فرسان القلعة التعليمية الشاملة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

فرسان القلعة التعليمية الشاملة

أهم الأخبار بالعربية والانجليزية ☞ اسلاميات ☞ لغات ☞ مراجعات نهائية ☞ مناهج مصرية وسعودية ☞ ملازم ☞ ابحاث وموضوعات تعبير ☞ معاجم وكتب ☞ توقعات ليلة الامتحان ☞ اخبار التعليم ☞ صور وبرامج ☞ كن أحد فرسان القلعة ☞
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
ختم الله شهركم بالرحمة والغفران والعتق من النيران، وتقبل الله صيامكم وقيامكم وصالح أعمالكم، وجعلنا وإياكم من عتقائه من النار. وكل عام و انتم بخير. تقبل الله طاعاتكم جميعاً.
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» مصحف التجويد الملون
الرد على أفراخ علي جمعة ( مصطفى حسني مثالاُ) Empty2022-08-02, 8:31 pm من طرف FAROUK1376

» قاموس VerbAce 2008 هو المترجم الافضل على الاطلاق حيث تم تصميمه على اسس و ابحاث علمية متخصصة
الرد على أفراخ علي جمعة ( مصطفى حسني مثالاُ) Empty2021-11-22, 4:29 pm من طرف ANGEL HEART

» Objectives of Teaching English as a Foreign Language in the Primary Stage
الرد على أفراخ علي جمعة ( مصطفى حسني مثالاُ) Empty2021-09-10, 10:36 pm من طرف ANGEL HEART

» قصة Great Expectations للصف الثالث الثانوي 2022
الرد على أفراخ علي جمعة ( مصطفى حسني مثالاُ) Empty2021-09-10, 8:59 pm من طرف ANGEL HEART

» بعض المصطلحات الجامعية الشائعة
الرد على أفراخ علي جمعة ( مصطفى حسني مثالاُ) Empty2021-09-10, 8:53 pm من طرف ANGEL HEART

» كتاب الصف الثالث الثانوى المنهج الجديد 2022
الرد على أفراخ علي جمعة ( مصطفى حسني مثالاُ) Empty2021-09-10, 8:46 pm من طرف ANGEL HEART

» The rules of Grammar for 3rd Secondary students 2022
الرد على أفراخ علي جمعة ( مصطفى حسني مثالاُ) Empty2021-09-08, 4:32 pm من طرف ANGEL HEART

» مشهد مسرحي مدرسي باللغة الإنجليزية عن بر الوالدين قمة في الروعة must watch
الرد على أفراخ علي جمعة ( مصطفى حسني مثالاُ) Empty2021-09-08, 1:50 pm من طرف ANGEL HEART

» دورة مجانية بشهادة عن Microsoft Excel ( سعرها 200 دولار)
الرد على أفراخ علي جمعة ( مصطفى حسني مثالاُ) Empty2020-11-13, 11:30 am من طرف adelstar8

» دورة مجانية بشهادة عن overcome Dentist fear
الرد على أفراخ علي جمعة ( مصطفى حسني مثالاُ) Empty2020-06-08, 11:53 am من طرف ANGEL HEART

» Teaching English Online course
الرد على أفراخ علي جمعة ( مصطفى حسني مثالاُ) Empty2020-06-08, 10:44 am من طرف ANGEL HEART

» دورة مجانية بشهادة عن Quran Reading with proper Tajweed 2020
الرد على أفراخ علي جمعة ( مصطفى حسني مثالاُ) Empty2020-06-02, 11:30 pm من طرف ANGEL HEART

» دورة مجانية بشهادة عن Java Programming ( سعرها 200 دولار)
الرد على أفراخ علي جمعة ( مصطفى حسني مثالاُ) Empty2020-05-31, 6:22 pm من طرف ANGEL HEART

» هدية غالية : دورة مجانية بشهادة عن TEFL Course .. سارع بالانضمام قبل فوات الأوان
الرد على أفراخ علي جمعة ( مصطفى حسني مثالاُ) Empty2020-05-30, 11:02 pm من طرف ANGEL HEART

» دورة مجانية بشهادة عن TOEFL & IELTS Vocabulary Practice Test
الرد على أفراخ علي جمعة ( مصطفى حسني مثالاُ) Empty2020-05-30, 10:45 pm من طرف ANGEL HEART

» دورة مجانية بشهادة عن Microsoft Excel ( سعرها 200 دولار)
الرد على أفراخ علي جمعة ( مصطفى حسني مثالاُ) Empty2020-05-30, 10:38 pm من طرف ANGEL HEART

» دورة مجانية بشهادة عن an introduction to web application hacking ( سعرها 200 دولار)
الرد على أفراخ علي جمعة ( مصطفى حسني مثالاُ) Empty2020-05-29, 9:16 pm من طرف ANGEL HEART

» دورة مجانية بشهادة عن Machine Learning new course
الرد على أفراخ علي جمعة ( مصطفى حسني مثالاُ) Empty2020-05-29, 9:14 pm من طرف ANGEL HEART

» دورة مجانية بشهادة عن Training with SEO Expert
الرد على أفراخ علي جمعة ( مصطفى حسني مثالاُ) Empty2020-05-29, 9:00 pm من طرف ANGEL HEART

» دورة مجانية بشهادة لتحسين الدخل make a better income
الرد على أفراخ علي جمعة ( مصطفى حسني مثالاُ) Empty2020-05-29, 8:49 pm من طرف ANGEL HEART

سحابة الكلمات الدلالية
للصف انجليزي اولى كتاب الاول انجليزى الرياضه كلمات البراجراف الطعام برجراف الثالث عميل الرياضة ثانوى اسئلة موضوع دفتر الصف الثانوى الاعدادى كيفيه sport الانجليزية تحضير اللغة
المواضيع الأكثر شعبية
براجراف عن الطعام الصحى Healthy food
تعبير بالانجليزية عن اهمية الاعلانات
First Impression الانطباع الاول
ازاى تكتب برجراف يطريقة بسيطة +جمل جامدة تنفع لأى برجراف "متجدد
ما معنى شاهت الوجوه وما أصل الكلمة ؟
300 سؤال وجواب معلومات عامه
برجراف عن الموبايل ( الجوال / المحمول ) The Mobile phone is a mixed blessing
جمل وتعبيرات لغوية تصلح لموضوعات نافعةParagraphs الى ا/اسماء
مجموعة من الجمل الرائعة فى الترجمة من الانجليزية الى العربية والعكس !•l█l•••
حكم و امثال بالانجليزي مترجمه بالعربي الحقو لايفوتكم
المواضيع الأكثر نشاطاً
حصريا اقوي قاموس ناطق علي الاطلاق Cambridge Advanced Learner’s Dictionary 3rd Edition
برنامج الشيخ حازم صلاح ابو اسماعيل الانتخابى الرئاسى2012 + السيرة الذاتية + ماذا قالوا عنه + مواد دعائية
متابعة لتظاهرات النصارى احتجاجا على ما يدعونه هدم كنيسة المريناب .. وعشرات القتلى والمصابيين
متابعة لاحداث جمعة استرداد الثورة و30/9/2011كل مستجدات الاحداث (( متجدد ان شاء الله تابعونا ))
عمليات مسلحة على إسرائيليين بالقرب من الحدود المصرية الإسرائيلية
عاجل : اعتصام وزارة الدفاع هل يكون بداية الثورة الحقيقية " بالصور والفيديوهات " ؟ 28 / 4 / 2012
لأول مرة بالمنتديات : قاموس اكسفورد The Oxford English - Arabic Dictionary
متابعة لأخبار مليونية المطلب الواحد 18 نوفمبر 2011
اهم الاخبار والمتابعات لاحداث يوم 25-1-2012 وما يتعلق به من احداث ومستجدات
بالصـور : ساويرس بيهزر ؛؛؛ و إحــنا معــااااااااه ؛؛؛ إحنا كمان بنهزر يا ساويرس
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
ANGEL HEART - 7806
الرد على أفراخ علي جمعة ( مصطفى حسني مثالاُ) Vote_rcap1الرد على أفراخ علي جمعة ( مصطفى حسني مثالاُ) Voting_barالرد على أفراخ علي جمعة ( مصطفى حسني مثالاُ) Vote_lcap 
MR MUHAMMED HAGGAG - 1591
الرد على أفراخ علي جمعة ( مصطفى حسني مثالاُ) Vote_rcap1الرد على أفراخ علي جمعة ( مصطفى حسني مثالاُ) Voting_barالرد على أفراخ علي جمعة ( مصطفى حسني مثالاُ) Vote_lcap 
MR ABDULLAH IBRAHIM - 1555
الرد على أفراخ علي جمعة ( مصطفى حسني مثالاُ) Vote_rcap1الرد على أفراخ علي جمعة ( مصطفى حسني مثالاُ) Voting_barالرد على أفراخ علي جمعة ( مصطفى حسني مثالاُ) Vote_lcap 
MR EYAD HAGGAG - 1543
الرد على أفراخ علي جمعة ( مصطفى حسني مثالاُ) Vote_rcap1الرد على أفراخ علي جمعة ( مصطفى حسني مثالاُ) Voting_barالرد على أفراخ علي جمعة ( مصطفى حسني مثالاُ) Vote_lcap 
همس الندى - 1510
الرد على أفراخ علي جمعة ( مصطفى حسني مثالاُ) Vote_rcap1الرد على أفراخ علي جمعة ( مصطفى حسني مثالاُ) Voting_barالرد على أفراخ علي جمعة ( مصطفى حسني مثالاُ) Vote_lcap 
DR MUHANNED IBRAHIM - 1470
الرد على أفراخ علي جمعة ( مصطفى حسني مثالاُ) Vote_rcap1الرد على أفراخ علي جمعة ( مصطفى حسني مثالاُ) Voting_barالرد على أفراخ علي جمعة ( مصطفى حسني مثالاُ) Vote_lcap 
لغير الله لن نركع - 1282
الرد على أفراخ علي جمعة ( مصطفى حسني مثالاُ) Vote_rcap1الرد على أفراخ علي جمعة ( مصطفى حسني مثالاُ) Voting_barالرد على أفراخ علي جمعة ( مصطفى حسني مثالاُ) Vote_lcap 
افتخر بنقابى - 1083
الرد على أفراخ علي جمعة ( مصطفى حسني مثالاُ) Vote_rcap1الرد على أفراخ علي جمعة ( مصطفى حسني مثالاُ) Voting_barالرد على أفراخ علي جمعة ( مصطفى حسني مثالاُ) Vote_lcap 
ضوء القمر - 737
الرد على أفراخ علي جمعة ( مصطفى حسني مثالاُ) Vote_rcap1الرد على أفراخ علي جمعة ( مصطفى حسني مثالاُ) Voting_barالرد على أفراخ علي جمعة ( مصطفى حسني مثالاُ) Vote_lcap 
MR ENGLISH - 425
الرد على أفراخ علي جمعة ( مصطفى حسني مثالاُ) Vote_rcap1الرد على أفراخ علي جمعة ( مصطفى حسني مثالاُ) Voting_barالرد على أفراخ علي جمعة ( مصطفى حسني مثالاُ) Vote_lcap 
أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر
لا يوجد مستخدم
welcome to my paradise

 

 الرد على أفراخ علي جمعة ( مصطفى حسني مثالاُ)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
اسماء يوسف
مشرفة منتدى أهل السنة والجماعة
مشرفة منتدى أهل السنة والجماعة
اسماء يوسف


عدد المساهمات : 129
العمر العمر : 31
الابراج الابراج : الدلو
الأبراج الصينية الأبراج الصينية : الديك
نقاط : 5024
السمعة : 32
تاريخ الميلاد : 06/02/1993
تاريخ التسجيل : 22/05/2010
المزاج المزاج : كل عا م وانتم بخير وند عو الله ان ينصر اخواننا فى كل مكان انة مو لى ذلك والقا در علية

الرد على أفراخ علي جمعة ( مصطفى حسني مثالاُ) Empty
مُساهمةموضوع: الرد على أفراخ علي جمعة ( مصطفى حسني مثالاُ)   الرد على أفراخ علي جمعة ( مصطفى حسني مثالاُ) Empty2011-05-08, 9:12 pm

(هذا المقال رد قديم كنت قد نشرته في بعض المنتديات بعد حلقة مصطفى حسني عن البدعة ، رأيت إعادة نشرها لتعم الفائدة)


الدكتور علي جمعة - خريج كلية التجارة - والذي تم تعيينه بقرار جمهوري كمفتي للديار ، يحمل غلاً وحقداً شديداً على الصحوة السلفية وهو أشعري صوفي مجادل عن عقيدته ، وهو يقوم منذ فترة بإعداد كوادر شابة لاستقطاب الناس إلى مذهبه ،وهو ضيف ومشرف في (اقرأ) و(الرسالة) القناتين الفضائيتين المناديتين بتجديد الخطاب الديني والمصدرتين للدعاة الجدد والتي تندرج كلُ منهما في مجموعة مع قنوات الأفلام والمسلسلات الأمريكية والرقص والمجون...



وفي ضوء هذا العداء لأهل السنة والسلفية قام بكتابة كتاب ولخصه في كتيب ظاهره الإجابة على التساؤلات الحائرة لعموم المسلمين وجوهره اثبات أن البدعة منها ما يكون حسن واندراج بدع التصوف فيه ، مع هجوم على أهل السنة ومنازعة في لقب أهل السنة والنسبة للسلف..


وعلى خطى علي جمعة وبنفس محاوره خرج علينا مصطفى حسني (بعض الأخوة ينقل أن حسني تلميذ لرموز صوفية أخرى ، ولكني ذكرته في هذا السياق لأن جمعة رمز التيار ومقدمه وحسني من دعاة هذا التيار ومروجيه فالنسبة المنهجية حاصلة لا مراء فيها) في حلقة على قناة اقرأ بعنوان (خدعوك فقالوا دي بدعة) وامتازت الحلقة بعدة محاور أساسية:


أولاً: مقدمة تهدف إلى:

1- تحييز من وصفهم بأنهم (بيقولوا على كل حاجة بدعة) (بيقولوا البدعة أي حاجة تركها النبي) (بيفرقوا المسلمين بالكلام ده مع أن المفروض نكون ايد واحدة) ، ومن المعلوم أن التصدي للبدعة هو ما يميز المنتسبين للسنة ومنهج السلف،فهو يقوم بتحييز كل المنتسبين للمنهج السلفي ويحصرهم في بعض الممارسات ، فضلاً عن الاحتماء والتزين بنبذ الاختلاف والدعوى للاجتماع وهي مقصد شرعي ومطلب واقعي ولكنه للأسف رفعه للاجتماع على إسقاط منهج السلف بدلاً من الاجتماع عليه ...


ومن المهم التنبيه أن بعض هذه الأخطاء موجودة بنسب متفاوتة بين بعض الشباب المتسنن ، ولكن الحلقة تستدل بهذا الإيحاء لتمرير مفهوم البدعة الحسنة وإسقاط المنهج السلفي على المستوى الأخلاقي والمنهجي العلمي ...


2- محاولة احتكار مفهوم السلفية وادعاء الرجوع للقرون الثلاثة الأولى - وهو ما لم يلتزم به فوجدناه ينقل من علماء القرن السابع فما فوقه ومن راجع كتب السقاف وعلي جمعة والغماري سيجد تشابهاً في التناول فلا أدري هل استفاد منها أم التزم بدعواه عدم الرجوع لكتب الأحياء- ..


3-أشار إلى الأدلة الشرعية المعتبرة مع تضخيم لدليل القياس ليستفيد منه بعد ذلك في تجويز البدعة ، مع الهجوم المستمر على إطلاق القول بأن (كل بدعة ضلالة) مع أنها نصٌ ثابت في السنة الشريفة ،دون إيراد أو مناقشة لأحاديث ذم البدعة فضلاً عن شروح العلماء لها ..


وبالنسبة لمسألة القياس فلقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية – وهو من استدل به في أحد المواضع – أن القياس منه فاسد وصحيح ، وذكر أن القياس الصحيح له ضوابطه فقال:
( والقياس الصحيح نوعان :
أحدهما : أن يعلم أنه لا فارق بين الفرع والأصل إلا فرق غير مؤثر في الشرع كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيح أنه سئل عن فأرة وقعت في سمن فقال :" ألقوها وما حولها وكلوا سمنكم " وقد أجمع المسلمون على أن هذا الحكم ليس مختصا بتلك الفأرة وذلك السمن ؛ فلهذا قال جماهير العلماء : إنه أي نجاسة وقعت في دهن من الأدهان كالفأرة التي تقع في الزيت وكالهر الذي يقع في السمن فحكمها حكم تلك الفأرة التي وقعت في السمن . ومن قال من أهل الظاهر : إن هذا الحكم لا يكون إلا في فأرة وقعت في سمن فقد أخطأ ؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخص الحكم بتلك الصورة لكن لما استفتي عنها أفتى فيها والاستفتاء إذا وقع عن قضية معينة أو نوع فأجاب المفتي عن ذلك خصه لكونه سئل عنه ؛ لا لاختصاصه بالحكم . ....

