ الشريعة الاسلامية؟ شاورولي على قانون مصري واحد بيعارض مبادئ الشريعة الإسلامية))؛ فقال الإعلامي / عمرو أديب: (بس أحنا في مصر مبنقطعش يد السارق)؛ فرد حمزاوي قائلا: ((لا نتحدث عن أحكام الشريعة إحنا بنتكلم عن مبادئ الشريعة!! هل في تعارض بين القوانين الوضعية المصرية وبين المبادئ الشريعة الإسلامية ؟ يجاوبوا على السؤال !))ـ من إحدى برامج قناة اليوم الفضائية
وكذلك أيضا الدكتور مصطفى الفقي أحد قادة الحزب الوطني المنحل، كما في جريدة "جريدة المصريون" حيث قالت: (في سياق أخر، أيد الفقي التمسك بالمادة الثانية من الدستور التي تنص على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيس للتشريع، وقال إن الحكومة لا تقبل أي جدال حولها وأن هذا يرجع لأسباب غير دينية لأنها ليست مادة دينية. وأكد الفقي أن مبادئ الشريعة الإسلامية هي مصدر استلهام تشريعي في العالم كله باعتراف غير معتنقيها، مشيرًا إلى أن القائد الفرنسي نابليون بونابرت أخذ عنها وأن مرجعيات أوروبية عديدة وكذا الأمم المتحدة تعترف بها، موضحًا أن الدستور يتكلم عن مبادئ الشريعة وليس أحكام الشريعة.) والخبر موجود في أرشيف موقع الجريدة على الإنترنت بتاريخ 18/ 3 /2007 م .
بل وقد اعترف بعض الإسلاميين بهذه الحقيقة ضمنيا مثل الدكتور «محمد سعد الكتاتني» ، وكيل مؤسسي حزب «الحرية والعدالة» والقيادي في جماعة الإخوان المسلمين حيث قال: (نحن نقول فيما يخص موضوع تطبيق الحدود، إننا مع كل ما هو موجود في الدستور المصري وملتزمون به، ونحن مع مبادئ الشريعة الإسلامية المتوافقة مع الدستور المصري، ونحن لا ندعو إلى تغيير الدستور الحالي، لأن هناك فرقاً بين مبادئ الشريعة الإسلامية وبين الفقه)ـ من حواره لـ«المصري اليوم» بتاريخ 25/02/2011 ـ
ولكن الأمر الغريب حقًا هو فرح بعض الإسلاميين بحكم المحكمة الدستورية !! أما الله الملك الحق سبحانه وتعالى فقال:ـ{ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لَا يَعْلَمُون}ـ[سورة الجاثية : 18]ـ ولم يقل على مبادئ الشريعة !! ومن أحسن من الله قيلا ؟
ثانيا: كلمة (المصدر الرئيسي) !! ؛
كلمة المصدر (الرئيسي) من الناحية اللغوية والدستورية تعني أن يكون هناك مصادر فرعية أخرى للتشريع بجانب مبادئ الشريعة الإسلامية
يقول المستشار حامد الجمل: (قلنا : والمبادئ العامة للشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع، ولم نقل أنها المصدر الوحيد، وكان التيار الإسلامى يرغب فى أن تكون الصياغة " والمبادئ العامة للشريعة الإسلامية المصدر الوحيد للتشريع" وهذا الكلام غير ممكن فى دولة قانونية، والرئيس السادات رفض ذلك)ــ[جريدة "الأهرام اليوم" الجمعة 1 ابريل 2011]ـ
فإذا علمنا أن التشريع إنما هو حق لله وحده فهل يصح مثلا أن يقول قائل: لا حكم رئيسي إلا لله !!؟؟ وهل يصح أن نرجع إلى حكم الله في بعض القضايا دون بعض ؟
