MR MUHAMMED HAGGAG قـــــــــــ القلعة ــــــــــــائد
عدد المساهمات : 1591 نقاط : 44586 السمعة : 94 تاريخ التسجيل : 30/05/2010
| موضوع: سرّ الثّورات العربيّة 2011-09-12, 8:39 pm | |
| سرّ الثّورات العربيّة ماهر القرشي لم يكن يخطر ببال أحد ما يحدث للعالم العربي هذه الأيام؛ لقد كانت الأحداث فوق التوقّعات بل وفوق التطلّعات أيضًا. هل يصدق أحد أن هذه الأنظمة التي ظلت ردحًا من الزمن مستبدة بالحكم، آمنة مطمئنة، يسقط عرشها ما بين رقدة عين وانتباهتها؟!! دعِ المقاديرَ تجري في أعنَّتِها ... ولا تنامنَّ إلاّ خالي البالِ
ما بينَ غمضةِ عيْنٍ وانتباهتِها ... يغيّرُ اللهُ مِن حالٍ إلى حالِ وصدق الله سبحانه وتعالى إذ يقول: (وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ * فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ * فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ). [النمل:52،51،50]، (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ).[النحل:112]. لقد هبّت رياح التغيير فعلاً، ولم تستأذن أحدًا غير خالقها سبحانه وتعالى، ولكنْ ثمة بعض الدروس والعبر نحن بحاجة لأن نترك لعقولنا فرصة استخلاصها من هذه الأحداث العظيمة؛ كيف كانت؟ ولِمَ نجحت؟ (وَلَقَدْ تَرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ).[العنكبوت:35]. فكرة التغيير في العالم العربي لم تكن جديدة بكل تأكيد؛، فلقد شهد الوطن العربي العديد من حركات المناهضة والتغيير، بعضها سلمية والبعض الآخر لم يكن كذلك، إلاّ أنه لم يُكتب لشيء من ذلك النجاح قط، في حين أن هذه الثورات العريبة المباركة نجحت، واستطاعت أن تكسر حالة اليأس والإحباط التي كان يعيشها المواطن العربي على خلفية التجارب السابقة؛ فما هو سرّ نجاحها إذن؟! ليس سرًّا أن الثورات العربية قد صُنعت على أيدي أغلبية الشعب، ولم ينفرد بصناعتها فئة قليلة من الناس كما حدث في حركات التغيير السابقة لها والتي كان مصيرها الفشل، بيد أن الوعي بهذه الحقيقة هو المقدمة الأولى في اكتشاف سرّ نجاح هذه الثورات؛ (لقد نجحت الثورة؛ لأنّها تمثل الأغلبية الساحقة من الناس)، وهذه الملاحظة في الحقيقة ليست خاصّة بالثورات العربية، فليس هنالك ثورة في العالم نجحت إلاّ وكان وراءها غالبية الشعب، بل لا تُسمّى ثورة إلاّ إذا كانت كذلك. بقي أن نسأل: كيف اجتمع الناس على رأي واحد، ولماذا؟ قد تختلف الآراء حيال ذلك، ولكن برأي كثيرين أن الذي جمع الناس هو وعيها بالمشتركات العادلة بين كافة أطياف الشعب دون استثناء؛ ذلك أن الأغلبية لم تكن لتجتمع على رأي طائفة دون أخرى، ولعل هذه الملاحظة هي المقدمة الثانية بل والخاتمة في اكتشاف سرّ نجاح هذه الثورات، (لا يجتمع أغلبية الناس إلاّ على المشتركات العادلة بينهم). أشير هنا إلى أن المشتركات العادلة قد تختلف من شعب إلى آخر؛ ففي بعض الشعوب قد تكون المشتركات أكثر من التناقضات، وفي البعض الآخر قد يكون العكس، غير أن الذي يكشف عن نسبة تلك المشتركات في مجتمع ما وآلية الاجتماع عليها هي قيمة الوعي التي وصل إليها ذلك المجتمع. لقد نجحت الثورات في إسقاط بعض الأنظمة المستبدّة، ولكن هل تنجح في بناء دولة حضارية عادلة؟ في الحقيقة هذا السؤال يمثل تحدّيًا جديًّا أمام الثورات العربية، ولكنه في الوقت ذاته سيظل سؤالاً عاديًّا متى ما استصحبت هذه الثورات قيمة المشتركات العادلة بين كافة أطياف الشعب؛ فلا يستبدّ بالحكم طرف دون آخر، فكما نجحت في إسقاط الاستبداد على أيدي أغلبية الناس فلن تنجح في بناء الدولة وإرساء دعائمها إلاّ على أيدي الأغلبية كذلك. إذن فالدرس الأكبر من الثورات العربية أن الشعوب لن تصنع التغيير ما لم يجتمع أغلبيتها على قضايا عادلة، ولن تجتمع على هذه القضايا إلاّ بوعيها بالمشتركات العادلة، ومتى ما تخلّت الشعوب عن هذه المشتركات فمصيرها للاستبداد ولابدّ. | |
|