والنوع الثاني من القياس : أن ينص على حكم لمعنى من المعاني ويكون ذلك المعنى موجودا في غيره فإذا قام دليل من الأدلة على أن الحكم متعلق بالمعنى المشترك بين الأصل والفرع سوي بينهما وكان هذا قياسا صحيحا .
فهذان النوعان كان الصحابة والتابعون لهم بإحسان يستعملونهما وهما من باب فهم مراد الشارع ؛ فإن الاستدلال بكلام الشارع يتوقف على أن يعرف ثبوت اللفظ عنه وعلى أن يعرف مراده باللفظ وإذا عرفنا مراده : فإن علمنا أنه حكم للمعنى المشترك لا لمعنى يخص الأصل أثبتنا الحكم حيث وجد المعنى المشترك وإن علمنا أنه قصد تخصيص الحكم بمورد النص منعنا القياس كما أنا علمنا أن الحج خص به الكعبة وأن الصيام الفرض خص به شهر رمضان وأن الاستقبال خص به جهة الكعبة وأن المفروض من الصلوات خص به الخمس ونحو ذلك فإنه يمتنع هنا أن نقيس على المنصوص غيره . وإذا عين الشارع مكانا أو زمانا للعبادة كتعيين الكعبة وشهر رمضان ؛ أو عين بعض الأقوال والأفعال كتعيين القراءة في الصلاة والركوع والسجود بل وتعيين التكبير وأم القرآن فإلحاق غير المنصوص به يشبه حال أهل اليمن الذين أسقطوا تعيين الأشهر الحرم وقالوا : المقصود أربعة أشهر من السنة فقال تعالى : {إنما النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما ليواطئوا عدة ما حرم الله فيحلوا ما حرم الله } . وقياس الحلال بالنص على الحرام بالنص من جنس قياس الذين قالوا : {إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا } وكذلك قياس المشركين الذين قاسوا الميتة بالمذكى وقالوا : أتأكلون ما قتلتم ولا تأكلون ما قتل الله ؟ قال تعالى : {وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون } فهذه الأقيسة الفاسدة . وكل قياس دل النص على فساده فهو فاسد وكل من ألحق منصوصا بمنصوص يخالف حكمه فقياسه فاسد وكل من سوى بين شيئين أو فرق بين شيئين بغير الأوصاف المعتبرة في حكم الله ورسوله فقياسه فاسد)


4-انتقاص المحدثين وحصر دورهم في التصحيح والتضعيف وحاول جمع الناس على الأصوليين (ولعل المقصود علي جمعة) على الرغم أن الأصل في علم الحديث أنه دراسة السنة رواية ودراية فقصر أولاً دور المحدثين في التصحيح والتضعيف وأشار من وجه أن من يرفع راية التصحيح والتضعيف هم المحدثون وهو اسقاط مزدوج للمنهج السلفي الذي يتميز بعدم قبول الأحاديث الضعيفة والذي يعظم شأن أهل الحديث دون إسقاط للأصوليين ،ولقد ألقمه الشيخ الحويني حجراً إذ سأله عن الشاطبي وحاكمه إليه في تعريف البدعة وهو من أهل الأصول ثم هو على شرطه الذي اشترطه - ليس من الأحياء- ..ورحم الله أحمد بن سنان القطان إذ يقول : ( ليس في الدنيا مبتدع إلا وهو يبغض أهل الحديث فإذا ابتدع الرجل نُزع حلاوة الحديث من قلبه) مع التنبيه أن المقصود باهل الحديث هم من يجمعون السنة رواية ودراية وعلماً وعملاً ...


المحور الثاني في حلقته: تعريف بالبدعة: وقام فيه بالتالي:


1-أورد فيه عدد من التعريفات على أن البدعة ما لا أصل له في الشرع ،ومقصود العلماء من قولهم (ما لا أصل له في الشرع) أي ( ما لا دليل من كتابٍ أو سنة أو إجماع يقوم عليه) يقول شيخ الإسلام (..وهم يزنون بهذه الأصول الثلاثة جميع ما عليه الناس من أقوال وأعمال ظاهرة وباطنة مما له تعلق بالدين) ،ولقد ذكر ابن تيمية في المجموع وأبو شامة في الباعث والجرجاني في التعريف وغيرهم ما يوضح هذا فذكروا أن تعريف البدعة هو (...ما خالفت الكتاب والسنة أوإجماع سلف الأمة من الاعتقادات أو العبادات) ، أما تعريف الشافعي فذكر أن المحدثات نوعان الأول المذموم وحدَّه بقوله (يخالف كتاباً أو سنة أو أثراً أو إجماعاً ) وهو منطبق على البدع كلها والثاني ما حدَّه بقوله (لا خلاف فيه لواحد من هذا) وهو ما يدخل تحت المصالح المرسلة ومنه جمع القرآن (وسيأتي إن شاء ضابط التفريق بين المصالح المرسلة والبدعة الإضافية وهو ما حاول اللبس بينهما) والمصالح المرسلة عموما تتعلق بالوسائل لا المقاصد على خلاف البدعة التي يقصد التقرب بها


2- ثم بدأ يذكر استدلالات ليثبت أن الصحابة كانوا يُحدثون عبادات دون إذن من الرسول لأنها تقع تحت أصل عام ،ويقصد بذلك أن لها تعلق من وجه ما ومن وجه ليس لها تعلق وهو تعريف البدعة الإضافية والتي تدور الحلقة في المنازعة فيها في حين أن الأمثلة التي ذكرها داخلة بكليتها تحت أدلة عامة وليست متعلقة من وجه بالدليل ومخالفة من وجه كما يدعي فالأدلة نصت أن القرآن شفاء ،وأن الصلاة حمدٌ وتسبيح وذكر ،ولقد حث النبي على صلاة سنة الوضوء، فكل ما ذكره من أمثلة ليوهم أنها إحداث من الصحابة ولكنها متعلقة بأصل عام من أحد الوجوه داخلة كلياً تحت دليل شرعي وإنما انفرد الصحابة بالتطبيق وليس التأصيل، فإذا لم تثبت له الاستدلالات ظل قوله صلى الله عليه وسلم (كل بدعة ضلالة) على إطلاقه لعدم ورود نص يقيد الإطلاق ،وأما قوله صلى الله عليه وسلم (من سن في الإسلام سنة حسنة..) فلا يصلح قيداً لأنه لم يقل (من ابتدع..) ،ولأن له سبب ورود يوضح المقصود (وهو ما سأوضحه لاحقاً إن شاء الله)


ولا يفوتني الإشارة إلى أن الأساس المشترك في المناهج الفاسدة والمقولات المعوجة هو تقديس الأشخاص فالغلو في التعامل مع كلام العلماء وإضفاء قداسة عليه يسهل على أمثال مصطفى حسني الاصطياد فيه..


3-وبعد أن أثبت ما يرومه من كون البدعة منها ما هو حسن بدأ يؤصل إلى أن البدعة الحسنة هي كل ما اندرج تحت أي أصل عام في الشريعة (وهذا يدخل فيه حلق الذكر البدعية الصوفية التي يرددوا فيها حيُ حيُ ،ويهزوا رؤوسهم ،ويقولون هذا تحت أصل الذكر ) وهو ما رددنا عليه ،ثم قام بعمل استطلاع رأي ليقوم باثبات هدف الحلقة كلها وهو أن أهل السنة نشروا مفاهيمهم الخاطئة بين الناس لدرجة أن تصور الناس غلط عن البدعة ..


4- ثم انتهى بأن مقولة (كل بدعة ضلالة ) ليست على اطلاقها وهو ما رددنا عليه ( ونفرد له نقلاً لاحقاً إن شاء الله) ، وهذا المنهج مضطرد في الحلقة يأتي بالفروع لينقض الأصول ويجمع بعض التعريفات ليوهم الاجماع أو شبهه ليرد النص ، ويأتي بالمختلف فيه لينقض المتفق عليه ،وهو مسلكٌ بعيدٌ عن الأصول وعن الفقه وعن السلف وعن التأصيل العلمي بل هو مسلك أهل الهوى نعوذ بالله منه..


ثالثاً: أمثلة ذات مغزى: وقام فيها بالتالي:

1- ظل مطرداً فيما أسسه وما يريده وهو إسقاط أو تشويه المنهج السلفي فجاء بذكر موضوع المولد وحب النبي (أشهر دعاوي الصوفية المحترقة) ليثبت كما نص أن الآخرين لا يفرحون بمولده ( دليل الحب بزعمهم) ،فيا للعجب عندما يُتهم المتأسون بالرسول صلى الله عليه وسلم الصابرين على ما أصابهم من أذى لنشر سنته في حبهم لحبيبهم صلى الله عليه وسلم ،ويدعي حليق اللحية المنظر للبدعة الخلوص في الحب، فحسبنا الله ونعم الوكيل ..


ثم يأتي بأمثلة أخرى يذكر فيها كلام الإمام أحمد وابن تيمية ليوهم الناس تخبط أهل السنة ويلقن الناس أن أحمد وابن تيمية منهجهم غير هؤلاء ، ثم يخلص إلى تلقين الشباب (قوله أحمد بن حنبل وابن تيمية ما بيقولوش كده ، روح اتعلم الاول) وهو تلقين مقصود ..


2- والملاحظ في الأمثلة التي ذكرها ومنها مسح الوجه وقراءة الفاتحة والمسبحة والمولد ليست كلها سواء وكلٌ منها مسألة مستقلة من وجه عن الأخرى ولكنها يذكرها ليثبت بها الأصل الذي يريد إثباته ويحقق بها الهدف الواضح من الحلقة وهو أن أهل السنة منهم من لا يقول ببدعية هذه الأشياء على الاطلاق ليقوم بإفقاد الثقة في أي نصيحة توجه لهم بخصوص البدع، مما يفتح باب الابتداع دون الدخول في مضيق ،وهو ما يسمى (سيناريو النهاية المفتوحة) ..


ويصل للهدف المطلوب وهو (اللي بيقولوا بدعة مش عارفين ايه البدعة وما لهمش سلف )..

ولنا أن نحاكمه إلى مسائل كالطواف بالقبور ودعاء الأموات والتبرك بالصالحين ،وهل يقر ببدعيتها أم سيجادل فيها ؟! ،أم أنه يكتفي بالاسقاط وسيترك للباقيين(الأصوليين) التنظير لما تبقى من بدع الصوفية...


3- وأكثر ما يميز أمثلته أنها تتشابه في نقولها وترتيب استدلالاتها مع كلام علي جمعة بل حتى بداية النقل ونهايته ، فلا أدري هل هذا محض توافق بين مصطفى حسني وعلي جمعة أم أن حسني كان كاذباً في ادعائه عدم الاستفادة من أي كتاب لأحدٍ من الأحياء ،ولماذا يريد أن يظهر بمظهر المحايد مع كونه منحازاً إلى شيخه علي جمعة ؟! ولماذا لا يجرؤ على الانتساب له ؟! وما رأيه في منهج علي جمعة الصوفي؟! ....أسئلةُ مهم الإجابة عليها لتتضح الصورة...

ولقد قام الشيخ أبي إسحاق حفظه الله بالرد عليه وكان رده – نفعنا الله بعلمه – موجعاً للقوم حيث كانت محاوره الأساسية:


1- الإشارة مباشرةً لكون مصطفى حسني ألعوبة في يد غيره وهو ما يهدر ما أصله من الرجوع للقرون الثلاثة الأولى ، ويقطع الطريق أمام إكمال مخططه – فهذه الحلقة سيتبعها حلقات عن مفهوم السنة وهلم جراً- إلا لو أراد إثبات التهمة على نفسه...


2- ثم ذكَّرهُ بالشاطبي وهو أصولي وصاحب كتاب في البدعة وهو من ذكر مسألة البدعة الإضافية فأوجعت القوم ...


3- ثم ألزمه بلازم قوله وهو فتح الباب للابتداع تحت دعوى عدم التفريق فكانت مضيقاً للقوم لو نفوا ذلك أبطلوا الأصل الذي أصلوه ولو أثبتوا ذلك أثبتوا على أنفسهم التنظير للبدعة – فلله دره حفظه الله -..


4- ثم حاصره فيمن ذكرهم من علماء واستدل بهم وسأله هل سينزل على فتاويهم وأقوالهم أم سيتحلل منها فكانت ناسفة لهذا الفتى لأنه أقام حلقته كلها على الاحتكام لهم فحاكمه الشيخ لهم في مسائل أخرى – بارك الله لنا في الشيخ وفي علمه –


وسأقوم مستعيناً بالله بجمع ونقل كلام أهل العلم في الرد على أفراخ علي جمعة وتأصيلاتهم للبدعة ...

أسأل الله أن يوفقنا لما يحبه ويرضاه ...


وسأبدأ أولاً بنبذة عن البدعة وأقسامها وحدودها مع الرد على مسألة (هل ترك النبي صلى الله عليه وسلم سنة؟! وهل يكون فعل ما تركه بدعة؟) التي دأب مصطفى حسني على التشغيب بها في الحلقة.....

===============================================================
المسألة الأولى : ماهية البدعة

مدخل:
لقد جاء الرسول صلى الله عليه وسلم فهدى الله به من الضلالة ، وأكمل به الدين فكانت النعمة السابغة العظيمة التامة ،ونزل قوله تعالى : [اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا..]، فما من خيرٍ إلا وقد جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وما من شيء إلا وقد نُهَّى عنه، وعلى هذا تجتمع الأمة فهو أمرها ودينها، والعقول الصحيحة تتوافق مع النقول الصريحة، والنفوس السوية والقلوب الطاهرة تُقبل على هذا الحق وترى فيه خيرها وهداها، ولكن هناك من تحركه نوازعه أن يُحدث وينشأ في دين الله ما لا دليل عليه من كتابٍ ولا سنةٍ ، فهل يظن هؤلاء أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يبلغ الدين كما أنزل عليه، أم يظنون أن الله أنزله ناقصاً؟!، إن ما بفعله هؤلاء لجريمة عظيمة في حق أنفسهم وفي حق أمتهم ودينهم ، والأمة لا تستفيد بذلك إلا تفرقاً وتناحراً ، فهم بذلك قد احتملوا أوزاراً فوق أوزارهم وأعمالهم التي أحدثوها لن تنفعهم في الدنيا ولا في الآامل ،ففي الدنيا لهم الذلة لمخالفة أمره صلى الله عليه وسلم وسنته، وفي الآامل يأتون سود الوجوه ويُردَّون عن الحوض ويقال لهم ( سحقاً سحقا ً لمن بدل بعدي ) ، فإذا لجأوا لأعمالهم وجدوها كسرابٍ بقيعة إذا أتوها لم يجدوا إلا الظمأ والعذاب الأليم ذلك لأنها أعمالٌ مردودة غير مقبولة ، وهم مأزورون غير مأجورين ، فكليهما في الإثم سواء ولن ينفعهم أن يقولوا [إنا وجدنا آباءنا على أمة].

أحاديث ذم البدعة:

- والأصل عند الكلام عن البدعة البدء بحديث عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)) ([1]). وفي رواية مسلم : ((من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد)) ([2]).

- قال أحمد – رحمه الله – : (أصول الإسلام على ثلاثة أحاديث: حديث عمر (إنما الأعمال بالنيات)، وحديث عائشة رضي الله عنها (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)، وحديث النعمان بن بشير (الحلال بين والحرام بين) )، وذلك لأن الدين كله يرجع إلى فعل المأمورات وترك المحظورات والتوقف عن المشتبهات (حديث النعمان) وهذا لا يتم إلا بأمرين: (1) قصد الله بالعمل (النية الصالحة) (حديث عمر)، (2) موافقة السنة (حديث عائشة).

- قال النووي – رحمه الله – (هذا الحديث مما ينبغي حفظه ، واستعماله في إبطال المنكرات وإشاعة الاستدلال به) ([3]).

- قال ابن رجب – رحمه الله – (وهو كالميزان للأعمال في ظاهرها ، كما أن حديث (الأعمال بالنيات) ميزان للأعمال في باطنها ، فكما أن كل عمل لا يراد به وجه الله تعالى ، فليس لعامله فيه ثواب، فكذلك كل عمل لا يكون عليه أمر الله ورسوله فهو مردود على عامله) ([4]).

- ومن الأحاديث التي تعضد وتكمل معنى هذا الحديث: حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه : ((صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ثم أقبل علينا فوعظنا موعظة بليغةً ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب، فقال قائل: يا رسول الله كأن هذه الموعظة موعظة مودع فماذا تعهد إلينا، فقال صلى الله عليه وسلم : أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن عبداً حبشياً ، فإنه من يعش منكم بعدي فسيري اختلافاً كثيراً فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة)) ([5]).، وفي حديث جابر بن عبد الله مرفوعاً وفيه ((وشر الأمور محدثاتها)) ([6]).

تعريف البدعة:
- في اللغة ترجع لمعنيين :

الأول: ابتداء شيء وصنعة لا على مثال سابق ، ومنه قوله تعالى : [بديع السماوات والأرض]،

والثاني: الانقطاع والكِلال: فالعرب تقول: أبدَعت الإبلُ: أي كلَّت وعَطِبت ،

وهما متفقين مع المعني الشرعي فالبدعة إحداث في دين الله ما لم يأتي به الشرع، وهي انقطاع عن السير في طريق الهدي وميلٌ عن السنة.

- وفي الشرع يعرفها الشاطبي بأنها (طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشرعية يقصد بالسلوك عليها ما يقصد بالطريقة الشرعية) ([7]).

فقوله (طريقة) : أي كل ما رسم للسلوك عليه أو اتخذ للتعبد به سواءً كان في المسائل العلمية أو العملية.

وقوله (في الدين) : لأنها لو كانت في الدنيا لم تكن بدعة ، وفي الحديث قال صلى الله عليه وسلم : ((في أمرنا هذا)).