قال تعالى:ـ{ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا فالحكم لله العلي الكبير}، والله يقول:ـ{ولا يشرك في حكمه أحدا}ـ[الكهف: 26]؛ وفي قراءة ابن عامر من السبعة:ـ{ولا تشرك في حكمه أحدا}ـ قال تعالى:ـ{إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} ـ[يوسف 40]ـ وقال تعالى:ـ{أمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ}ـ[الشورى]ـ
وقد يحتج البعض بأن تفسير المحكمة الدستورية قال بأن وجود مصادر فرعية يشترط عدم مخالفتها للمصدر الرئيسي
والرد ؛ أن هذا المصدر الرئيسي نفسه ليس هو الشريعة نفسها إنما مبادئها العامة فقط، وبالتالي فكلمة (الرئيسي) هذه تعطي الحق لمجلس الشعب في أن يأتي بالقوانين الوضعية الغربية كالقانون الفرنسي مثلا، حتى ولو خالفت نصوص الشريعة غير قطعية الثبوت أو غير قطعية الدلالة أو إجماع السلف أو أصول الاجتهاد
ثم إن مصادر الشريعة أصلا لا تحتاج إلى مصادر أخرى مستقلة إذ أن الشريعة ذاتها تقرر كيفية الاستفادة من قوانين الحضارات الأخرى بما لا يخالف أحكامها، إذن فالشريعة نفسها تحتوي جميع مصادر التشريع التي نحتاجها، بما فيها كيفية الاستفادة من الحضارات الأخرى فما الحاجة لكلمة (الرئيسي) إذا ؟؟!!
ثم، حتى لو فرضنا جدلا أنه لا إشكال في المعنى الدستوري لهذه الكلمة، فلماذا نأتي بلفظ يعطي إيحاءً لغويا بوجود مشرع آخر مع الله ؟ إننا مأمورون شرعا أن نسد جميع الذرائع المؤدية إلى التحاكم إلى غير الله حتى ولو كانت لفظية فقط فما بالنا وهي ليست لفظية فقط ، بل قانونية ودستورية أيضا ؟
والسؤال الأهم من هذا وذا؛ ما الذي يضمن أنه لن يأتي من قضاة المحكمة الدستورية من يحمل نفس هذا اللفظ على معنى غير صحيح كما هو حاصل حاليا فعلا ؟ خاصة أن تفسير ذلك يخضع لأهواء قضاة المحكمة الدستورية، دون ضابط من قرآن أو سنة
ثالثا: آلية تفعيلها هي آلية غير إسلامية؛
لأن مجلس الشعب هو المخاطب بهذه المادة وفقا لتفسير المحكمة الدستورية العليا؛ وذلك يعني أنه يُـشـتـرط موافقة (مجلس الشعب) أولا على أي قانون قبل إصداره
بل وألا تصدر القوانين إن صدرت إلا باسم الشعب !! ، كما ورد في المادة (٧٢) في دستور عام 1971؛ والتي تقول : (تصدر الأحكام وتنفذ باسم الشعب) !! ؛
وكما ورد في المـادة (24) في الإعلان الدستوري الجديد 2011 ؛ والتي تقول أيضا : (تصدر الأحكام وتنفذ باسم الشعب) ؛ وليس باسم الله رب العالمين !! يقول المستشار حامد الجمل: (وأقول أن مبادئ الشريعة لا تدخل مباشرة فى التطبيق القضائي، ولكنها تدخل فى القانون الوضعي)ـ ويقول أيضا: (وهناك مسألة مهمة ترتكز على أن الشريعة الإسلامية لا تطبق بقوة نصوص الدستور، ولكن تطبق بإرادة المشرع المصري)ــ[جريدة "الأهرام اليوم" الجمعة 1 ابريل 2011]ـ أي أن (مبادئ الشريعة) لا تصاغ على هيئة قوانين إلا بعد عرضها للتصويت على ممثلي الشعب أولا ومن حقهم بعد ذلك أن يوافقوا أو ألا يوافقوا طبقا لرأي الأغلبية فإن وافقوا، فلا تصدر هذه القوانين إلا باسم الشعب وإن عارضوها، فلا أحد يجبرهم على إصدارها ولا حتى المحكمة الدستورية
