ANGEL HEART ( إذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلاَّ مِنْ ثَلاَثٍ : صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ ، أَوْ عِلْم
الديانة : الجنسية : بلادي وإن جارت عليّ عزيزةُ وأهلي وإن ضنوا عليّ كرامُ عدد المساهمات : 7806 العمر : 48 المهنة : معلم خبير لغة إنجليزية الابراج : الأبراج الصينية : نقاط : 186830 السمعة : 246 تاريخ الميلاد : 07/12/1975 تاريخ التسجيل : 29/03/2010 الموقع : https://fgec.ahlamontada.com/ العمل/الترفيه : Expert master of English المزاج : عبد ذليل لرب جليل
| موضوع: عُصبَة طالوت .. والمُشَارَكة في العَمل السّياسيّ 2011-08-25, 6:25 pm | |
| الحمد لله والصّلاة والسّلام على رَسول الله صلى الله عليه وسلم أود أن أكون صَريحاً، حتى لا أدع مَجالاً لتأويلٍ أو سوء فهم، حول ما أراه في موضوع إشتراك الإسلاميين في الحياة السياسية في مصر، في الواقع الحاليّ، بعد سقوط مبارك. أقول لا يصح، ولا يحلّ شرعاً أن يشارك إسلاميّ، ذو توجّه سنيّ صحيح، في العمل السياسيّ إذا نجَحَ العِلمانيون، ومن والاهم، في إصدار إعلانٍ دستورىّ حاكمٍ، يجرد الشريعة من مضمونها، ويجعل تطبيقها قاصرٌ على المبادئ العامة، والذي يعنى إسقاط أحكامها كلية من الواقع المعاش. هذا قدرٌ لا يمكن تجاوزه أو المزايدة عليه. وهو ما لم نُبدل فيه قولاً في أي وقت سابق. ويجب أن نستصحب في هذا الأمر، أننا لا نعنى تلك المَادة الثانية، التي، وإن كانت رَمزاً للشَريعة، فإننا، في هذه المَرحلة، لا يمكن أن نكتفى بما يمكن أن يحمل غُموضاً أو لَبساً، بل نعنى أن تكون الشريعة هي المصدر الأوحد للتشريع، بأي صيغة تصاغ بها هذه المادة. وإن كنا قد رأينا أن المَناط الحاليّ، الواضِح لذي عينين، هو مَناط إعتراك وتصارُعٍ بين الإسلام وبين اللادينية العلمانية، على الساحة السياسية، وأنّ المواجهة بالأقلام في الإستفتاء، والمواجهة بالأقدام في المسيرات، هما شكلٌ من أشكال الممارسة في الساحة السياسية، في ظلّ هذه الأوضاع السياسية، التي لم تستقر بعد على إسلامٍ أو كفر، فإننا نرى أن مثل هذه التمحكات في محاولة إعلان وثيقةٍ تضع قوانين حاكمة تعلو على كتاب الله وسُنّة رَسوله، وتؤسّس العِلمانية، كَمنهج لدولة مصر، التي يُسمونها "الحَديثة"، حتى بتضمين المَادة الثانية بشَكلها الحاليّ، هى تلاعبٌ على الدين، وإلتفافٌ على العقيدة، لا على إرادة الشعب، وإعادة للوضع على ما هو عليه قبل 25 يناير، في مجال الإشتراك في العمل السياسيّ، مع إستمرار ضرورة استعمال كافة أشكال المقاومة، بدءاً بالمسيرات والإعتصامات. لذلك فإن نجاح هذه القوى العِلمانية، التي يقودها عدو الله الثاني، على السلميّ، خليفة عدو الله الأول يحي الجمل، والتي يؤجج نارها الخارجُ عن دين الله، ممدوح حمزة، ومن ورائه شلة اللادينيين الأصاغر في مصر، والتي يحرسها، ويهيؤ لنجاحها ويضمنها، المجلس العسكريّ، سوف يغير موازين الأحداث، ويضع الإسلاميين أمام واجبهم الشرعيّ، وعلى محك الإبتلاء. فإن هذا الوضع، إن تم لهؤلاء ما يريدون، سيكون تأسيساً لما مارسته النظم السابقة دون شرعية، وتنحية دائمة مقننة للشريعة والإسلام من حياة الناس. ولا أرى إلا أن الجماعة المسلمة في مصر، ستسير على ما سارت عليه العُصب التي امتحنها الله من قبل، وستسلك طريقها حذو القذة بالقذة، منها من نجح ومنها من فشل وسقط. ويحضرنى في هذا المقام ما مرّت به العُصبة التي خَرجت مع طالوت عليه السلام. قال تعالى، مبينا كيف تتمايز الصفوف وتتباين الإرادات، وتزلّ أقدامٌ بعد ثبوتها، "فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِٱلْجُنُودِ قَالَ إِنَّ ٱللَّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍۢ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّى وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُۥ مِنِّىٓ إِلَّا مَنِ ٱغْتَرَفَ غُرْفَةًۢ بِيَدِهِۦ ۚ فَشَرِبُوا۟ مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًۭا مِّنْهُمْ ۚ فَلَمَّا جَاوَزَهُۥ هُوَ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ مَعَهُۥ قَالُوا۟ لَا طَاقَةَ لَنَا ٱلْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِۦ ۚ قَالَ ٱلَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَـٰقُوا۟ ٱللَّهِ كَم مِّن فِئَةٍۢ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةًۭ كَثِيرَةًۢ بِإِذْنِ ٱللَّهِ" البقرة 249. فقد خرج الجنود مع طالوت، مُتحمسين، هاتفين، عازمين، ثم إن الله وضع أمام الجَمع الحاشِد، الذي فيه الغثّ والسمين، أول إبتلاء، النهر، الذي يروى الظمأ ظاهراً، ثم آتاهم من يحذر ويبين، يقول لهم إن هذا إبتلاءٌ من الله، لكن سقط منهم في الطريق من سقط، وهم الأكثرية. لم يستمعوا إلى النصح، ولم يتّبعوا الشَرع، وانساقوا وراء أهوائهم، فضَلوا وتقهقروا. ثم تقدم طالوت مع القلة التي إجتازت هذا الإختبار، حيث واجهوا الإختبار الأصعب، مواجهة أعداء الله، على كَثرتهم الظَاهرة الهَشّة، فإذا بالكثير من هذه القلة يرسُبون في الإختبار الثاني، ويلحقون بمن رَسب أولاً، وإذا بالمؤمنين حقاً، الذين يعلمون أن هذه الظواهر ما هي إلا إبتلاءاتٍ بعدها لقاء الله سبحانه، يتميزون ويعلنون أن الفئة القليلة المؤمنة أقوى من الفئة الكثيرة الكافرة. إذن تميزت تلك العُصبة، التي رَضت بالخروج في سبيل الله، إلى ثلاث طوائف، طائفةٌ رسبت في أول إبتلاء، يوم النهر، وطائفة رسبت في الثاني، يوم المُواجهة، وطائفة عرفت الحق وأكملت الطريق، ونصرها الله. السؤال اليوم، هل تتمايز القوى الإسلامية، التي رَضِيت لنفسها أن تتحدّث باسم الله والشريعة، وأن تكون، من وسط هذه الجموع الحاشدة من العامة، طليعة طالوت، تقف في وجه اللادينية العلمانية، هل تتمايز وتنقسم إلى تلك الطوائف الثلاث؟ هل يسقط أكثرها في إختبار الإعلان الدستورى، فيقبل به، صاغراً مذعناَ، فيكون من أبناء الطائفة الأولى؟ ثم، من لم يقبل به، هل يقبع في بيته، مكتفيا بالإدانة، متحجّجاً بما سبق أن سَمعنا من حُججٍ سيقت في غير مَساقها من طَاعة وليّ الأمر، أو التغيير من الداخل أو"المُشاركة لا المُغالبة"، وما إلى ذلك مما لا يحلُّ شرعاً إلا في ظلِّ الشريعة، فيكون من أبناء الطائفة الثانية؟ ثم من يخرج إلى مواجهة القوى التي تغتصب حق الشعب في أن يخضع لله ولرسوله، بالتظاهرات والإعتصامات، لا يهابُ موتاً ولا إعتقالاً، فقد أراهم الله ضَعف الباطل، في سرعة إنهيار نظام مبارك من قبل، وفي أن السلطة القائمة حالياً أضعف قوة وأقل شرعية من سابقتها، فيكون من أبناء الطائفة المنتصرة بإذن الله؟ الإبتلاء قادمٌ، والحقُ واضحٌ، والطريقُ مستبينٌ. ليس هناك حلولُ وسطٍ حين يأتي الأمر إلى تطبيق شرع الله في الأرض. وهو الشرع الذي يحمى الحقوق، ويَعدِلُ في الواجبات، ويَحرُسُ الأقليّات، ويهيؤ السُبل للتشريعات في الأمور المُستحدثات، في يسرٍ ورحمة للعباد. فإن هذا هو لبّ التوحيد وأساسه وأصله ومناطه، لا توحيد بغيره، ولا دين سواه. ألا لا يحسبن أحد أن السياسة تبرر الخروج على الشرع، أو أنّ المصالح والمفاسد المتوهمة حجةٌ على دين الله. وقد رأينا أن من انتهج هذا النهج لم يصل به إلى أي نجاح، بل، ظل يضرب ويسحق، حتى كُتب النصر على يد غيره من العامة، أصحاب دين العجائز. المسلمون اليوم هم الأكثر والأقوى، عقيدة وعدداً، وهم في وضعٍ أفضل من عصبة طالوت، فلا معنى للتخاذل والتنازل. فمن فعل ذلك منهم، فقد رسب كراسبي عصبة طالوت.
موقع الدكتور طارق عبد الحليم | |
|