وقوله (تضاهي الشرعية) : أي تشابهها من غير أن تكون في الحقيقة كذلك ، بل هي مضاهاة للشرع وتكون المضاهاة بالالتزام أو المنع ، كمن يُلزم نفسه بما لم يلزمه الشرع به أو يمنع نفسه من شيء لم يمنع منه الشرع على وجه القربة والديانة، وتكون كذلك بتخصيص زمان أو مكان أو هيئة بصفة أو عمل لم يخصصها الشرع وغير ذلك من صور المضاهاة.

وقوله (يقصد بالسلوك عليها ما يقصد بالطريقة الشرعية) : فالشريعة تُقصد لمصالح العباد في الدنيا والآامل ، وهو ما يقصد المبتدع ببدعته، وهذا واضح في العبادات ، وإما بالنسبة للعادات فإن الابتداع يدخلها من حيث أنه لابد في كل عاديٍ من شائبة تعبد فالبيع والشراء والطلاق والإجارات والجنايات تعتبر كلها عاديات ، ولابد فيها من تعبد إذ هي مقيدة بأمور شرعية لا خيرة للمكلف فيها سواء كانت واجبات أو مستحبات أو مكروهات أو محرمات أو كانت تخييراً للمكلف في المباحات. فإذا جاء الابتداع من هذا الوجه صح دخوله في العادات كالعبادات وإلا فلا.

أنواع البدعة:

والبدعة نوعان باعتبار تعلقها بالدليل الشرعي وعلاقتها بالعمل من حيث الالتصاق والانفراد:

1- بدعة حقيقية : (هي التي لم يدل عليها دليل شرعي ، لا من كتاب ولا من سنة ولا إجماع ولا استدلال معتبر عند أهل العلم ، لا في الجملة ولا في التفصيل) ([8]).

2- بدعة إضافية : (هي التي لها شائبتان : إحداهما لها من الأدلة متعلق فلا تكن من تلك الجهة بدعة ، والأخرى ليس لها متعلق إلا مثل ما للبدعة الحقيقية ، فلما كان العمل الذي له شائبتان لم يتخلص لأحد الطرفين وضعنا له هذه التسمية وهي (البدعة الإضافية) أي أنها بالنسبة إلى إحدى الجهتين سنة لأنها مستندة إلى دليل ، وبالنسبة إلى الجهة الأخرى بدعة لأنها مستندة إلى شبهة لا إلى دليل أو غير مستندة إلى شيء.

والفرق بينهما من جهة المعني أن الدليل عليها من جهة الأصل قائم ، ومن جهة الكيفيات أو الأحوال أو التفاصيل لم يقم عليها،مع أنها محتاجة إليه لأن الغالب وقوعها في التعبديات لا في العاديات المحضة) ([9]) ،وأمثلة ذلك :

(1)الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم قبل الآذان بدعة حقيقية إذ ليس لها أصل ، أما الصلاة بعد الآذان فسنة، أما الجهر بالصلاة عليه مع رفع الصوت بعد الآذان فبدعة إضافية.

(2)قراءة سورة الكهف يوم الجمعة سنة مستحبة، ولكن الجهر بها في المسجد بدعة إضافية.

(3)ومن ذلك من حرم على نفسه النساء ، أو أوجب على نفسه القيام بلا نومٍ والصيام بلا فطر ، كما قال صلى الله عليه وسلم لمن ظن أنه يسعه فعل ذلك مع أن هديه صلى الله عليه وسلم خلافه: ( فمن رغب عن سنتي فليس مني )

ولقد ذكر الشاطبي من أنواع البدع الإضافية : المتشابهات – التبرك بالصالحين وآثارهم – و(أن يكون أصل العبادة مشروعاً إلا أنها تخرج عن أصل شرعيتها بغير دليل ،توهماً أنها باقية على أصلها تحت مقتضى الدليل ،وذلك بأن يقد إطلاقها أو يطلق تقييدها ) وهو ما ضرب له مثلاً بتخصيص زمان أو كيفية زائدة بقصد التعبد لعبادة شرعت على العموم كالنفل المطلق من الصيام والصلاة إذا خصص له زمان بقصد التعبد

حكم الابتداع: التحريم لأمر الشرع بالاتباع وشدة ذمه للابتداع ، وذم البدعة في أن:

1-البدعة ضلال عن الحق يهدي إلى النار : قال تعالى : [فماذا بعد الحق إلا الضلال]، [وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله]، ويقول صلى الله عليه وسلم : ((إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار)) ([10]).

2-البدعة خروج عن اتباع النبي صلى الله عليه وسلم : وقد قال تعالى : [قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم]، فبدون الاتباع يخسر المرء حب الله ومغفرته.

3-البدعة تتضمن طعناً في الإسلام: لأن الكامل لا يحتاج إلى إضافة لكن الناقص أو القاصر هو الذي يحتاج إليها.

4-البدعة تضمن طعناً في الرسول صلى الله عليه وسلم : لأنه إما أن يكون جاهلاً بها أو كاتماً لها وكلاهما طعن فيه صلى الله عليه وسلم .

5-البدعة سبب تفرق الأمة : [كل حزب بما لديهم فرحون]، فتجد التفرق يدب في الأمة بسببها.

6-أن انتشار البدعة سبب لضعف الالتزام بالسنة: فما من بدعة تحيا إلا أماتت سنة مقابلة لها مكانها.


وجوب الاتباع:

- قال ابن تيمية (وأنتم تعلمون – أصلحكم الله – أن السنة التي يجب اتباعها ويحمد أهلها ويذم من خالفها: هي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمور الاعتقادات وأمور العبادات وسائر أمور الديانات ، وذلك إنما يعرف بمعرفة أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم الثابتة عنه في أقواله وأفعاله وما تركه من قول وعمل ثم ما كان عليه السابقون والتابعين لهم بإحسان) ([11]).

- قال تعالى : [يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر] ([12]).

-ولقد قال صلى الله عليه وسلم : ((كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبي، قيل: ومن يأبي يا رسول الله؟!، قال: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبي)) ([13]).

والعمل يجب أن يكون موافقاً للشرع في ستة أمور وإلا دخله الابتداع:

1-السبب : كالاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم فسبب هذا العيد لم يرد في الشرع فهو احتفال بدعي، وكإحياء ليلة السابع والعشرين من رجب ، فالتهجد عبادة ولكن لما قُرِنَ بهذا السبب كان بدعة لأنه سبب لم يرد في الشرع.

2-الجنس : كأن يضحى إنسان بفرس فهذا بدعة، لأن الأضاحي تكون من جنس الأنعام فقط (الإبل والبقر والغنم).

3-القدر : كما لو صلى أحدهم الظهر ستاً.

4-الكيفية: فلو نكس إنسان الوضوء أو الصلاة لما صح وضوءه أو صلاته لأن عمله مخالف للشرع في الكيفية.

5-الزمان: كتخصيص ليلة الجمعة بعبادات خاصة أو تخصيص أيام معينة بصيام خاص بدون دليل.

6-المكان: كما لو وقف أحدهم في مزدلفة يوم عرفة، لم يصح وقوفه وكان بدعة وكذلك لو اعتكف مثلاً في منزله بدلاً من المسجد.

أدلة أهل البدع:

- بعضهم يستدل بحديث ((من أحدث)) على أن التحريم واقع في أول من أحدثها فقط وليس من اتبعه وفي رواية ((من عمل عملاً)) رد على هذه الشبهة ، ففيها التصريح بأن كل المحدثات سواء أحدثها الفاعل أو سبقه أحد بإحداثها مردودة غير مقبولة.

-وأهل البدع يستدلون بحديث ((من سن سنة حسنة وله أجرها وأجر من عمل بها)) وأثر عمر ((نعمت البدعة هي)) والحديث في السنة الحسنة والسيئة وليس البدعة، والسنة تطلق على الطريقة والعادة والخلق والحديث له سبب ورود ، وهو الصدقة التي كانت سبباً في تكاثر الصدقات ، وللحديث كذلك لفظ آخر هو ((من أحيا سنة من سنتي قد أميتت فله أجر من عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شيئاً)).

- وأما قوله عمر رضي الله عنه فكان في صلاة التراويح جماعة في المسجد والرسول صلى الله عليه وسلم قد فعلها من قبل وقد تركها لئلا تُفرض على الناس، فالمقصود إذاً المعني اللغوي لا الشرعي لأن فعله لا يندرج تحت البدعة الحقيقية أو الإضافية فلا دليل لهم به.

فأدلة أهل البدع:

1- أدلة غير معتبرة شرعاً:
أ- غير شرعية فاسدة الأصل والثبوت: فلا يستدلون بآية ولا حديث، ولا فعل صحابي أو قوله أو إجماع للسلف ، بل أدلتهم عقولهم وأذواقهم وقلوبهم ، وما ذنب الدين إن كانت عقولهم فاسدة، وأذواقهم ماجنة ، وقلوبهم ميتة.
ب- شرعية غير ثابتة: فتجدهم يستدلون بأحاديث موضوعة مكذوبة أو ضعيفة مهترئة مسلسلة بالانقطاع أو الكذب أو الوهم أو غير ذلك كاستدلالهم على التوسل بالأموات بحديث أن آدم عليه السلام لما اقترف الخطيئة قال: يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي، فقال الله : يا آدم وكيف عرفت محمد ولم أخلقه؟ قال: يا رب لأنك لما خلقتني بيدك ونفخت في من روحك رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوباً لا إله إلا الله محمد رسول الله ، فعلمت أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحب الخلق إليك، فقال الله (صدقت يا آدم إنه لأحب الخلق إلى، أدعني بحقه، فقد غفرت لك ولولا محمد ما خلقتك) وهذا حديث موضوع مكذوب.

2- أدلة معتبرة شرعاً: وهي آيات وأحاديث يحرفون معانيها ويتلاعبون بمرادها بالشبهات مثلهم كمثل نصاري نجران لما استدلوا بقوله تعالى : [نحن] أنها للجمع وإنما هي للتعظيم الذي يستحق الله سبحانه كماله المطلق فقال تعالى في حقهم : [هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وآخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله]، ومن ذلك استدلالهم بطلب عمر رضي الله عنه من العباس رضي الله عنه عم الرسول صلى الله عليه وسلم أن يدعو لهم توسلاً بدعائه على جواز التوسل بالأموات وهو دليلٌ عليهم لا لهم ذلك أن الصحابة تركوا التوسل بالرسول صلى الله عليه وسلم وطلبوا دعاء العباس فدل ذلك عدم جواز التوسل بالأموات، وكل استدلالاتهم من هذا الوجه باطلة فاسدة..

رحم الله مالك إذ يقول أن السنة (مثل سفينة نوح ، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق) فالاعتصام بالسنة نجاة .... فالسنة السنة يا عباد الله

([1]) البخاري 2697.
([2]) مسلم 1718.
([3]) شرح صحيح مسلم 12/16.
([4]) جامع العلوم والحكم.
([5]) أبو داود 4606 ، ابن ماجة 1425 ، أحمد (6/73، 240، 270) ، والبخاري في الصحيح 697، ومسلم 1718.
([6]) مسلم 867.
([7]) الاعتصام للشاطبي ، ص 28.
([8]) الاعتصام للشاطبي ، ص 210.
([9]) الاعتصام للشاطبي ، ص 210.
([10]) مسلم 3/153، والنسائي 3/188.
([11]) مجموع الفتاوى 4/436.
([12]) [النساء : 59].
([13]) البخاري 7280، ومسلم 1835.
==========================================================




عدل سابقا من قبل اسماء يوسف في 2011-05-08, 9:30 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
اسماء يوسف
مشرفة منتدى أهل السنة والجماعة
مشرفة منتدى أهل السنة والجماعة
اسماء يوسف


عدد المساهمات : 129
العمر العمر : 31
الابراج الابراج : الدلو
الأبراج الصينية الأبراج الصينية : الديك
نقاط : 5024
السمعة : 32
تاريخ الميلاد : 06/02/1993
تاريخ التسجيل : 22/05/2010
المزاج المزاج : كل عا م وانتم بخير وند عو الله ان ينصر اخواننا فى كل مكان انة مو لى ذلك والقا در علية

الرد على أفراخ علي جمعة ( مصطفى حسني مثالاُ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: الرد على أفراخ علي جمعة ( مصطفى حسني مثالاُ)   الرد على أفراخ علي جمعة ( مصطفى حسني مثالاُ) Empty2011-05-08, 9:15 pm

المسألة الثانية : هل ترك النبي صلى الله عليه وسلم لعبادة يجعل فعلها بدعة ؟

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : (إذا ترك الرسول صلى الله عليه وسلم فعل عبادة من العبادات مع كون موجبها وسببها المقتضي لها قائماً ثابتاً والمانع منها منتفياً ، فإن فعلها بدعة) ([1]). فترك الرسول صلى الله عليه وسلم يكون حجة بشرطين:

1-وجود السبب المقتضي للفعل في عهده صلى الله عليه وسلم : فإذا لم يوجد السبب في عهده صلى الله عليه وسلم كان الفعل مشروعاً غير مخالف لسنته ، كقتال أبي بكر صلى الله عليه وسلم لمانعي الزكاة ، ويشترط في هذا الفعل الذي وجد سببه ولم يكن في عهده صلى الله عليه وسلم ألا يكون بسبب تفريط الناس وتقصيرهم في السنة ، مثل أن يُقدم البعض العيد على الصلاة لكن لا ينفض الناس ، فإنه لو التزم هدي النبي صلى الله عليه وسلم وسنته في الخطبة لم ينفضوا ويتركوه.

2-انتفاء الموانع، لأنه صلى الله عليه وسلم قد يترك عملاً ما مع وجود مقتضاه لمانع، كتركه التراويح مع الصحابة جماعة خوفاً أن تُفرض عليهم، ولذا كان جمع عمر صلى الله عليه وسلم لهم على الجماعة مشروعاً بل مستحباً. ومنه جمع أبي بكرٍ للمصحف.

- وعلى ذلك فما كان من جنس المصالح المرسلة فليس بدعة وهي المنفعة والفائدة التي يصلح بها أمر العباد ، وقد أطلقها الشرع فلم يقيدها باعتبار أو يهدرها بإلغاء، ويشترط فيها أن يوجد للمعني المناسب فيها جنس اعتبره الشرع في الجملة وأمثلتها استخدام مكبرات الصوت في المساجد للآذان والتعليم وغير ذلك.


- وضابط تمييز المصلحة المرسلة من البدعة المحدثة كما قال ابن تيمية رحمه الله:

(والضابط في هذا والله أعلم أن يقال : إن الناس لا يحدثون شيئا إلا لأنهم يرونه مصلحة إذ لو اعتقدوه مفسدة لم يحدثوه فإنه لا يدعو إليه عقل ولا دين فما رآه الناس مصلحة نظر في السبب المحوج إليه :

فإن كان السبب المحوج إليه أمرا حدث بعد النبي صلى الله عليه وسلم من غير تفريط منا ، فهنا قد يجوز إحداث ما تدعو الحاجة إليه ، وكذلك إن "كان المقتضي لفعله قائما على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لكن تركه النبي صلى الله عليه وسلم لمعارض زال بموته

وأما ما لم يحدث سبب يحوج إليه أو كان السبب المحوج إليه بعض ذنوب العباد ، فهنا لا يجوز الإحداث ، فكل أمر يكون المقتضي لفعله على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم موجودا ، لو كان مصلحة ولم يفعل ، يعلم أنه ليس بمصلحة . وأما ما حدث المقتضي له بعد موته من غير معصية الخالق فقد يكون مصلحة ...........

فأما ما كان المقتضي لفعله موجودا لو كان مصلحة ، وهو مع هذا لم يشرعه ، فوضعه تغيير لدين الله ، وإنما دخل فيه من نسب إلى تغيير الدين ، من الملوك والعلماء والعباد ، أو من زل منهم باجتهاد ، كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وغير واحد من الصحابة : « إن أخوف ما أخاف عليكم زلة عالم ، وجدال منافق بالقرآن ، وأئمة مضلون »

- فمثال هذا القسم : الأذان في العيدين ، فإن هذا لما أحدثه بعض الأمراء ، أنكره المسلمون لأنه بدعة ، فلو لم يكن كونه بدعة دليلا على كراهته ، وإلا لقيل : هذا ذكر لله ودعاء للخلق إلى عبادة الله ، فيدخل في العمومات . كقوله تعالى : {اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا } ، وقوله تعالى : {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ } ، أو يقاس على الأذان في الجمعة ، فإن الاستدلال على حسن الأذان في العيدين ، أقوى من الاستدلال على حسن أكثر البدع . بل يقال : ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم مع وجود ما يعتقد مقتضيا ، وزوال المانع ، سنة ، كما أن فعله سنة . فلما أمر بالأذان في الجمعة ، وصلى العيدين بلا أذان ولا إقامة ، كان ترك الأذان فيهما سنة ، فليس لأحد أن يزيد في ذلك ، بل الزيادة في ذلك كالزيادة في أعداد الصلوات أو أعداد الركعات ، أو صيام الشهر ، أو الحج ، فإن رجلا لو أحب أن يصلي الظهر خمس ركعات وقال : هذا زيادة عمل صالح ، لم يكن له ذلك . وكذلك لو أراد أن ينصب مكانًا آخر يقصد لدعاء الله فيه وذكره ، لم يكن له ذلك ، وليس له أن يقول : هذه بدعة حسنة ، بل يقال له كل بدعة ضلالة)

ولقد قال الشافعي رحمه الله (ولكننا نتبع السنة فعلاً أوتركاً)

ومما ذُكر في التفريق بين البدعة الإضافية والمصلحة المرسلة أن المصالح المعتبرة لا تكون في المقاصد وإنما في الوسائل أما البدعة فيُقصد بها التقرب

أسأل الله أن يتقبل منا ومنك صالح الأعمال وأن يوفقنا لإتمام هذا الرد...