ولتوضيح كيفية حدوث هذا فهناك احتمالان ؛
الاحتمال الأول ؛ أن يكون القانون المراد تشريعه أمر من الفرائض أو الواجبات الشرعية مثل فرض الزكاة أو حد السرقة مثلا ففي هذه الحالة يقوم أحد النواب بتقديم مشروع القانون إلى مجلس الشعب ثم يتم التصويت عليه فإن وافقت الأغلبية تم إصداره وإن لم توافق الأغلبية يتم رفضه وليس لأحد أن يجبر مجلس الشعب على القبول أو الموافقة على إصدار هذا القانون ولا حتى المحكمة الدستورية وهذا يعني أن المادة الثانية غير ملزمة للمجلس في إصداره لقوانين لهذه الفرائض الشرعية أو غيرها
الاحتمال الثاني ؛ أن يكون القانون المراد تشريعه أمر من المحرمات شرعا مثل تقنين الربا مثلا فلابد أن يقوم أحد النواب بتقديم مشروع القانون إلى مجلس الشعب ثم يتم التصويت عليه فإن لم توافق الأغلبية يتم رفضه وإن وافقت الأغلبية يتم إصداره رغم مخالفته للشريعة
وهذا يعني أيضا أن المادة الثانية لا تلزم المجلس بمنعه من إصدار ما يخالف الشريعة في هذه الحالة ، اللهم إلا بعد أن يصدر القانون فعلا وليس في أثناء إصداره، وذلك عن طريق المحكمة الدستورية فقط؛ إذ أنه من حق أي مواطن يتضرر من هذا القانون المخالف للشريعة ، أن يرفع دعوى للمحكمة الدستورية ضد هذا القانون لمخالفته للمادة الثانية والمحكمة هي التي تفصل في ذلك
يقول المستشار/ محمد وفيق زين العابدين: (فإذا ما صدر نص أو قانون يخالف مبادئ الشريعة الغراء وأحكامها ، يمكن لكل من يهمه الأمر - بشأن قضية هو أحد أطرافها - أن يطعن عليه أمام المحكمة الدستورية العليا ، فإذا ما قضت المحكمة الدستورية بمخالفة النص المطعون عليه لأحكام الشريعة فإن مقتضى نص المادتين (48) ، (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 أن يكون لقضاء هذه المحكمة في الدعاوى الدستورية حجية مطلقة في مواجهة الكافة ، وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة ، باعتباره قولاً فصلاً في المسألة التي فصل فيها ، وهي حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيه أو إعادة طرحه عليها من جديد لمراجعته)ـ
وبالتالي فإن المادة الثانية ليس لها أي تأثير أو سلطة أو سيادة على مجلس الشعب في عملية إصداره لقراراته ولا على عملية التصويت داخل المجلس، ولا يحق لها أن تجبره على قبول أي حكم شرعي مهما كانت أهميته أو درجة وجوبه
بل إن المجلس هو سيد قراره كما هو معلوم
إنما دور المحكمة الدستورية في تفعيل المادة الثانية يقتصر فقط على الطعن في ما أصدره مجلس الشعب من قوانين مخالفة فعلا والإشكال هنا كيف تكون أحكام الله تحت حكم الشعب وتصدر باسم الشعب ؟ وكيف يكون الشعب له حق الاعتراض على أحكام الله متى شاء والعياذ بالله ؟ بل كيف يكون له مجرد حق الاختيار أصلا ؟
