لماذا سأذهب إلى مليونية الجمعة 30 سبتمبر
جمال سلطان | 27-09-2011 00:11
دعت العديد من القوى الشعبية إلى مليونية جديدة الجمعة المقبلة 30 سبتمبر
في ميدان التحرير من أجل مطلبين أساسيين ومحددين ، الأول هو إلغاء حالة
الطوارئ التي استعبدت مصر والمصريين لقرابة ستين عاما وكانت أحد أهم أسباب
الثورة على نظام مبارك وهي الكارثة التي أعاد المجلس العسكري إنتاجها قبل
أسبوعين ويدافع عنها بشراسة ، والثاني مطالبة المجلس العسكري بإعلان جدول
زمني واضح لنقل السلطة إلى قيادة مدنية ، برلمانا وحكومة ورئيس جمهورية
على أن يعود الجيش وقادته إلى ثكناتهم ، وبدون شك فإن اتفاق الداعين على
مطلب محدد أو مطلبين هو تطور نوعي جيد للغاية في تركيز الاحتجاجات
السياسية ، وأيضا تطور مهم في نزوع القوى الوطنية إلى التوافق على مطالب
الثورة الملحة وذات الأولوية وذلك بالنظر إلى أن الداعين إلى تلك
المليونية الجديدة ينتمون إلى مدارس سياسية وفكرية مختلفة .
المليونية الجديدة دعا إليها حزب الوسط وحركة 6 أبريل والائتلاف الإسلامي
الحر وآخرون ، وأكدت جماعات عديدة حضورها في تلك المليونية ، وإن كان
البعض ما زال يدرس الأمر ، وأتصور أن بعض الأحزاب والقوى السياسية
المترددة قد يعود ترددها إلى أن هذا الموعد أو قبله بقليل ربما يصدر القرار
المرتقب للمجلس العسكري بفتح باب الترشح للانتخابات البرلمانية ، وربما
تتصور بعض القوى أن تحريك المليونيات في ذلك الظرف قد يكون غير ملائم ، وهو
تردد في غير محله أبدا في تصوري .
التطورات الأخيرة في الحياة السياسية والقرارات التي اتخذت من قبل المجلس
العسكري وكثير مما يظلل الأجواء العامة ولد حالة من القلق الشديد على مسار
الثورة ونجاحها وأكد الحاجة إلى إعادة تجديد روح الثورة وعنفوانها ،
وإرسال رسائل ـ باتت ضرورية ـ إلى الجميع بأن الرهان على تآكل قوى الثورة
وضعف وهجهها هو رهان خاطئ ، وأن القوى الوطنية وشباب الثورة ما زال قادرا
على الاحتشاد وعلى الاحتجاج وما زالت الثورة قادرة على الدفاع عن مطالبها
وأشواقها ، وفي اعتقادي أن هذه الرسالة هي أهم ألف مرة من الاستغراق في
التفكير الحالم بالانتخابات ، على الرغم من الأهمية القصوى للانتخابات
وضرورة إنجازها في موعدها ، بل إن إنجازها هي نقطة مفاصلة حاسمة مع المجلس
العسكري لو حدث أي تلاعب فيها ، ولكن الانتخابات وغيرها من إنجازات
الثورة ومصالحها ما زالت في حاجة إلى حماية وإلى توازن قوى وإلى ضمانات
نملكها ولا يملكها غيرنا ، وتلك الضمانات تأتي أساسا من الميدان الذي فجر
الثورة وأصبح رمزا لها ، لأنه حتى الانتخابات وإتمام مسارها رهين بمدى
قناعة الطرف الآخر بأنها "خط أحمر" وأن أي تلاعب فيها لن يمر أبدا.
أيضا هذه المليونية التي يحتشد فيها أطياف وقوى سياسية مختلفة من المأمول
أن تعيد إلى الميدان وحدته التي كانت سببا مباشرا في انتصار الثورة ، وأن
يعلن من خلالها رأب الصدع بين تيارات الوطن وروافد شباب الثورة المختلفة ،
وأن الجميع عادوا "يدا واحدة" من أجل مصلحة الوطن وتفعيل نتائج وثمار
ثورة الشعب ، لأن الانقسام الذي شهدته الحركة الوطنية وانعكس على مليونيات
الميدان في الأشهر الماضية أثر سلبيا على الجميع ، كما جعل بعض أجنحة
السلطة تراهن على هذا الانقسام للتراجع عن إنجاز مطالب الثورة والجرأة على
اتخاذ قرارات ضد روح الثورة وجوهرها أو التباطؤ المتعمد في مسارات
الإصلاح السياسي .
أتمنى أن تنجح تلك المليونية الجديدة ، وأتمنى أن نكحل عين الوطن يوم 30
سبتمبر بحشود جديدة من الثوار من كل الأطياف والتيارات السياسية ، وبصفة
خاصة أدعو الإسلاميين إلى المشاركة بكل قوة في تلك المليونية ، ولا تدغدغ
عواطفهم أماني ووعود ثبت أنها تتآكل كل يوم ويتم الحنث بها ، وعليهم أن
يدافعوا عن ثورة شعبهم وحماية مطالبها وتأمين مسارات الإصلاح المأمولة منها
، قبل أن يفيقوا يوما على انتكاسة تعيد الوطن كله إلى ظلام القمع
والاستباحة والديكتاتورية لنصف قرن آخر مقبل لا سمح الله .