بعض المراجع التي استفدت منها :الاعتصام للشاطبي ،وجامع العلوم والحكم لابن رجب ،وحقيقة البدعة لسعيد الغامدي ،وقواعد البدع للجيزاني ،وشرح العقيدة الواسطية لابن عثيمين مع عدد من كتيباته ،وشرح الأربعين النووية لمحمد يسري ،ووقفات مع متصوفة اليوم لخالد عقدة ،وغيرها...

([1]) مجموع الفتاوى 26/172.

=============================================

المسألة الثالثة:هل قوله - صلى الله عليه وسلم - : (كل بدعة ضلالة) على عمومه أم لا؟!


مما أثاره مصطفى حسني مسألة (مش كل بدعة ضلالة) وحاول اثبات ذلك ببعض الأدلة والآثار ليوهم أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يحدثون دون إذن الرسول صلى الله عليه وسلم ما يشبه البدع لاثبات وجود البدع الحسنة واثبات أن (كل بدعة ضلالة) ليست على اطلاقها ،ومما استدل به :

1-عن رفاعة بن رافع الزرقي قال:كنا يوما نصلي وراء النبي صلى الله عليه وسلم فلما رفع رأسه من الركعة قال: سمع الله لمن حمده، قال رجل وراءه :ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه فلما انصرف قال من المتكلم ،قال :أنا، قال: رأيت بضعة وثلاثين ملكا يبتدرونها أيهم يكتبها أول (أخرجه البخاري)

وهو يستدل بأن الصحابي قال قولاً تركه النبي صلى الله عليه وسلم (في الصلاة مش براها) ثم أقره عليه الرسول ليثبت أن الصحابة يرون إحداث بعض التعبدات من عندهم دون إذن الرسول وهي دعوى عريضة لن يجد عليها دليلاً ، فقول الصحابي داخل في عموم قوله صلى الله عليه وسلم : (( إذا كبر الإمام فكبروا ، وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا : ربنا ولك الحمد)) متفق عليه ،

وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا قال (سمع الله لمن حمده) قال (ربنا ولك الحمد) ، فدعوى الإحداث لا تسلم ولكن الصحابي زاد في صيغة الحمد ثم اقره الرسول صلى الله عليه وسلم أما أصل الحمد في الرفع من الركوع فلم يحدثه الصحابي ،فلا دليل له على ما أراد..

2-ومما استدل به صلاة ركعتين بعد الوضوء وحديث بلال رضي الله عنه ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبلال عند صلاة الفجر: ((يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام فإني سمعت دف نعليك بين يدي في الجنة ، قال: ما عملت عملا أرجى عندي أني لم أتطهر طهورا في ساعة ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب لي أن أصلي )) ، قال أبو عبد الله (أي البخاري): دف نعليك يعني تحريك. (متفق عليه) ،ويزعم أن بلال أحدث هاتين الركعتين ، مع أنه ثبت في صحيح مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال :(ما من مسلم يتوضأ فيحسن وضوءه ثم يقوم فيصلي ركعتين مقبل عليهما بقلبه ووجهه إلا وجبت له الجنة) ،فأصل الصلاة بعد الوضوء ثابت في الشرع وليس إحداثاً تحت أصل الصلاة بل هو اجتهاد فيما ثبت الحث عليه في السنة...


3-ومما استدل به حديث أبي سعيد الخدري قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية فنزلنا بقوم فسألناهم القرى فلم يقرونا (أي يضيفونا)فلدغ سيدهم فأتونا فقالوا :هل فيكم من يرقي من العقرب ،قلت: نعم أنا ولكن لا أرقيه حتى تعطونا غنما ،قال: فأنا أعطيكم ثلاثين شاة ،فقبلنا فقرأت عليه الحمد لله سبع مرات فبرأ وقبضنا الغنم قال فعرض في أنفسنا منها شيء ،فقلنا: لا تعجلوا حتى تأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فلما قدمنا عليه ذكرت له الذي صنعت قال وما علمت أنها رقية اقبضوا الغنم واضربوا لي معكم بسهم ، وهويستدل به أن الصحابي أحدث موضوع الرقية بالفاتحة ، في حين أن أصل العلاج بالرقية وارد في الشرع ففي صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله يقول: لدغت رجلا منا عقرب ونحن جلوس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رجل: يا رسول الله أرقي ،قال: من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل ، وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة أنه قال :جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ما لقيت من عقرب لدغتني البارحة ،قال:" أما لو قلت حين أمسيت أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم تضرك"،وأصل أن القرآن شفاء ثابت في قوله تعالى :{ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ}..

بل الحديث دليلُ عليه وليس له لأن الصحابي لما طلب عوضاً لبخل القوم معهم توقف الصحابة حتى يأتوا الرسول فيسألوه وفيه دليل على أن الصحابة كانوا يرون عدم الإحداث من تلقاء أنفسهم ...

4- وما استدل به آثار عن أبي هريرة في الاستغفار بمقدار معين كل ليلة ،وهو ما يستدل به الصوفيه على الأوراد المبتدعة ولو راجع تعريف البدعة عند الشاطبي (كما نصحه الشيخ إبي إسحاق) لعلم أن شرط البدعة أن تكون (بقصد التقرب) ولذلك أخرجوا منها قصد التنظيم وهو ما لا يتوفر في أوراد الصوفية التي تنص على التقرب بأعداد وأذكار ليس عليها نص ،ولقد أفتى ابن عثيمين – رحمه الله – بأن الموظف الذي لا يقدر بسبب ظروف عمله على الصيام إلا يوم الجمعة له أن يصومه وأن ينتظم في صومه لأنه لا يقصد التقرب بصيامه ولم يقصد مخالفة النهي ،ولشيخ الإسلام كلام قريب من هذا في مسائل أخرى والشاهد أن استدلاله في غير موضعه ،بل إن في أثر أبي هريرة نصه أن هذا العدد يخصه وهو احتراز من أن يظنه الناس سنة ،فهو داخل في ترتيب المرء لنفسه وليس بنية التقرب

فمجموع الأدلة التي استدل بها لا تُثبت ما أراده من كون الصحابة كانوا يُحدثون في الدين عبادات لا دليل عليها دون إذن الرسول صلى الله عليه وسلم ،وبذلك يبقى قوله صلى الله عليه وسلم ( كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة ) على اطلاقه

ومما يُثبت تقرير كون كل بدعة ضلالة ما ذكره صاحب كتاب (حقيقة البدعة) من أن :

-عموم الأدلة في ذم البدعة وجميعها جاءت مطلقة (كل) دون استثناء والأصل يقول أن القاعدة الكلية أو الأصل الكلي إذا لم يقترن بتقييد أو تخصيص يبقى على عمومهيقول ابن تيمية : ( ..إن المحافظة على عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم " كل بدعة ضلالة " متعين وإنه يجب العمل بعمومه ) .... يبقى يا أخ مصطفى مين اللي مش عارف كلام ابن تيمية .. ومين اللي يروح يشوف الأول ابن تيمية قال ايه في البدعة قبل ما يتكلم ...مش عيب تجيب كلام ابن تيمية في السبحة علشان تستدل به أن مش كل بدعة ضلاله مع أن كلامه غير كده...أعتقد أن ده مسلك مش أخلاقي...

- إجماع السلف على ذم البدع وعموم ما ورد منهم في ذم البدعة وما نقل على خلاف ذلك كقول عمر(نعمت البدعة هي) محمول على المعنى اللغوي (راجع المسألة الأولى) ، ومن ذلك قول معاذ بن جبل يوما : إن من ورائكم فتنا يكثر فيها المال ويفتح فيها القرآن حتى يأخذه المؤمن والمنافق والرجل والمرأة والصغير والكبير والعبد والحر فيوشك قائل أن يقول ما للناس لا يتبعوني وقد قرأت القرآن ما هم بمتبعي حتى أبتدع لهم غيره فإياكم وما ابتدع فإن ما ابتدع ضلالة ..
بل إن عمر بن عبد العزيز كتب رجل إليه يسأله عن القدر فكتب: ( أما بعد أوصيك بتقوى الله والاقتصاد في أمره واتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم وترك ما أحدث المحدثون بعد ما جرت به سنته وكفوا مؤنته فعليك بلزوم السنة فإنها لك بإذن الله عصمة ثم اعلم أنه لم يبتدع الناس بدعة إلا قد مضى قبلها ما هو دليل عليها أو عبرة فيها فإن السنة إنما سنها من قد علم ما في خلافها ولم يقل ابن كثير من قد علم من الخطإ والزلل والحمق والتعمق فارض لنفسك ما رضي به القوم لأنفسهم فإنهم على علم وقفوا وببصر نافذ كفوا وهم على كشف الأمور كانوا أقوى وبفضل ما كانوا فيه أولى فإن كان الهدى ما أنتم عليه لقد سبقتموهم إليه ولئن قلتم إنما حدث بعدهم ما أحدثه إلا من اتبع غير سبيلهم ورغب بنفسه عنهم فإنهم هم السابقون فقد تكلموا فيه بما يكفي ووصفوا منه ما يشفي فما دونهم من مقصر وما فوقهم من محسر وقد قصر قوم دونهم فجفوا وطمح عنهم أقوام فغلوا وإنهم بين ذلك لعلى هدى مستقيم.)

- قوله صلى الله عليه وسلم (كل بدعة ضلالة) من صيغ العموم والأصوليين (الذي طلب منا صاحب الحلقة الرجوع إليهم) يعرفون العام بأنه (اللفظ المستغرق لكل ما يصلح له دفعة واحدة )
فدلالة العموم كلية وليست مجملة
ومطلقة تشمل الأزمان والبقاع والأحوال ،
وهي قطعية إذا انتفت القرائن المخصصة...
بل إن الأصوليين يقررون أن اللفظ العام يجب اعتقاد عمومه في الحال والعمل به مياشرة من غير توقف لأن اللفظ للعموم فيجب العمل بمقتضاه ،
ولأن الدليل نزل للإعمال لا للإهمال فقوله صلى الله عليه وسلم ( كل بدعة ضلالة ) دلالته كليه ويدخل تحته كل بدعة

- ولفظ (كل) كما ذكر السبكي من ألفظ العموم الصريحة وهو يحيط بكل الجزئيات المندرجة تحته ومستغرق لها ،وما ود عن الصحابة من ألفاظ أو آثار يتعلق بها لا تخصص هذا الإطلاق لأنها أما تدخل تحت المعنى اللغوي وإما أنها من باب الإجتهاد فيما عليه أصل (دليل) في الشرع..

والله أعلى وأعلم

=============================================

المسألة الرابعة:هل منهج أهل السنة والجماعة سبب تفرق الأمة؟!
وهل منهج (البدعة الحسنة) سبب اجتماع ؟!

مما أثاره مصطفى حسني في حلقته (خدعوك فقالوا دي بدعة) ثم كرر التأكيد عليه والدندنة حوله في حلقته ( خدعوك فقالوا الاختلاف عذاب) فرقة الأمة والاختلاف الحاصل وأن سببه الناس (اللي بيقولوا على كل حاجة بدعة ) (وان كل بدعة ضلالة ) والذين (مش عاوزين يعترفوا بان فيه كلام علماء تانية) (وان اختلاف العلماء رحمة) (وان لكم علماؤكم ولينا علماءنا )....

ومما يُلاحظ خاصةً في الحلقة الثانية أن مصطفى حسني يحاول اسقاط المنهج السلفي على محورين :


المحور الأول : المحور الأخلاقي فهم لا يعرفون إلا الإساءة للمخالفين ،ولا يلتزمون بآداب الحوار وهم متعصبون لآرائهم ويحتكرون مطلق الحق


المحورالثاني : المحور العلمي: فهم لا يعرفون أن هناك اختلاف ولا يعرفون الآراء المختلفة ويتبعون علماء معاصرين في آرائهم وليس لهم قراءة في كتب السلف




ولكن مصطفى حسني لم يكن يوجه كلامه لهم – أصلاً – ولكنه وجه كلامه للجمهور وركز على اسقاط المنهج بمحاولة تثبيت هذه الدعاوي مع محاولة تثبيت أصول بدعية (ليس كل بدعة ضلالة) (فيه بدعة حسنة ) (لا تنكر علي ولا تبدعني – يا صاحبي – ما دام معايا فتوى أن بدعتي حسنة)


وللرد على شبهة الاتهام بالتفريق وللإجابة على استفسار : هل دعاة السنة دعاة التفرق ودعاة (البدعة الحسنة ) دعاة اجتماع؟! ينبغي استحضار بعض الأصول الشرعية والانطلاق منها:


أولاً : من هم مسببي الفرقة والاختلاف بنص الكتاب والسنة؟:


1- جاءت الأدلة على كون الافتراق حادث في البشر وأن الابتداع هو سببه وأن النجاة منه بالتمسك بالسنة :


-فأخبر سبحانه بحدوث الافتراق في البشر قال سبحانه: ) كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه ([1] والمراد أنهم كانوا أمة واحدة على الحق فاختلفوا بالباطل فأرسل الله الرسل من أجل رد الناس للحق والحكم بينهم فيما اختلفوا فيه ..


-وذكر سبحانه في كتابه أن الاختلاف – على عكس ما نتصور – يكون مع العلم أيضاً ولكن إذا صاحبه الهوى والبغي قال الله سبحانه:{وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم}[2] ..


-وذكر سبحانه أن الاختلاف سنة باقية وأن الناجي منها من نال رحمة الله وهو ما يكون بالتمسك بما جاء به الأنبياءقال تعالى: {ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين } [3] ،يقول ابن تيمية : (ولست تجد اتفاقا وائتلافا إلا بسبب اتباع آثار الأنبياء من القرآن والحديث وما يتبع ذلك ولا تجد افتراقا واختلافا إلا عند من ترك ذلك وقدم غيره عليه قال تعالى : {ولا يزالون مختلفين} {إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم } فأخبر أن أهل الرحمة لا يختلفون وأهل الرحمة هم أتباع الأنبياء قولا وفعلا وهم أهل القرآن والحديث من هذه الأمة فمن خالفهم في شيء فاته من الرحمة بقدر ذلك )..


- ولقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بافتراق الأمة بسبب البدعة وأن النجاة في التمسك بالسنة: ففي حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( تفرقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة أو اثنتين وسبعين فرقة ، والنصارى مثل ذلك ، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة )[4] ..
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل حذو النعل بالنعل حتى إذا كان منهم من أتى أمه علانية كان من أمتي من يصنع ذلك وإن بني إسرائيل تفرقت على اثنتين وسبعين ملة وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة كلهم في النار إلا واحدة ) ، قالوا من هي يا رسول الله ؟ قال: ( ما أنا عليه اليوم وأصحابي )[5] ..
وقال صلى الله عليه وسلم: ( تركتكم على المحجة البيضاء لا يزيغ عنها إلا هالك )[6]
فذكر النبي صلى الله علييه وسلم الافتراق وبين أن النجاة بالتمسك بهديه وفهم الصحابة للوحي ...


-وإذا جمعنا بين حديث ابن عمر وحديث ثوبان "وأني سألت ربي أن لا يهلك أمتي بسنة عامة، وأن لا يسـلط عليـهم عدوا من سوى أنفسهم فيستبيـح بيضتهم وإن ربي قال: "يا محمـد إني إذا قضيت قضاء فإنـه لا يرد، وإني أعطيتـك لأمتـك أن لا أهلكهم بسنـة عامة، وأن لا أسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم فيستبيـح بيضتهم ولو اجتمع عليهم من في أقطـارهـا حتى يكون بعضهم يهلك بعضا"[7]. يتبين أن الابتداع الذي هو سبب الافتراق في الأمة ومن أسباب هزائم الأمة والعذاب النازل عليها..


2- فأهل البدع هم من يفرق الأمة (وليس من يحارب البدعة) إذ هم يتعصبون للأشخاص ويوالون ويعادون عليهم وكل من فعل ذلك فقد شابههم في طريقتهم بل بلغ الأمر بـ (علي جمعة ) أن يقول (نعم ، الصحابة كانوا أشاعرة )، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : ( وليس لأحد أن ينصب للأمة شخصا يدعو إلى طريقته ، ويوالي ويعادي عليها غير النبي صلى الله عليه وسلم ولا ينصب لهم كلاما يوالي عليه ويعادي غير كلام الله ورسوله وما اجتمعت عليه الأمة ، بل هذا من فعل أهل البدع الذين ينصبون لهم شخصا أو كلاما يفرقون به بين الأمة يوالون به على ذلك الكلام أو تلك النسبة ويعادون) . ويقول في موضع آخر : ( ومن نصب شخصا كائنا من كان فوالى وعادى على موافقته في القول والفعل فهو : [ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا ] [الآية]


3-مع التنبيه على أنه ليس كل من يقع في بدعة يدخل في هذا الوعيد ويدخل ضمن الفرق النارية (على عكس ما أوهم حسني فيه الناس أن المخالفين له يجعلون المرء مبتدعاً بمجرد الوقوع في بدعة) يقول الشاطبي رحمه الله: ( وذلك أن هذه الفرق إنما تصير فرقا بخلافها للفرقة الناجية في معنى كلي في الدين وقاعدة من قواعد الشريعة ، لا في جزئي من الجزئيات ، إذ الجزئي والفرع الشاذ لا ينشأ عنه مخالفة يقع بسببها التفرق شيعا وإنما ينشأ التفرق عند وقوع المخالفة في الأمور الكلية لأن الكليات (تقتضي عدد ) من الجزئيات غير قليل ، وشاذها في الغالب أن لا يختص بمحل دون محل ولا بباب دون باب. ...... ويجري مجرى القاعدة الكلية كثرة الجزئيات ، فإن المبتدع إذا أكثر من إنشاء الفروع المخترعة عاد ذلك على كثير من الشريعة بالمعارضة كما تصير القاعدة الكلية معارضة أيضا وأما الجزئي فبخلاف ذلك بل يعد وقوع ذلك من المبتدع له كالزلة والفلتة ) ([8])..