وقوله تعالى:ـ{وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}ـ[القصص: 68]ـ ويقول تعالى:ـ{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ}ـ[الأحزاب : 36]ـ وكلمة (الخيرة) في الآيتين معناها : الاختيار أي أن المسلم ليس له حق الاختيار أصلا أمام أحكام الله فضلا عن أن يكون له الحق في أن يرفضها فمعنى الآية أن المسلم ليس له حق الاختيار أو التصويت على أحكام الله أصلا
ولكن قد يقول قائل : أن الشعب المسلم لن يعترض على أي أمر من أوامر الله، ولن يوافق على إباحة أي شيء محرم
والرد على هذا ؛ هو أننا لا نتحدث هل هذا ممكن الحدوث فعلا أم لا !!؟ نحن نتكلم على مجرد وجود مبدأ أن يكون من حق الشعب أن يناقش أحكام الشريعة حتى لو كنا متأكدين 100% أنه لن يعترض عليها ؟؟ إذ أن مجرد (عرضها للنقاش) على المسلمين جريمة كبيرة تخالف أصول الإسلام
بل إن هذا مبدأ علماني مدني في الأساس قال الشيخ محمد عبد المقصود في إحدى محاضراته قبل الثورة المصرية: (ولو أن الناس صوتوا في هذا المجلس - مجلس الشعب لصالح تطبيق الشريعة فطبقت لأن المجلس وافق على ذلك ما كان هذا إسلاماً أبداً ، لكن ينبغي أن تطبق الشريعة رغم أنف الرافضين لأنها حكم الله عز وجل ، والذين يملكون تطبيقها الآن يملكون إلغائها في المستقبل ، فإذا طبقت الشريعة لأن الغالبية وافقت على تطبيقها و الدستور ينص على أن الحكم للغالبية ، معنى هذا أن يكون الدستور حاكماً على شريعة الله عز وجل ، وهذا كفرٌ مجرد بإجماع المسلمين كما ذكرت مراراً و تكراراً) انتهى كلامه وقال الشيخ "صلاح أبو إسماعيل" الذي حاول فيها تحكيم شريعة الله في البرلمان، وانتهى من ذلك إلى القول:(لم أكن أظن أن ما قضى الله به في كتابه وعلى لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - يحتاج إلى موافقة عباد الله، ولكنني فوجئت أن قول الرب الأعلى يظل في المصحف - له قداسته في قلوبنا - إلى أن يوافق عباد الله في البرلمان على تصيير كلام الله قانوناً. وإذا اختلف قرار عباد الله في البرلمان عن حكم الله في القرآن؛ فإن قرار عباد الله يصير قانوناً معمولاً به في السلطة القضائية، مكفولاً تنفيذه من قبل السلطة التنفيذية؛ ولو عارض القرآن والسنة. والدليل على ذلك أن الله حرم الخمر، وأباحها البرلمان، وأن الله أمر بإقامة الحدود، وأهدرها البرلمان، والنتيجة على ضوء هذه الأمثلة: أن ما قرره البرلمان صار قانوناً رغم مخالفته للإسلام)ـ انتهى كلامه رحمه الله
ويقول الشيخ أحمد سالم: (مسلمة إلزامية موضوعية لا يسع دعاة الدولة المدنية إلا التسليم بها؛ ـ 1- إذا كان نص فلاسفة الدولة المدنية كتوماس هوبز حين يقول : «إنَّ الكتابَ المقدسَ لا يصبحُ قانونًا إلَّا إذا جعلَتْهُ السُّلطةُ المدنيَّةُ الشرعيَّةُ كذلِكَ» (ص/258)ـ ـ 2- واسبينوزا حين يقول : «إنَّ الدينَ لا تكونُ لَهُ قوةُ القانونِ إلَّا بإرادةِ مَنْ لَهُ الحقُّ في الحكمِ»ـ ـ[(ص/422) ، وانظرْ : (ص/424)]ـ ـ 3- ونفس الحقيقة يقررها أحد أشهر العلمانيين ودعاة الدولة المدنية المصريين وهو المستشار سعيد العشماوي حين يقول : ((الحكومة المدنية أو نظام الحكم المدني هو النظام الذي تقيمه الجماعة، مستنداً إلى قيمها، مرتكزاً إلى إرادتها، مستمراً برغبتها، حتى ولو طبق أحكاماً دينية أو قواعد شرعية))ـ ـ[ الخلافة الإسلامية (ص/18)]ـ هذه النصوص الثلاثة بينة جداً في أن الحاكم أو البرلمان أو حتى الشعب بالديمقراطية المباشرة إذا اختار أحكاماً دينية وجعلها قوانين للحكم = أن ذلك لا يُخرج الدولة عن وصف المدنية؛ لأن اختيار السلطة العليا لها هو الذي أكسبها صفة الإلزام، وهذه هي آليات الدولة المدنية)ـ ثم يقول: (من ناحية الأصول الشرعية نرى أن الأحكام الشرعية ملزمة بنفسها لا تتوقف إلزاميتها على استفتاء أو اختيار من أحد) انتهى كلامه
رابعا: لا سيادة للمادة الثانية على بقية مواد الدستور؛
أن سيادة المادة الثانية وتأثيرها يقتصر على (القوانين) فقط، وليس على (مواد الدستور) الأخرى
أي أن مجلس الشعب لا يجوز له أن يشرع (قوانين) تخالف المادة الثانية عل النحو الذي أوضحناه سابقا، ولكن من حقه أن يشرع أو يعدل في (مواد الدستور) كيفما شاء بما في ذلك المادة الثانية نفسها (كما سيأتي لاحقا)ـ
وبالتالي فإن المادة الثانية تكون مقيدة ومحكومة بالمواد الأخرى المخالفة للشريعة ؛ وذلك لأن جميع مواد الدستور لها نفس القوة إذ أنها تشترك معا في وضع شكل الدولة يقول المستشار حامد الجمل: (والمادة الثانية لا يمكن تفسيرها وحدها، بمعزل عن المواد الأخرى فى الدستور، ومنها ما يتعلق بالمساواة، وعدم التمييز بين المواطنين، كذلك المواد الأخرى المتعلقة بسيادة القانون، واستقلال القضاء، وأن المحاكم هى التى تتولى الفصل فى المنازعات)ـ ـ[جريدة "الأهرام اليوم" الجمعة 1 ابريل 2011]ـيقول المستشار السنهوري : (يراعى في الأخذ بأحكام الفقه الإسلامي التنسيق بين هذه الأحكام والمبادئ العامة التي يقوم عليها التشريع المدني في جملته، فلا يجوز الأخذ بحكم الفقه الإسلامي يتعارض مع مبدأ من هذه المبادئ حتى لا يفقد التقنين المدني تجانسه وانسجامه)ـ
ويقول أيضًا ردًا على سؤال للشيخ عبد الوهاب طلعت باشا؛ فقد سأله الشيخ: هل رجعتم إلى الشريعة الإسلامية!؟ فقال السنهوري : (أو كذلك أنّنا ما تركنا حكمًا صالحًا في الشريعة الإسلامية يمكن أن يوضع في هذا القانون إلاّ وضعناه)ـ ـ[نقلاً عن كتاب (الشريعة الإلهية لا القوانين الجاهلية) للشيخ عمر الأشقر]ـ
ويقول المستشار طارق البشري : (نقطة أخيرة أختتم بها حديثي، فنحن عندما نفسر أي قانون ونستقرئ أحكامه لا ننظر إلى كل نص فيه على حدة، نحن نتفهم كل حكم بما يعنيه، ثم نضع أحكام القانون كلها جنبا إلى جنب؛ لأن كل نص إنما يحد من إطلاق غيره، ولأن المعنى المستفاد من أي نص إنما يتداخل في المعاني المستفادة من النصوص الأخرى، ولأن السياق هو الذي يضبط المعنى ويظهر وجه التفسير، واللفظ الواحد يتكشف معناه من موضعه في الجملة، والحكم الواحد تتكشف حدود معناه وضوابطه من موضعه من الأحكام الأخرى، وهذا ما يطلق عليه تعبير: النصوص يفسر بعضها بعضا.