4- ولقد ذكر الشاطبي ثلاثة أسباب للاختلاف عند المبتدعة، والمتأمل فيها يرى أنها السبب الرئيسي لتفرق الأمة هي:

الأول:الاختلاف في أصل النحلة وقواعد الدين الكلية : وبين رحمه الله أنه قد يلحق بهذا الاختلاف من حيث شموله قوله تعالى في سورة هو ] وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ [ مع الاتفاق في أصل الدين ووقوع الاختلاف في بعض قواعد الكلية ، وهو المؤدي إلى التفرق شيعا ، وبه افترقت الفرق عن جماعة المسلمين([9]).

الثاني: اتباع الهوى :ولذلك سمى أهل البدع أهل الأهواء لأنهم اتبعوا أهواءهم فلم يأخذوا الأدلة الشرعية مأخذ الافتقار إليها ، والتعويل عليها ، حتى يصدروا عنها ، بل قدموا أهواءهم واعتمدوا على آرائهم ، ثم جعلوا الأدلة الشرعية منظورا فيها من وراء ذلك([10]) .

الثالث: التصميم على اتباع العوائد وإن فسدت أو كانت مخالفة للحق : وهو اتباع ما كان عليه الآباء والأشياخ وأشباه ذلك وهو التقليد المذموم وهذا الوجه هو الذي مال بأكثر المتأخرين من عوام المبتدعة ، ويحتجون به على من يرشدهم ويقولون : كان الشيخ فلان من الأولياء وكان يفعله فيكون قولهم هذا من جنس قول منن قالوا لأنبيائهم : ] إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ [ [الزخرف: 22] ، وقالوا : ] بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ [ [الشعراء: 74] على تفاوت ما بين الفريقين في مراتب الضلال .

- ثم ذكر رحمه الله أن جماع هذه الأسباب هو الجهل بمقاصد الشريعة ، والتخرص على معانيها بالظن من غير تثبت ...

- ومن هنا يتبين أن:

أولاً : أن الأصل في الناس التفرق والاختلاف إلا من سار على هدي الأنبياء والرسل...

ثانيا: أن سبب تفرق الأمة هم أهل البدع ، وأن فتح باب تحسين البدعة قسم الأمة إلى بضع وسبعين فرقة وليس الانكار على البدع (وإن كان له ضوابط يجب مراعاتها ) ،وهذا نص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو ما نسي الداعية مصطفى حسني التنبيه عليه طيلة 3 ساعات كاملة هي مدة الحلقتين ..

ثالثاً: أن الاجتماع المقصود والممدوح في الشرع إذا تفرقت الأمة هو ما وافق الحق ولو كنت وحدك كما قال صلى الله عليه وسلم (ما أنا عليه وأصحابي) قال تعالى [وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا] فبين أن التأليف إنما يحصل عند الائتلاف على معنى واحد وخلاف ذلك التفرق والبغضاء والعداوة لأن كل شيعة ستتعلق بحبل غير ما تعلقت به الأخرى فلابد من التفرق وهو معنى قوله تعالى [ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ]([11]) ..


ثانياً : منهج أهل السنة في التعامل مع المخالف هو العدل والانصاف:

- فالناجون من هذا الاختلاف هم أهل السنة والجماعة الذين اجتمعت كلمتهم على الكتاب والسنة وما أجمع عليه سلف الأمة فهم أهل [ما أنا عليه وأصحابي ] وهم سفينة النجاة في خضم هذه الفتن المتلاطمة كما قال مالك رحمه الله : السنة سفينة نوح ، من ركبها نجا ، ومن تخلف عنها غرق([12]) .

- ومن تأمل كلام أهل السنة وجدهم ينصون على أن الأصل في التعامل فيما بينهم الألفة والاجتماع ، وأن الأصل مع المخالفين العدل والرحمة ، لذا نراهم فرقوا في التعامل بين أهل البدع ،وأصلوا ضوابط لهجر المبتدع والتحذير منه فلم يكن شيئاً من أقوالهم عن هوى وبغي كحال أهل البدع معهم..

- ومن ذلك ما حكاه ابن تيمية فقال : (وإذا اجتمع في الرجل الواحد خير وشر وفجور وطاعة ومعصية وسنة وبدعة : استحق من الموالاة والثواب بقدر ما فيه من الخير واستحق من المعادات والعقاب بحسب ما فيه من الشر فيجتمع في الشخص الواحد موجبات الإكرام والإهانة فيجتمع له من هذا وهذا كاللص الفقير تقطع يده لسرقته ويعطى من بيت المال ما يكفيه لحاجته . هذا هو الأصل الذي اتفق عليه أهل السنة والجماعة وخالفهم الخوارج والمعتزلة ومن وافقهم عليه)..

- ومنه تفريقهم بين الساكت عن البدعة والداعية إليها كما قال ابن تيمية : (ولهذا قال الفقهاء :إن الداعية إلى البدع المخالفة للكتاب والسنة يعاقب بما لا يعاقب به الساكت)

- ومن ذلك ما روي أن أحمد كان يستغفر ويترحم على من حبسه وضربه مع كونهم عنده مبتدعة

- ومن ذلك ما قاله ابن تيمية عن الأشاعرة (فإنهم أقرب طوائف أهل الكلام إلى السنة والجماعة والحديث، وهو يعدون من أهل السنة والجماعة عند النظر إلى مثل المعتزلة والرافضة وغيرهم، بل هم أهل السنة والجماعة في البلاد التي يكون أهل البدع فيها هم المعتزلة والرافضة ونحوهم )، ويقول : (يقول:إن الكلابية والكرامية والأشعرية أقرب إلى السنة والحق من جهمية الفلاسفة والمعتزلة ونحوهم باتفاق جماهير المسلمين ) ، ومدح ما فيهم من خير قال : ( فحسناتهم نوعان إما موافقة أهل السنة والحديث ، وإما الرد على من خالف السنة والحديث ببيان تناقض حججهم) ،هذا مع أنه رحمه الله تتبع زلاتهم وبين تناقضاتهم ، وعلى عكس ذلك تجد تعامل الأشاعرة مع منهجه رحمه الله ومع أهل السنة الذي ينتمي إليهم..

- ومنه أنهم جعلوا درجة الإنكار تابعة لدرجة المخالفة :يقول الشاطبي رحمه الله : ( إن القيام عليهم بالتثريب أو التنكيل أو الطرد أو الإبعاد أو الإنكار هو بحسب حال البدعة في نفسها من كونها عظيمة المفسدة في الدين أم لا ، وكون صاحبها مشتهرا بها أو لا ، وداعيا إليها أو لا ومستظهرا بالأتباع وخارجا عن الناس أو لا وكونه عاملا بها على جهة الجهل أو لا وكل من هذه الأقسام له حكم اجتهادي يخصه إذ لم يأت في الشرع في البدعة حد لا يزاد عليه ولا ينقص منه([13]) .

- وتأمل مقالة شيخ الإسلام بن تيمية : ( فإذا لم يكن في هجرانه انزجار أحد ولا انتهاء أحد بل بطلان كثير من الحسنات المأمور بها لم تكن هجرة مأمورا بها كما ذكر أحمد عن أهل خراسان إذ ذاك : أنهم لم يكونوا يقوون بالجهمية فإذا عجزوا عن إظهار العداوة لهم سقط الأمر بفعل هذه الحسنة وكان مداراتهم فيه دفع الضرر عن المؤمن الضعيف ولعله أن يكون فيه تأليف الفاجر القوي ، وكذلك لما كثر القدر في أهل البصرة فلو ترك رواية الحديث عنهم لا ندرس العلم والسنن والآثار المحفوظة فيهم ) ([14])

- ومن هنا يتبين أن :


أولاً:منهج أهل السنة في التعامل مع أهل البدع ليس السكوت عن البدعة ولا تحسينها ولا ترك كل مبتدع وهواه ...


ثانياً: منهج أهل السنة في التعامل مع أهل البدع هو العدل فالانكار على قدر المخالفة مع مراعاة المآلات واعتبار حال المبتدع ، وأهل السنة يدورون حول المصلحة الشرعية ، ولا يجعلون الانكار على البدعة مانعاً من إقامة مصالح المسلمين العامة كالجهاد والصلاة ، هذا مع كونهم يفتحون باب التوبة والرجوع للمخالف..



ثالثاً: بغي أهل البدعة على أهل السنة وتعصبهم للأشخاص:

- فأهل البدع يتعصبون لأئمتهم فيفرقون الأمة كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : ( وليس لأحد أن ينصب للأمة شخصا يدعو إلى طريقته ، ويوالي ويعادي عليها غير النبي صلى الله عليه وسلم ولا ينصب لهم كلاما يوالي عليه ويعادي غير كلام الله ورسوله وما اجتمعت عليه الأمة ، بل هذا من فعل أهل البدع الذين ينصبون لهم شخصا أو كلاما يفرقون به بين الأمة يوالون به على ذلك الكلام أو تلك النسبة ويعادون) ([15]) ، ثم يعادون أهل السنة والجماعة تكفيراً وتفسيقاً واستحلالاً وكذباً وافتراءً..

- فالجهمية ومن تبعهم من المعطلة سموا أهل السنة ( مشبهة ) زعما منهم أن إثبات الأسماء والصفات يستلزم التشبيه .
-والروافض سموا أهل السنة ( نواصب ) لأنهم يوالون أبا بكر وعمر كما كانوا يوالون آل النبي صلى الله عليه وسلم والروافض تزعم أن من والى أبا بكر وعمر فقد نصب العداوة لآل البيت ، ولذلك كانوا يقولوا : ( لا ولاء إلا ببراء ) أي لا ولاية لآل البيت إلا بالبراءة من أبي بكر وعمر .

- والقدرية النفاة قالوا : أهل السنة ( مجبرة ) لأن إثبات القدر جبر عند هؤلاء النفاة .

- والمرجئة المانعون من الاستثناء في الإيمان يسمون أهل السنة ( شكاكا ) لأن الإيمان عندهم هو إقرار القلب والاستثاء شك فيه عند هؤلاء المرجئة ويسمونهم ( مخالفة ونقصانية) لأن أهل السنة يقولون الإيمان يزيد وينقص والمرجئة يقولون إن الإيمان لا يتجزأ أي لا يزيد ولا ينقص ولهذا يسمون أهل السنة نقصانية .

- وأهل الكلام والمنطق يسمون أهل السنة ( حشوية ) من الحشو وهو ما لا خير فيه ، ويسمونهم ( نوابت ) وهي بذور الذرع الذي تنبت معه ولا خير فيها ويسمونهم (غثاء) وهو ما تحمله الأودية من الأوساخ ، لأن هؤلاء المناطقة زعموا أن من لم يحط علما بالمنطق فليس على يقين من أمره بل هو من الرعاع الذين لا خير فيهم .

- والأشاعرة هم من حاولوا استخراج فتوى لقتل ابن تيمية – رحمه الله - ..فقارن بين عدله فيه وبين بغيهم عليه..

- أما (علي جمعة) يقول عن علماء الحرمين: ( وهو ده طلع من السعودية بصراحة .. طيب ما السعودية دول طلعوا على الخلافة بهمّا الكلمتين دول وعيب..عيب لما نطلع على الخلافة اللي سيدنا رسول الله قال (ولو ضرب ظهرك وأخذ مالك) ومش عاوزين نحدث فتنة بين المسلمين بحيث اول ما اشوف واحد سعودي اكرهه ..مش عاوز اعمل انا كده ..فبنخبي الحته ده .. عاوزين نجمع الأمة...بس مافيش داعي دا هم تلت مسائل ..التوسل بالنبي ، وحلق الذكر ، وزيارة الأوليا ، والصلاة اللي فيها قبور ...ايه هذا الكلام الفاضي ده..الامة كلها اجمعت على كده من طانجا لجاكرتا ومن غانا لفرغانا ....واقف لي زي المسمار فيها ليه ..ايه الحكاية..والادلة اهي من الكتاب والسنة واجماع الناس..الاجماع الفعلي والاجماع النظري ...ما لكم..أصل كده قلبي مش مطمن..ويعملك ...يفحفح زي اللـ...البتاع كده...) ،وفي موضع تاني يقول (انا عاوز افهم هم مضيقين من علماء الازهر ليه؟..قالي لسبب بسيط...اخواننا بيقولهم انت بقيتو علما بعد اسبوعين...اسبوعين بس...يدخل معاهم الواد من دول..يربي لحيته..يقصر جلبيته..ينقب مراته..يقرا نيل الاوطار او لابن عثيمين او يقرا لابن باز..او يقرا الاحاديث الضعيفة والصحيحة للاباني ..ويبقى عالم...فهو بيقولو اخليك عالم في اسوعين وانت بتقولوا اخليك عالم في تلاتين سنة .. يبقى يطاوع مين....قلته لأه، يطاوع ابو اسبوعين..اسرع..احلى..اجدع..بس هي اقرب طريق الى النار..لانه سيتكلم في دين الله من حيث لا يدري بغير علم...ويحسب انه يحسن صنعا (ويمطها).. ياهوو ايوة صحيح يا هووو ..يا لطيف...)

طبعاً أنا اتذكر الآن مصطفى حسني وهو في الحلقة بيقول (بتتمهزأ بي..)لمن قال عن خطئه (ومما يُضحك الثكلى) ثم يقول ( اقولك معلومة..ده اللي اتفق عليه العلماء ان دي اللي بدعة....منهج النبي صلى الله عليه وسلم انه كان بيصحح خطأ المخطيء..وكان بيطبطب على المخطيء..وكان بيلتمس العذر للمخطيء..لكن مكانش بيتمهزأ بالمخطيء..اللي انت عملت يا صديقي هو اللي بدعة)..
ومش عارف فين الاتفاق ده ؟.. ومين من العلماء قال به؟ ..
وهل كلمة (مما يضحك الثكلى) داخل في حد البدعة ولا ممكن تكون على حسب كلامك بدعة حسنة (داخله تحت أصل عام في الدين وهو اختلاف معاملة النبي للمخطئين باختلاف أحوالهم)...؟!
وبعدين يا استاذ مصطفى ..ليه بتبدع مخالفيك ؟!..علشان ردوا عليك وخالفوك ...مش ده اللي بتحذر منه ..طيب ليه بتعمله مع اول واحد يخالفك؟!
ومش عارف رأيك ايه في كلام علي جمعة عن علماء بلاد الحرمين مع إن الرسول قال إن الدين يأرز إلى ما بين مكة والمدينة (يعني تزكية من الرسول لعلماء مكة والمدينة) ؟...وهل علي جمعة هو المقصود بـ (العالم المؤدب اللي العيبة لا تطلع من فمه) الذي تكلم عنه ...؟!

- وعلى منوال البغي على أهل السنة يتهم (علي صبيح) (الحركة الوهابية) بأنهم كانوا عملاء للإنجليز ،في حين ان الانجليز هنأوا إبراهيم باشا بالقضاء عليها....ويقول عن ابن تيمية: ( وقد قال لي أحد الناس بعفوية شديدة :أين علماء المسلمين،وقال آخر بلغة عامية شديدة هل أصبح ابن تيمية (طرزان)؟ وكلمة عامية جداً هي كلمة (دكر) وبقية علماء المسلمين قبل ابن تيمية وبعده (طراطير)؟)!

- فهل هذا الإسفاف من (علي ) هو الذي سيوحد المسلمين ويجمع كلمتهم ؟! وهل هذا هو المحتوى الأخلاقي لمنهج يريد أن يُصور نفسه على أنه الامتداد للصحابة.؟؟!!

- ويقول آخر عن الشيخ أبي إسحاق – حفظه الله وجعله غصة على أهل البدع – (يعني بياع جبنة هو المتخصص؟)

- وبمناسبة تفريق المسلمين نذكر إن (علي جمعة) هو العالم الوحيد في الأمة الإسلامية الذي أفتى لعمرو خالد بنقض المقاطعة المفروضة على الدانمارك والاستجابة لطلب رسمي من حكومتها الصليبية ... بينما كان علماء السنة على قمة المنادين بمقاطعة الدانمارك وطرد سفرائها....

فأي الفريقين أحق بدعوى حب رسول الله صلى الله عليه وسلم..؟!
وأي الفريقين يمثل الأمة...؟!
وأي الفريقين نشاز عن الأمة من طانجا لجاكرتا ومن غانا لفرغانا..