وطبقًا لهذا المفاد فإن وجود نص المادة الثانية من الدستور بين نصوص هذا الدستور وبين الأحكام الأخرى المتعلقة بالمساواة بين المواطنين، وإن اختلفت أديانهم أو مذاهبهم، إنما يجعل حكم الدستور دائرا في تفسير كل نص ما يفضي به النص الآخر، ومن ثم يكون ملزما - من وجهة النظر الدستورية في تفسير مصدرية الشريعة الإسلامية للقوانين- أن يكون ما هو دستوري من هذه المصدرية ما يتجانس مع مبادئ الدستور الأخرى وأحكامه الأخرى، وذلك في نطاق ما تسعه مبادئ الشريعة الإسلامية من وجهات نظر)ـ
ويقول الشيخ الألباني رحمه الله: (وإن كان قد نص في دستوره "دين الدولة الإسلام " فإن هذا النص قد ثبت عمليا أنه وضع لتخدير أعضاء النواب الطيِّبي القلوب!! ؛ ذلك لأنه لا يستطيع أن يغيِّر شيئاً من مواد الدستور المخالفة للإسلام، كما ثبت عمليا في بعض البلاد التي في دستورها النص المذكور.)ـ انتهى كلامه رحمه الله وما أكثر هذه المواد والمبادئ الدستورية المخالفة للشريعة في دستورنا !! ـ مثل تلك المواد التي تقرر سيادة الشعب ومبدأ المواطنة والديمقراطية وحرية الاعتقاد وغيرها من المبادئ المخالفة للإسلام هذا نوع من الخداع والنفاق السياسي، كما اعترف بذلك الفقيه الدستوري (يحيى الجمل)ـ
إذ كيف لا يكون لمبادئ الشريعة سيادة على هذه المواد المخالفة للشريعة !!؟ إن هذا وحده يجعل المادة الثانية صورية ولا قيمة حقيقية لها
بل كان يجب أن يكون لها السيادة على كل مواد الدستور جميعها ، بل وإلغاء كل المواد المخالفة لها تماما [b] [size=25]خامسا: لا سيادة للمادة الثانية على القوانين الصادرة قبلها؛أن تأثير هذه المادة لا يشمل كل القوانين !! ؛ بل يقتصر على القوانين التي صدرت بعدها فقط
وذلك لأن المادة الثانية بصياغتها الحالية عاجزة وتأثيرها محدود حسب حكم المحكمة الدستورية، إذ قد قررت المحكمة أن تأثير المادة يقتصر على (القوانين التي صدرت بعدها فقط)!!ـ أما القوانين القديمة فلا تأثير للمادة الثانية عليها
يقول المستشار/ محمد وفيق زين العابدين : (وجدير بالذكر أن تحرر بعض القوانين كتلك التي تخص الجرائم والعقوبات وامتداد عقود الإيجار القديمة غير محددة المدة وغيرها عن القيد الدستوري المذكور ، فذا لأن إلزام المشرع الوضعي باتخاذ مبادئ الشريعة الإسلامية كمصدر رئيسي للتشريع ـ بعد تعديل المادة الثانية من الدستور ـ لا ينصرف سوى إلى التشريعات التي تصدر بعد التاريخ الذي فرضه فيه هذا الإلزام ، بحيث إذا انطوى أي منها على ما يتعارض مع مبادئ الشريعة الإسلامية يكون قد وقع في حومة المخالفة الدستورية ، أما التشريعات السابقة على ذلك التاريخ فإنها بمنأى عن الخضوع لهذا القيد ، ولا يتأتى إنفاذ حكم الإلزام المشار إليه بالنسبة لها لصدورها فعلاً قبل فرضه)ـ وكأن (مبادئ شريعة الله) ليس لها السيادة على كل القوانين ،بل على بعضها دون البعض الآخر !! ؛ كيف تكون (مبادئ الشريعة) لها السيادة على بعض القوانين والبعض الآخر لا سيادة للشريعة عليه ؟؟؟؟؟؟؟؟
قال تعالى:ـ{أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُر | |
|