وأختم بتذكير (مصطفى حسني ) بتقرير رند 2006 والذي نص على محاربة المنهج السلفي بظاهرة الدعاة الجدد مع الطرق الصوفية ..
وأتساءل من الذي يفرق الأمة ؟..ومن الذي يريد هدم الآخر ؟

[1] -سورة البقرة الآية 213 0
[2] -سورة آل عمران ، الآية 19 0
[3] -سورة هود ، الآيتان : 118-119 0
[4] -المسند (2/332) ، وسنن أبي داود كتاب السنة (38) ، وسنن ابن ماجه المقدمة باب (12)، سنن الترمذي كتاب الفتن باب (34)0
[5] -سنن الترمذي كتاب الإيمان باب (8)0
[6] -رواه الإمام أحمد في مسنده (4/126) ، وابن ماجه في سننه رقم (43) باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين ، وقد صححه ابن أبي عاصم وقال إسناده حسن0
[7] رواه مسلم جـ 4 رقم 2889.
([8]) الاعتصام للشاطبي 2/200-201.
([9]) المرجع السابق : 2/166-176.
([10]) المرجع السابق : 2/176.
([11]) المرجع السابق : 2/192.
([12]) مجموع فتاوى ابن تيمية : 4/57.
([13]) الاعتصام للشاطبي : 1/175.
([14]) مجموع فتاوى ابن تيمية : 28/212.


(يتبع إن شاء الله)


==============================================================
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
اسماء يوسف
مشرفة منتدى أهل السنة والجماعة
مشرفة منتدى أهل السنة والجماعة
اسماء يوسف


عدد المساهمات : 129
العمر العمر : 31
الابراج الابراج : الدلو
الأبراج الصينية الأبراج الصينية : الديك
نقاط : 5024
السمعة : 32
تاريخ الميلاد : 06/02/1993
تاريخ التسجيل : 22/05/2010
المزاج المزاج : كل عا م وانتم بخير وند عو الله ان ينصر اخواننا فى كل مكان انة مو لى ذلك والقا در علية

الرد على أفراخ علي جمعة ( مصطفى حسني مثالاُ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: الرد على أفراخ علي جمعة ( مصطفى حسني مثالاُ)   الرد على أفراخ علي جمعة ( مصطفى حسني مثالاُ) Empty2011-05-08, 9:17 pm

المسألة الخامسة : هل اختلاف أهل البدع يدخل في مقولة (اختلافهم رحمة )؟!


مما أكثر من ذكره مصطفى حسني في الحلقتين كون الاختلاف رحمة وليس عذاب ، وعدم جواز الانكار في مسائل الخلاف ، وهنا نوضح - إن شاء الله - أن اختلاف أهل البدعة ليس داخلاً في تمام الرحمة ، مع ضبط مسألة الانكار على المخالف وتصحيح المفهوم المرتبط بها....


يقول تعالى :{وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ .إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ } [هود: 118- 119]

فذكر سبحانه قسمان : أهل الاختلاف وأهل الرحمة:

- ذهب بعض أهل العلم أن أهل الاختلاف المجوس والنصارى واليهود ،وذهب البعض إلى أن المقصود أهل الباطل ،و(ذهب جماعة من المفسرين إلى أن المراد بالمختلفين في الآية أهل البدع ، وأن من رحم ربك أهل السنة .....) ([1]) ،
وعن عكرمة " ولا يزالون مختلفين " يعني في الأهواء "إلا من رحم ربك " هم أهل السنة .

- ويكثر في كلام أهل العلم تنزيل بعض آيات الوعيد - كهذه الآية - على المبتدعة (وهذا كله من إعطاء بعض أحكام المعنى الذي فيه حكم شرعي أو وعيد لمعنى آخر فيه وصف من نوع المعنى ذي الحكم الثابت . وهذا يرجع إلى أنواع من الشبه في مسالك العلة للقياس فإن الأشياء متفاوتة في الشبه) ([2]) ،ومستندهم في ذلك ما ورد في السنة من أحادبث ذمت أهل البدع وذكرت أوصافهم

- وجعل الله أهل الاختلاف قسيم لأهل الرحمة لكون اختلافهم عذاب وليس رحمة ،يقول الشاطبي : (وبين هذين الطريقين واسطة أدنى من الرتبة الأولى وأعلى من الرتبة الثانية ، وهي أن يقع الاتفاق في أصل الدين ، ويقع الاختلاف في بعض قواعده الكلية ، وهو المؤدي إلى التفرق شيعاً . فيمكن أن تكون الآية تنتظم هذا القسم من الاختلاف ، ولذلك صح عنه صلى الله عليه وسلم : "أن أمته تفترق على بضع و سبعين فرقة "، وأخبر : "أن هذه الأمة تتبع سنن من كان قبلها شبراً بشبر وذراعاً بذراع "، وشمل ذلك الاختلاف الواقع في الأمم قبلنا ، ويرشحه وصف أهل البدع بالضلالة وإيعادهم بالنار ، وذلك بعيد من تمام الرحمة.......)

- فأهل الرحمة هم أهل الاجتماع على آثار الأنبياء ،كما قال ابن تيمية : (ولست تجد اتفاقا وائتلافا إلا بسبب اتباع آثار الأنبياء من القرآن والحديث وما يتبع ذلك ولا تجد افتراقا واختلافا إلا عند من ترك ذلك وقدم غيره عليه قال تعالى :{ولا يزالون مختلفين} {إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم } فأخبر أن أهل الرحمة لا يختلفون وأهل الرحمة هم أتباع الأنبياء قولا وفعلا وهم أهل القرآن والحديث من هذه الأمة فمن خالفهم في شيء فاته من الرحمة بقدر ذلك)

- فإذا حصل الاختلاف بين أهل الرحمة كان ذلك رحمة ، يقول الشاطبي : (... ثم إن هؤلاء المتفقين قد يعرض لهم الاختلاف بحسب القصد الثاني لا القصد الأول ، فإن الله حكم بحكمته أن تكون فروع هذه الملة قابلة للأنظار ومجالاً للظنون ، وقد ثبت عند النظار أن النظريات لا يمكن الاتفاق فيها عادة ، فالظنيات عريقة في إمكان الاختلاف ، لكن في الفروع دون الأصول وفي الجزئيات دون الكليات ، فلذلك لا يضر هذا الاختلاف .
وقد نقل المفسرون عن الحسن في هذه الآية أنه قال : أما أهل رحمة الله فإنهم لا يختلفون اختلافاً يضرهم . يعني لأنه في مسائل الاجتهاد التي لا نص فيها بقطع العذر ، بل لهم فيه أعظم العذر ، ومع أن الشارع لما علم أن هذا النوع من الاختلاف واقع ، أتى فيه بأصل يرجع إليه ، وهو قول الله تعالى : "فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول" الآية ، فكل اختلاف من هذا القبيل حكم الله فيه أن يرد إلى الله ، وذلك رده إلى كتابه ، وإلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . وذلك رده إليه إذا كان حياً وإلى سنته بعد موته ، وكذلك فعل العلماء رضي الله عنهم )

- فأهل الرحمة يختلفون اختلافاً ليس داخلاً تحت قوله تعالى : {ولا يزالون مختلفين} من أوجه : أن الله وصف القسم الآخر أن الاختلاف لازم لهم ،وأهل الرحمة مبرأون من ذلك ،ولأن الخلاف في مسائل الاجتهاد واقع ممن حصل لهم محض الرحمة وهم الصحابة فكان اختلافهم رحمة وسعة...

- ويجدر هنا إيراد تنبيهين يخصان الخلاف في المسائل الفقهية:

التنبيه الأول : في حقيقة المراد بالمسائل الاجتهادية وعدم الخلط بينها وبين المسائل الخلافية :

فالمسائل الاجتهادية كل أمر لم يرد فيه دليل قاطع [أي نص صحيح أو إجماع صريح] ،ويعرفها الشاطبي بقوله : ( محال الاجتهاد المعتبر هي ما ترددت بين طرفين وضح في كل منهما قصد الشارع في الإثبات في أحدهما والنفي في الآخر فلم تنصرف البتة إلى طرف النفي ولا إلى طرف الإثبات ) ([3]) . ويذكر من أمثلتها : زكاة الحلى ، فقد أجمع أهل العلم على عدم الزكاة في العروض ، وعلى وجوب الزكاة في النقدين لكونهما معدين للتعامل والثمنية بخلقتهما فصار الحلي المباح دائرا بين الطرفين لأنه أخذ وصفا واحدا من النقدين ، وهو كونه من الذهب والفضة ، وباستعماله للزينة لا للثمنية فقد الوصف الآخر ، وشارك العروض في عدم قصده بالثمنية فجاء فيه الخلاف . كما ذكر من أمثلتها قبول رواية مجهول الحال وشهادته لأنهم قد اتفقوا على قبول رواية العدل وشهادته ، وعلى عدم قبول ذلك من الفاسق وصار مجهول الحال دائرا بينهما فوقع الخلاف فيه .. ) ([4]) .

أما المسائل الخلافية فهي أعم من ذلك فهي تشمل كل ما وقع فيه الخلاف ، وإن كان الخلاف ضعيفا أو شاذا أو مما اعتبر من زلات العلماء ولهذا فإن كل ما كان من مسائل الاجتهاد فهو من مسائل الخلاف وليس العكس .

ومن أجل هذا استثنى العلماء من عدم الإنكار على المخالف في المسائل الخلافية ما ضعف فيه الخلاف وكان شاذا ، أو اعتبر من زلات العلماء([5]) . فخلاف ابن عباس رضي الله عنه في ربا الفضل ونكاح المتعة لا يجعل هذين الأمرين من مسائل الاجتهاد لضعف مأخذه من ناحية ولما ثبت عنه من رجوعه إلى رأي الجماعة من ناحية أخرى ....

هذا وليس في خروج المسألة عن مجاري الاجتهاد طعن على من خالف فيها من المجتهدين ، لأن المعتمد عند أهل السنة أن زلات أهل العلم كما لا يعتد بها ولا يعول عليها في الخلاف لا يشنع بها على أصحابها وإنما هي مغمورة في بحر جهادهم وفضلهم غفر الله لهم أجمعين ، وحشرنا في زمرتهم يوم يقوم الناس لرب العالمين . يقول الشاطبي : ( إن زلة العالم لا يصح اعتمادها من جهة ولا الأخذ بها تقليدا له ، وذلك لأنها موضوعة على المخالفة للشرع ولذلك عدت زلة ، وإلا فلو كانت معتدا بها لم يجعل لها هذه الرتبة ولا نسب إلى صاحبها الزلل فيها ، كما أنه لا ينبغي أن ينسب صاحبها إلى التقصير ، ولا أن يشنع عليه بها ، ولا ينتقص من أجلها ، أو يعتقد فيه الإقدام على المخالفة بحتا ، فإن هذا كله خلاف ما تقتضي رتبته في الدين ) ([6]) .

التنبيه الثاني : مفهوم قولنا ( لا إنكار في مسائل الاجتهاد ) :

فصَّل شيخ الإسلام ابن تيمية فيما نقله عن ابن مفلح في الآداب الشرعية حيث قال : ( وقولهم : ومسائل الخلاف لا إنكار فيها ، ليس بصحيح ، فإن الإنكار إما أن يتوجه إلى القول بالحكم أو بالعمل .

أما الأول : فإن كان القول يخالف سنة أو إجماعا قديما ، وجب إنكاره وفاقا وإن لم يكن كذلك ، فإنه ينكر – بمعنى بيان ضعفه – عند من يقول : المصيب واحدا ، وهم عامة السلف والفقهاء .

وأما العمل : إذا كان على خلاف سنة أو إجماع وجب إنكاره أيضا بحسب بدرجات الإنكار .

ثم قال : وأما إذا لم يكن في المسألة سنة ولا إجماع ، وللاجتهاد فيها مساغ ، فلا ينكر على من عمل به مجتهدا أو مقلدا .
ثم قال مشيرا إلى الاختلاف واللبس الواقع في هذه المسألة ما نصه :

وإنما دخل اللبس من جهة أن القائل يعتقد أن مسائل الخلاف هي مسائل الاجتهاد كما اعتقد ذلك طوائف من الناس .
والصواب الذي عليه الأئمة : إن مسائل الاجتهاد – ما لم يكن فيها دليل يجب العمل به وجوبا ظاهرا : مثل حديث صحيح لا معارض له من جنسه – فيسوغ إذا عدم ذلك الاجتهاد فيها لتعارض الأدلة المقاربة ، أو لخفاء الأدلة فيها([7])

ومما سبق يتبين :

1-أن أهل البدعة من الداخلين في قوله تعالى (ولا يزالون مختلفين ) ،وهم بذلك بعيدين عن تمام الرحمة ..

2- أن الاختلاف الذي يوصف بأنه رحمة هو الدائر بين أهل الرحمة وهم أهل السنة والجماعة..

3- ليس كل مسألة خلافية يكون خلافها سائغ ...

4- تبيين الحق بالدليل ليس داخلاً في الانكار الذي ذمه العلماء ..



ملحوظة : استفدت في تخريج وتجميع الأقوال في هذه المسألة والمسألة السابقة من كتب : الاعتصام للشاطبي ، مجموع فتاوى شيخ الاسلام ، (مدخل إلى ترشيد العمل الإسلامي ) للدكتور صلاح الصاوي ، ( موقف ابن تيمية من الأشاعرة ) للدكتور عبد الرحمن المحمود ، (أهل السنة والجماعة ) محمد عبد الهادي المصري ،الرد الفصيح على المدعو علي صبيح لدكتور عطية عدلان


([1]) الاعتصام للشاطبي .
([2]) التحرير والتنوير لابن عاشور .
([3]) الموافقات للشاطبي : 4/155.
([4]) راجع الموافقات للشاطبي : 4/155-160.
([5]) راجع كلام ابن رجب السابق ، وكلام السيوطي في الأشباه والنظائر وقد سبق أيضا .
([6]) الموافقات للشاطبي : 4/171 / 172.
([7]) نقلا عن الاختلافات الفقهية : د/ محمد أبو الفتوح البيانوني : 84-85.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
اسماء يوسف
مشرفة منتدى أهل السنة والجماعة
مشرفة منتدى أهل السنة والجماعة
اسماء يوسف


عدد المساهمات : 129
العمر العمر : 31
الابراج الابراج : الدلو
الأبراج الصينية الأبراج الصينية : الديك
نقاط : 5024
السمعة : 32
تاريخ الميلاد : 06/02/1993
تاريخ التسجيل : 22/05/2010
المزاج المزاج : كل عا م وانتم بخير وند عو الله ان ينصر اخواننا فى كل مكان انة مو لى ذلك والقا در علية

الرد على أفراخ علي جمعة ( مصطفى حسني مثالاُ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: الرد على أفراخ علي جمعة ( مصطفى حسني مثالاُ)   الرد على أفراخ علي جمعة ( مصطفى حسني مثالاُ) Empty2011-05-08, 9:19 pm

المسألة السادسة : الأئمة الأربعة وقولهم أن (كل بدعة ضلالة)
إهداء للأستاذ مصطفى حسني ومساعديه الذي لم يرى مثلهم !!


أفرد مصطفى حسني فترة طويلة في الحلقة الثانية للرد على اعتراض وهمي وهو أن الإمام أحمد بيقول بقول وبعض شباب المنهج السلفي اتصلوا به يسألوه: ما دليل أحمد ؟! وكان رده (وازاي نقول للامام احمد ايه دليله ... الامام احمد امام اهل السنة ...ومن يسأل الامام احمد عن دليله لازم يكون على مستوى الامام احمد والا لا يسأل ) وانكر بشدة ان يُطلب من احمد الدليل لان احمد عارف كل الادلة ده وكان بيحفظها وزيادة ....

وعلى نفس المنوال نورد أقوال الأئمة الأربعة (بما في ذلك قول الامام احمد أيضاً !) في فهم أن (كل بدعة ضلالة) على عمومها وأن الاستحسان في دين الله تشريع في دين الله بما لم يشرعه الله، وهو عكس الأصل الذي أراد إثباته وهو ( تقسيم البدعة لحسنة ومذمومة):

1- قال ابن الماجِشون: سمعت مالكا يقول: "من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة؛ فقد زعم أن محمدا صلى الله عليه وسلم خان الرسالة؛ لأن الله يقول:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ } فما لم يكن يومئذ دينا؛ فلا يكون اليوم دينا"...

إيه رأي الاستاذ مصطفى في الامام مالك ..وهو شيخ الشافعي ... صاحب الهيبة والتعظيم للسنة ... ؟!
وايه رأيه في اعتبار الامام مالك من يقول (بدعة حسنة) أنه بهذا القول يتهم الرسول..؟!

2- والإمام الشافعي - رحمه الله - له كلمته المشهورة "من استحسن فقد شرع " ، وهي كلمة شديدة في مسألة الاستحسان في دين الله ، وقد أجراها مجرى القاعدة المطردة...

فهل يصلح أن نفهم كلام الشافعي في المحدثات مجتزئاً دون رده إلا هذه الأصل الذي أصله....

خاصةً وقد وصف في تعريفه للمحدثات النوع الأول المذموم بقوله (يخالف كتاباً أو سنة أو أثراً أو إجماعاً ) وهو منطبق على البدع كلها ، ثم وصف الثاني وحدَّه بقوله ( لا خلاف فيه لواحد من هذا) وهو ما تدخل تحته المصالح المرسلة..إذ هي محدثه ولا تخالف الأدلة وليست داخلة في الاستحسان الذي ذمه..(راجع الردود السابقة لمزيد تفصيل فيها)

3- أما الإمام أحمد فقال :[ أصول السنة عندنا : التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والاقتداء بهم وترك البدع وكل بدعة فهي ضلالة ] ...الامام احمد بيقول (كل بدعة ضلالة ) من أصول السنة ....

بس يا ترى..هل الامام احمد لم يكن يعلم الادلة التي ساقها الاستاذ مصطفى في أنه ليست كل بدعة ضلالة...؟!! .. يكفي ما قاله الاستاذ مصطفى في الحلقة الثانية عن مكانة أحمد وكونه امام أهل السنة ..وحفظه وفهمه..فكيف نخالفه بمن جاؤوا بعده..إلى آخر كلام الاستاذ مصطفى في الحلقة...

ويا ترى ما حكم من يخالف هذا أصل من أصول أهل السنة عند أحمد ..؟..

وأخيراً ..مش مفروض يا أستاذ مصطفى تذاكر كويس (زي ما بتطلب من مخالفيك في الحلقة ) لأن العلم (زي ما بتقول برده ) لا ينال براحة الجسد...قبل ما تتكلم على لسان أحمد في مسألة لتثبت أصل يعتبره الامام احمد مخالفاً لأصول السنة ..؟!

4- والإمام أبو حنيفة بيقول :[ علـيـك بـالأثـر وطريقة السلف وإياك وكل محدثة فإنها بدعة ] ...

يعني الأئمة الأربعة كلامهم بينص على إن (كل بدعة ضلالة) على إطلاقها ، إلا تقسيم الشافعي للمحدثات والذي ينبغي فهمه في ضوء قوله ( من استحسن فقد شرع) ...

وبعدين معاك يا استاذ مصطفى...بتنقل كلام العلماء في مسألة فرعية علشان تأصل أصل والعلماء نفسهم بيرفضوا الأصل الذي تريد تأصيله ...طيب حتى قول ...

عموماً العيب مش على حضرتك...العيب على العالم الحاصل على إجازات في كل العلوم متصلة .. ازاي يخليك تحضر حلقة وتطلع تقولها وترجع ترد في حلقة تانية ..من غير ما ينبهك إلى قاعدة بسيطة من قواعد الأمانة العلمية ، وهي أنه لا يجوز أن تأتي بقول عالم في مسألة لتوهم أنه يوافقك في مسألة أخرى ..وأنت تعلم أنه لا يوافقك فيها ..
(طبعاً المفروض إنه عارف آراء الأئمة الأربعة في المسائل المختلفة وإلا كان مدحك له زائف)..

وبالمناسبة اذكرك أن (كل بدعة ضلالة) والتي كررت أن القائلين بإطلاقها مخالفين لكلام أئمة كبار - مع إن الأئمة الأربعة على أن (كل بدعة ضلالة) - هي نص كلام الرسول صلى الله عليه وسلم مش كلام (ناس أحياء)!! ...

فلماذا لم توضح في حلقتك أن الجملة هي نص في حديث وأن أدلتك التي أوردتها علشان تقول إن النبي ...النبي صلى الله عليه وسلم...لم يكن يقصد...وإنه لما قالها كده باطلاق كان قصده انها مش مطلقة...!!!

يقول الشاطبي - الأصولي - : (وقد ثبت في الأصول العلمية أن كل قاعدة كلية أو دليل شرعي كلي؛ إذا تكررت في مواضع كثيرة وأوقات متفرقة وأحوال مختلفة، ولم يقترن بها تقييد ولا تخصيص فذلك دليل على بقائها على مقتضى لفظها العام المطلق. وأحاديث ذم البدع والتحذير منها من هذا القبيل، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يردد من فوق المنبر على ملأ من المسلمين في أوقات كثيرة وأحوال مختلفة أن ( كل بدعةٍ ضلالة ) ولم يأت في آية ولا حديث تقييد ولا تخصيص ولا ما يفهم منه خلاف ظاهر الكلية من العموم فيها، فدل ذلك دلالة واضحة على أنها على عمومها وإطلاقها. وقد اجمع السلف الصالح على ذمها وتقبيحها والهروب عنها وعمن اتسم بشيء منها، ولم يقع منهم في ذلك توقف ولا استثناء، فهو - بحسب الاستقراء - إجماع ثابت يدل دلالة واضحة على أن البدع كلها سيئة ليس فيها شيء حسن)
ايه رأيك ...في كلام الناس الأحياء دول..؟!!...واجماع الناس الأحياء...؟!(ابتسامة)

ولا أقول إلا : حسبنا الله ونعم الوكيل
===============================================

المسألة السابعة: الاستدلال بتقسيم العز بن عبد السلام

مما يكثر الاستدلال به عند محسني البدع ما نقله القرافي عن العز بن عبد السلام ...
ومع أن الأصل مناقشة هذا التقسيم كأي مسألة علمية تعرض على أصول الفهم والاستدلال الشرعي إلا أن محسني البدعة يحاولون تقوية ما يصيب أدلتهم من ضعف وجانبهم من هزال بالإيحاء – زوراً وبهتاناً – أن سلطاااان العلمااااء في صفهم ...

فدعونا أولاً ننقل كلام العز كما أورده الشاطبي – رحمه الله- ،ثم ننقل تعليقه وفيه الرد الوافي على من استدل بكلام العز – رحمه الله- .. يقول رحمه الله: (ومما يورد في هذا الموضع أن العلماء قسموا البدع بأقسام أحكام الشريعة الخمسة ولم يعدوها قسماً واحداً مذموماً ، فجعلوا منها ما هو واجب ومندوب ومباح ومكروه ومحرم ، وبسط ذلك القرافي بسطاً شافياً ـ وأصل ما أتى به من ذلك شيخه عز الدين بن عبد السلام ، وها أنا آتي به على نصه ـ فقال :
اعلم أن الأصحاب ـ فيما رأيت ، متفقون على إنكار البدع ، نص على ذلك ابن أبي زيد وغيره ، والحق التفصيل وأنها خمسة أقسام :

قسم واجب . وهو ما تناولته قواعد الوجوب وأدلته من الشرع ، كتدوين القرآن والشرائع إذا خيف عليها الضياع ، وأن التبليغ لمن بعدنا من القرون واجب إجماعاً ، وإهمال ذلك حرام إجماعاً فمثل هذا النوع لا ينبغي أن يختلف في وجوبه .

القسم الثاني المحرم : وهو كل بدعة تناولتها قواعد التحريم وأدلته من الشريعة ، كالمكوس والمحدثات من المظالم ، والمحدثات المنافية لقواعد الشريعة ، كتقديم الجهال على العلماء ، وتولية المناصب الشرعية من لا يصلح بطريق التوريث ، وجعل المستند في ذلك كون المنصب كان لأبيه ، وهو في نفسه ليس بأهل .

القسم الثالث : أن من البدع ما هو مندوب إليه ، وهو ما تنالولته قواعد الندب وأدلته ، كصلاة التراويح ، ولإقامة صور الأئمة والقضاة وولاة الأمور على خلاف ما كان عليه الصحابة رضوان الله عليهم ، بسبب أن المصالح والمقاصد الشرعية لا تحصل إلا بعظمة الولاة في نفوس الناس . وكان الناس في زمن الصحابة رضي الله عنهم معظم تعظيمهم إنما هو بالدين وسبق الهجرة .
ثم اختل النظام وذهب ذلك القرن ، وحدت قرن آخر لا يعظمون إلا بالصور فتعين تفخيم الصور حتى تحصل المصالح .

وقد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يأكل خبز الشعير والملح ، ويفرض لعامله نصف شاة كل يوم ، لعلمه بأن الحالة التي هو عليها غيره لهان في نفوس الناس ولم يحترموه ، وتجاسروا عليه بالمخالفة ، فاحتاج إلى أن يضع غيره في صورة أخرى تحفظ النظام . ولذلك لما قدم الشام وجد معاوية بن أبي سفيان قد اتخذ الحجاب واتخذ المراكب النفسية والثياب الهائلة العلية ، وسلك ما سلكه الملوك ، فسأله عن ذلك ، فقال : إنا بأرض نحن فيها محتاجون لهذا . فقال له : لا آمرك ولا أنهاك . ومعناه أنت أعلم بحالك هل أنت محتاج إليه . فدل ذلك من عمر وغيره على أن أحوال الأئمة وولاة الأمور تختلف باختلاف الأمصار والقرون وأحوال . فكذلك يحتاج إلى تجديد زخارف وسيايات لم تكن قديمة ، وربما وجبت في بعض الأحوال .

القسم الرابع : بدعة مكروهة وهي ماتناولته أدلة الكراهة من الشريعة وقواعدها كتخصيص الأيام الفاضلة أو غيرها بنوع من العبادة . ولذلك ورد في الصحيح ـ خرجه مسلم وغيره :
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن تخصيص يوم الجمعة بصيام ،أو ليلة بقيام.
ومن هذا الباب الزيادة في المندوبات المحدودات .
كما ورد في التسبيح عقب الفريضة ثلاثاً وثلاثين ، فتفعل مائة .
وورد صاع في زكاة الفطر فيجعل عشرة أصواع ، بسبب أن الزيادة فيها إظهار الاستظهار على الشارع وقلة أدب معه . بل شأن العظماء إذا حددوا شيئاً وقف عنده وعد الخروج عنه قلة أدب .
ولازيادة في الواجب أو عليه أشد في المنع ، لأنه يؤدي إلى أن يعتقد أن الواجب هو الأصل والمزيد عليه ، ولذلك نهى مالك رضي الله عنه عن إيصال ستة أيام من شوال ، لئلا يعتقد أنها من رمضان وخرج أبو داود في سننه "أن رجلاً دخل إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى الفرض وقام ليصلي ركعتين ، فقال له عمر بن الخطاب رضي الله عنه : اجلس حتى تفصل بين فرضك ونفلك ، فهكذا من قبلنا . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اصاب الله بك يا ابن الخطاب" يريد عمر أن من قبلنا وصلوا النوافل بالفرائض واعتقدوا الجميع واجباً ، وذلك تغيير للشرائع ، وهو حرام إجماعاً .

القسم الخامس : البدع المباحة ، وهي ما تناولته أدلة الإباحة وقواعدها من الشريعة ، كاتخاذ المناخل للدقيق ، ففي الآثار : أول شيء أحدثه الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم اتخاذ المناخل . لأن تليين العيش وإصلاحه من المباحات فوسائله مباحة .
فالبدعة إذا عرضت تعرض على قواعد الشرع وأدلته ، فأي شيء تناولها من الأدلة والقواعد ألحقت به من إيجاب أو تحريم أو غيرها . وإن نظر إليها من حيث الجملة بالنظر إلى كونها بدعةً مع قطع النظر فيما يتقاضاها كرهت ، فإن الخير كله في الاتباع ،والشر كله في الابتداع .

وذكر شيخه في قواعده في فصل البدع منها ـ بعد ما قسم أحكامها إلى الخمسة ـ أن الطريق في معرفة ذلك أن تعرض البدعة على قواعد الشريعة ، فإن دخلت في قواعد الإيجاب فهي واجبة إلى أن قال : وللبدع الواجبة أمثلة .
أحدها : الاشتغال بالذي يفهم به كلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم ، وذلك واجب لأن حفظ الشريعة واجب .
والثاني : حفظ غريب الكتاب والسنة من اللغة .
والثالث : تدوين أصول الفقه .
والرابع : الكلام في الجرح والتعديل لتمييز الصحيح من السقيم .
ثم قال : والبدع المحرمة أمثلة ( منها ) مذهب القدرية ومذهب الجبرية والمرجئة والمجسمة . والرد على هؤلاء من البدع الواجبة .
قال : وللمندوب أمثلة . منها ( إحداث الربط والمدارس وبناء القناطر . ) ومنها ( كل إحسان لم يعهد في الصدر الأول . ) ومنها ( الكلام في دقائق التصوف والكلام في الجدل .) ومنها ( جمع المحافل ، للاستدلال في المسائل ، إن قصد بذلك وجهه تعالى .

قال : وللكراهة أمثلة .( ومنها ) زخرفة المساجد وتزويق المصاحف . وأما تلحين القرآن بحيث تتغير ألفاظه عن الوضع العربي فالأصح أنه من البدع المحرمة .

قال : وللبدع المباحة أمثلة . ( ومنها ) المصافحة عقب صلاة الصبح والعصر ، ( ومنها ) التوسع في اللذيذ من المأكل والمشرب والملابس والمساكن ، ولبس الطيالسة وتوسيع الأكمام . وقد اختلف في بعض ذلك ، فجعله بعض العلماء من البدع المكروهة ، وجعله آخرون من السنن المفعولة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فما بعده كالاستعاذة والبسملة في الصلاة . انتهى محصول ما قال . )انتهى النص وفيه بيان ما مقصود العز بالتقسيم مع الأمثلة ...

وللجواب على هذا الكلام ننقل من كلام الشاطبي النقاط التالية:

1- (أن هذا التقسيم أمر مخترع لا يدل عليه دليل شرعي بل هو نفسه متدافع ، لأن من حقيقة البدعة أن لا يدل عليها دليل شرعي لا من نصوص الشرع ولا من قواعده ، إذ لو كان هنالك ما يدل من الشرع على وجوب أو ندب أو إباحة لما كان ثم بدعة ، ولكان العمل داخلاً في عموم الأعمال المأمورة بها أو المخير فيها . فالجميع بين عد تلك الأشياء بدعاً ، وبين كون الأدلة تدل على وجوبها أو ندبها أو إباحتها جمع بين متنافيين)

2- (فما ذكر القرافي عن الأصحاب من الاتفاق على إنكار البدع صحيح ، وما قسمه فيها غير صحيح . ومن العجب حكاية الاتفاق مع المصادمة بالخلاف ومع معرفته بما يلزمه في خرق الإجماع ، وكأنه إنما اتبع في هذا التقسيم شيخه من غير تأمل)
وانتبه إلى نقل القرافي الإتفاق على خلاف قوله (تقسيم البدعة) بينما نص مصطفى حسني في حلقته أن تحسين البدعة هو كلام غالب العلماء (9 من 13)

3- (فإن ابن عبد السلام ظاهر منه أنه سمى المصالح المرسلة بدعاً ، بناءً ـ والله أعلم ـ على أنها لم تدخل أعيانها تحت النصوص المعينة . وإن كانت تلائم قواعد الشرع . فمن هنالك جعل القواعد هي الدالة على استحسانها بتسمية لها بلفظ البدع وهو من حيث فقدان الدليل المعين على المسألة ، واستحسانها من حيث دخولها تحت القواعد . ولما بنى على اعتماد تلك القواعد استوت عنده مع الأعمال الداخلة تحت النصوص المعينة . وصار من القائلين بالمصالح المرسلة ، وسماها بدعاً في اللفظ ، كما سمى عمر رضي الله عنه الجمع في قيام رمضان في المسجد بدعة..)

4- (وأما قسم المندوب فليس من البدع بحال وتبيين ذلك بالنظر في الأمثلة التي مثل لها بصلاة التراويح في رمضان جماعة في المسجد . فقد قام بها النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد واجتمع الناس خلفه . فخرج أبو داود عن أبي ذر قال : "صمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رمضان ، فلم يقم بنا شيئاً من الشهر حتى بقي سبع ، فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل ، فلما كانت السادسة لم يقم بنا ؟ فلما كانت الخامسة قام بنا حتى ذهب شطر الليل فقلنا : يا رسول الله لو نفلتنا قيام هذه الليلة ؟ ـ قال ـ فقال : إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف حسب له قيام الليلة ، قال : فلما كانت الرابعة لم يقم ، فلما كانت الثالثة جمع أهله ونساءه والناس ، فقام بنا حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح ـ قال ـ قلت : وما الفلاح ؟ قال : السحور ". ثم لم يقم بنا بقية الشهر ، ونحوه في الترمذي ، وقال فيه حسنً صحيح
لكنه صلى الله عليه وسلم لما خاف افتراضه على الأمة أمسك عن ذلك ، ففي الصحيح عن عائشة رضي الله عنها : "أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في المسجد ذات ليلة فصلى بصلاته ناس ، ثم صلى القابلة فكثر الناس ثم اجتمعوا الليلة الثالثة أو الرابعة فلم يخرج إليهم النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما أصبح قال : قد رأيت الذي صنعتم ، فلم يمنعني من الخروج إلا أني خشيت أن يفرض عليكم " ، وذلك في رمضان ، وخرجه مالك في الموطأ . فتأملوا ففي هذا الحديث ما يدل على كونها سنة ، فإن قيامه أولاً بهم دليل على صحة القيام في المسجد جماعة في رمضان وامتناعه بعد ذلك من الخروج خشية الافتراض لا يدل على امتناعه مطلقاً ، لأن زمانه كان زمان وحي وتشريع ، فيمكن أن يوحى إليه إذا عمل به الناس بالألزام ، فلما زالت علة التشريع بموت رسول الله صلى الله عليه وسلم رجع الأمر إلى أصله ، وقد ثبت الجواز فلا ناسخ له .
وإنما لم يقم ذلك أبو بكر رضي الله عنه لأحد أمرين : إما لأنه رأى أن قيام الناس آخر الليل وما هم به عليه كان أفضل عنده من جمعهم على إمام أول الليل ذكره الطرطوشي ، وإما لضيق زمانه رضي الله عنه عن النظر في هذه الفروع ، مع شغله بأهل الردة وغير ذلك مما هو أوكد من صلاة التراويح .
فلما تمهد الإسلام في زمن عمر رضي الله عنه ورأى الناس في المسجد أوزاعاً ـ كما جاء في الخبر ـ قال : لو جمعت الناس على قارىء واحد لكان أمثل ، فلما تم له ذلك نبه على أن قيامهم آخر الليل أفضل ، ثم اتفق السلف على صحة ذلك وإقراره ، والأمة لا تجتمع على ضلالة .
وقد نص الأصوليون أن الإجماع لا يكون إلا عن دليل شرعي .
فإن قيل : فقد سماها عمر رضي الله عنه بدعة وحسنها بقوله : نعمت البدعة هذه وإذا ثبتت بدعة مستحسنة في الشرع ثبت مطلق الاستحسان في البدع .
فالجواب : إنما سماها بدعة باعتبار ظاهر الحال من حيث تركها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واتفق أن لم تقع في زمان أبي بكر رضي الله عنه ، لا أنها بدعة في المعنى ، فمن سماها بدعة بهذا الاعتبار فلا مشاحة في الأسامي ، وعند ذلك فلا يجوز أن يستدل بها على جواز الابتداع بالمعنى المتكلم فيه ، لأنه نوع من تحريف الكلم عن مواضعه ، فقد قالت عائشة رضي الله تعالى عنها : إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدع العمل وهو يحب أن يعمل به خشية أن يعمل به الناس فيفرض عليهم . )

5-(وذكر القرافي من جملة الأمثلة إقامة صور الأئمة والقضاة إلخ ما قال ، وليس ذلك من قبيل البدع بسبيل ، أما أولاً فإن التجمل بالنسبة إلى ذوي الهيئات والمناصب الرفيعة مطلوب ، وقد كان للنبي صلى الله عليه وسلم حلة يتجمل بها للوفود ، ومن العلة في ذلك ما قاله القرافي من أن ذلك أهيب وأوقع في النفوس ، من تعظيم العظماء ، ومثله التجمل للقاء العظماء كما جاء في حديث أشج عبد القيس ، وأما ثانياً : فإن سلمنا أن لا دليل عليه بخصوصه فهو من قبيل المصالح المرسلة ، وقد مر أنها ثابتة في الشرع .)

6-(أما المكروه منها والمحرم فمسلم من جهة كونها بدعاً لا من جهة أخرى ، إذ لو دل دليل على منع أمر أو كراهته لم يثبت ذلك كونه بدعة ، لإمكان أن يكون معصية ، كالقتل والسرقة وشرب الخمر ونحوها . فلا بدعة يتصور فيها ذلك التقسيم البتة ، إلا الكراهية والتحريم حسبما يذكر في بابه )

7-(وذكر في قسم المكروه أشياء هي من قبيل البدع في الجملة ولا كلام فيها ، أو من قبيل الاحتياط على العبادات المحضة أن لا يزداد فيها ولا ينقص منها ، وذلك صحيح ، لأن الزيادة فيها والنقصان منها بدع منكرة . فحالتها وذرائعها يحتاط بها في جانب النهي .)

8-(وذكر في قسم المباح مسألة المناخل ، وليست ـ في الحقيقة ـ من البدع بل هي من باب التنعم ، ولا يقال فيمن تنعم بمباح : إنه قد ابتدع ، وإنما يرجع ذلك ـ إذا اعتبر ـ إلى جهة الإسراف في المأكل ، لأن الإسراف كما يكون في جهة الكمية يكون في جهة الكيفية ، فالمناخل لا تعدو القسمين ، فإن كان الإسراف من ماله ، فإن كره ، وإلا اغتفر مع أن الأصل الحواز .)

9- (وأما ما قاله عز الدين ، فالكلام فيه على ما تقدم ، فأمثلة الواجب منها من قِبَل ما لا يتم الواجب إلا به ـ كما قال ـ فلا يشترط أن يكون معمولاً به في السلف ولا أن يكون له أصل في الشريعة على الخصوص ، لأنه من باب المصالح المرسلة لا البدع)

10-(أما القرافي فلا عذر له في نقل تلك الأقسام على غير مراد شيخه ، ولا على مراد الناس ، لأنه خالف الكل في ذلك التقسيم فصار مخالفاً للإجماع)

11-(وقوله : فكذلك يحتاجون إلى تجديد زخارف وسياسات لم تكن قديمة ، وربما وجبت في بعض الأحوال ، مفتقر إلى التأمل ، ففيه ـ على الجملة ـ أنه مناقض لقوله في آخر الفصل : الخير كله في الاتباع ، والشر كله في الابتداع مع ما ذكره قبله .
فهذا كلام يقتضي أن الابتداع شر كله ، فلا يمكن أن يجتمع مع فرض الوجوب . وهو قد ذكر أن البدعة قد تجب ، وإذا وجبت لزم العمل بها ، وهي لما فاتت ضمن الشر كله فقد اجتمع فيها الأمر بها والأمر بتركها ، ولا يمكن فيهما الانفكاك ـ وإن كانا من جهتين ـ لأن الوقوع يستلزم الاجتماع ، وليسا كالصلاة في الدار المغصوبة . لأن الانفكاك في الوقوع ممكن ، وها هنا إذا وجبت فإنما تجب على الخصوص ، وقد فرض أن الشر فيها على الخصوص فلزم التناقض ، وأما على التفصيل فإن تجديد الزخارف فيه من الخطأ ما لا يخفى .
وأما السياسات ، فإن كانت جارية على مقتضى الدليل الشرعي فليست ببدع ، وإن خرجت عن ذلك فكيف يندب إليها ؟ وهي مسألة النزاع)
ومما سبق يظهر أن تقسم العز رحمه الله أدخل فيه المصلحة المرسلة ، وأنه أعم مما يستدلون عليه إذ ظاهر كلامه - رحمه الله – أنه قصد المعنى اللغوي وليس المعنى الشرعي ،ومما يُثبت ذلك الأمثلة التي أورده رحمه الله ليبين مقصوده ...

هذا والله أعلم
======================================================

المسألة الثامنة: كبار علماء الأزهر الشريف وفتاويهم الموافقة لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب

وكبداية لنقض الشبهة التي يثرها أفراخ علي جمعة على منهج السلف ،وأنهم أتباع الدعوة النجدية (الشيخ محمد عبد الوهاب) وعلى حد تعبير (علي جمعة ) (عاملين زي المسمار..)...مخالفين لإجماع الأمة من (طنجا لجاكرتا..ومن غانا لفرغانا)...

نبدأ بإيراد بعض فتاوى علماء الأزهر الشريف التي توافق ما يذهب إليه (أهل السنة والجماعة) ويخالف كلام (علي جمعة ) لنتساءل هل عبد المجيد سليم ومحمد شلتوت وحسن مأمون وأحمد الباقوري وعطية صقر..طالعين لعلي جمعة (زي المسمار) ...

ونبدأ أولاً بكلام الشيخ عبد المجيد سليم في (فتاوى كبار علماء الأزهر الشريف ):
الفتوى الأولى : التركيبة والبناء على القبر غير جائز شرعا

المفتي :عبد المجيد سليم .
محرم 1347 هجرية 2 يوليو 1928 م
المبادئ
1 - يحرم رفع البناء بتركيبة أو غيرها على القبر إذا كان ذلك للزينة ويكره إذا كان للإحكام بعد الدفن .
كما تكره الزيادة العظيمة من التراب على القبر لأن ذلك بمنزلة البناء .
2 - الوصية بأن يطين القبر أو يوضع عليه قبة باطلة إلا فى حالة ما إذا كان يخشى على الميت من سبع ونحوه فإن التطيين فى هذه الحالة يكون مباحا ولا شىء فيه .
3 - الوصية بمبلغ لشراء تركيبة ووضعها على القبر باطلة ويصرف المبلغ على الفقراء والمساكين إلا إذا كان بالوصية نص يقتضى الصرف إلى غيرهم

السؤال
من أحمد أفندى الحاضر عنه محمد أفندى فى أن الست عائشة والدتنا بنت عبد الرحمن وقفت وقفا وقررت فيه أنه بعد وفاتها يعمل تركيتين رخام من إيراد الوقف توضع إحداهما فوق قبرها والأخرى فوق قبر المرحوم على أفندى الدالى زوجها المتوفى قبلها وهو والدنا بمبلغ من 30 جنيه إلى أربعين جنيه للتركيبتين الرخام، وبصفتى ناظرا للوقف ومكلفا بالقيام بتنفيذ هذه الوصية سمعت همسا من أحد حضرات القضاة الشرعيين بأن هذا محرم وغير جائز شرعا وكيف يحصل التصرف فى المبلغ الذى تقرر لهذا العمل

الجواب
اعلم أنه يحرم رفع البناء على القبر لو للزينة، وبكره للإحكام بعد الدفن، بل تكره الزيادة العظيمة من التراب على القبر، لأنه بمنزلة البناء وهو منهى عنه، لما فى صحيح مسلم عن جابر قال نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن يجصص القبر وأن يبنى عليه ا هجرية من الدر المختار وحاشيته رد المحتار وفى الفتاوى الهندية .
وإذا أوصى بأن يطين قبره أو توضع على قبره قبة فالوصية باطلة إلا أن يكون فى موضع يحتاج إلى التطيين لخوف سبع أو نحوه - وبناء على ذلك فوضع التركيبتين لا يجوز شرعا، ومتى كان الأمر كذلك بطل شرط الواقفة شراءهما بالمبلغ الذى عينته، ووجب صرف هذا المبلغ إلى الفقراء لأن ما بطل صرفه إلى الجهة التى عينها الواقف صرف إلى الفقراء، وهذا إذا لم يكن فى حجة الوقف التى لم يرسلها المستفتى إلينا ما يقضى بصرفه فى جهة أخرى غير الفقراء واللّه أعلم


الفتوى الثانية: الدفن فى المسجد غير جائز
المفتي :عبد المجيد سليم .
جمادى الأولى 1359 هجرية - 22 من يونيه 1940 م

المبادئ
1 - لا يجوز دفن الموتى فى المساجد .
2 - إذا دفن الميت فى المسجد نبش عند الإمام أحمد

السؤال
كتبت وزارة الأوقاف ما يأتى - يوجد بوسط مسجد عز الدين أيبك قبران ورد ذكرهما فى الخطط التوفيقية وتقام الشعائر أمامهما وخلفهما .
وقد طلب رئيس هذا المسجد إلى محافظة مصر دفنه فى أحد هذين القبرين لأن جدة الذى جدد بناء المسجد مدفون بأحدهما .
فنرجو التفضل ببيان الحكم الشرعى فى ذلك

الجواب
اطلعنا على كتاب الوزارة رقم 2723 المؤرخ 21 - 3 - 1940 المطلوب به بيان الحكم الشرعى فيما طلبه رئيس خدم مسجد عز الدين أيبك من دفنه فى أحد القبرين اللذين بهذا المسجد .
ونفيد أنه قد أفتى شيخ الإسلام ابن تيمية بأنه لا يجوز أن يدفن فى المسجد ميت لا صغير ولا كبير ولا جليل ولا غيره .
فإن المساجد لا يجوز تشبيهها بالمقابر .
وقال فى فتوى أخرى إنه لا يجوز دفن ميت فى مسجد فإن كان المسجد قبل الدفن غير إما بتسوية القبر وإما بنبشه إن كان جديدا الخ وذلك لأن فى الدفن فى المسجد إخراجا لجزء من المسجد عما جعل له من صلاة المكتوبات وتوابعها من النفل والذكر وتدريس العلم وذلك غير جائز شرعا .
ولأن اتخاذ قبر فى المسجد على هذا الوجه الوارد فى السؤال يؤدى إلى الصلاة إلى هذا القبر أو عنده .
وقد وردت أحاديث كثيرة دالة على حظر ذلك قال شيخ الإسلام إبن تيمية .
فى كتابه انقضاء الصراط المستقيم صفحة 158 ما نصه إن النصوص عن النبى صلى اللّه عليه وسلم تواترت بالنهى عن الصلاة عند القبور مطلقا واتخاذها مساجد أو بناء المساجد عليها .
ومن الأحاديث ما رواه مسلم عن أبى مرثد قال سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها .
وقال ابن القيم نص الإمام أحمد وغيره على أنه إذا دفن الميت فى المسجد نبش وقال - أى ابن تيمية - لا يجتمع فى دين الإسلام مسجد وقبر بل أيهما طرأ على الآخر منع منه وكان الحكم للسابق إلى آخر ما قال فى كتابه زاد المعاد .
وقال الإمام النووى فى شرح المهذب صفحة 316 ما نصه اتفقت نصوص الشافعى والأصحاب على كراهة بناء مسجد على القبر سواء كان الميت مشهورا بالصلاح أو غيره لعموم الأحاديث .
قال الشافعى والأصحاب - وتكره الصلاة إلى القبور سواء كان الميت صالحا أو غيره قال الحافظ أبو موسى قال الإمام الزعفرانى رحمه اللّه .
ولا يصلى إلى قبر ولا عنده تبركا به ولا إعظاما له للأحاديث وقد نص الحنفية على كراهة صلاة الجنازة فى المسجد لقوله عليه الصلاة والسلام من صلى على جنازة فى المسجد فلا أجر له وعلل صاحب الهداية .
هذه الكراهة بعلتين إحداهما أن المسجد بنى لأداء المكتوبات يعنى وتوابعها من النوافل والذكر وتدريس العلم .
وإذا كانت صلاة الجنازة فى المسجد مكروهة للعلة المذكورة كراهة تحريم كما هو إحدى الروايتين وهى التى اختارها العلامة قاسم وغيره كان الدفن فى المسجد أولى بالحظر لأن الدفن فى المسجد فيه إخراج الجزء المدفون فيه عما جعل له المسجد من صلاة المكتوبات وتوابعها .
وهذا مما لا شك فى عدم جوازه شرعا . وبما ذكرنا علم الجواب عن السؤال متى كان الحال كما ذكر


القتوى الثالثة: حكم النذر على الأضرحة والأولياء
المفتي: عبد المجيد سليم .
محرم 1364 هجرية 25 ديسمبر 1944 م

المبادئ
1 - النذر لأصحاب الأضرحة والأولياء والصالحين باطل بالإجماع لأنه نذر لمخلوق وهو غير جائز لأن النذر عبادة وهى لا تكون لمخلوق أبدا ولأن المنذور له ميت والميت لا يملك .
2 - إذا ظن الناذر أن الميت يتصرف فى الأمور دون اللّه سبحانه وتعالى واعتقده كان ذلك كفرا والعياذ باللّه إلا إذا قال إنه ينذر لله سبحانه وتعالى إذا شفى مريضه أو قضيت حاجته أن يطعم الفقراء الواقفين بباب السيدة نفيسة أو الإمام الشافعى الخ مما يكون فيه نفع الفقراء فيكون جائز .
3 - لا يجوز صرف النذر لغنى غير محتاج ولا لشريف ذى منصب ولا الذى علم من أجل علمه ما لم يكن كل هؤلاء فقراء .
4 - إذا كان النذر لغير اللّه تعالى فهو حرام والمال المنذور يجب رده إلى صاحبه إن علم وإلا يكون من قبيل المال الضائع الذى لا يعلم له مستحق فيصرف على مصالح المسلمين أو على الفقراء .
5 - التنازل عن الحق فى صندوق النذور باطل لأن الحق فيه لم يثبت شرعا حتى يمكن التنازل عنه وعلى فرض أن له حقا فيه فهذا من الحقوق التى لا تقبل التنازل أو التمليك أو التى تنتقل بالإرث

السؤال
سيدة لها حصة فى صندوق النذور والصدقات بضريح أحد الأولياء قد تنازلت هذا السيدة عن هذه الحصة لأولاد بنتها .
فهل يصح هذا التنازل شرعا وهل هذه الصدقات والنذور تورث

الجواب
اطلعنا على هذا السؤال ونفيد بأنه قد جاء فى البحر قبيل باب الاعتكاف من الجزء الثالث نقلا عن الشيخ قاسم وفى شرح الدرر ما نصه - وأما النذر الذى ينذره أكثر العوام على ما هو مشاهد كأنه يكون لإنسان غالب أو مريض أو له حاجة ضرورية فيأتى بعض الصلحاء فيجعل سترة على رأسه فيقول يا سيدى فلان إن رد غائبى أو عوفى مريضى أو قضيت حاجتى فلك من الذهب كذا، من الفضة كذا، أو من الطعام كذا، أو من الماء كذا أو من الشمع كذا، أو من الزيت كذا .
فهذا النذر باطل بالإجماع لوجوه .
منها أنه نذر لمخلوق والنذر للمخلوق لا يجوز لأنه عبادة والعبادة لا تكون للمخلوق .
ومنها أن المنذور له ميت والميت لا يملك .
ومنها أن ظن (ولعل الصواب أنه ظن) . أن الميت يتصرف فى الأمور دون اللّه تعالى واعتقاده ذلك كفر اللهم إلا إن قال يا ألله إنى نذرت لك إن شفيت مريضى أو رددت غائبى أو قضيت حاجتى أن أطعم الفقراء الذين بباب السيدة نفيسة أو الفقراء الذين بباب الإمام الشافعى أو بباب الإمام الليث أو أشترى حصرا لمساجدهم أو زيتا لوقودها أو دراهم لمن يقوم بشعائرها إلى غير ذلك مما يكون فيه نفع للفقراء والنذر لله عز وجل .
وذكر الشيخ إنما هو محل لصرف النذر لمستحقيه القاطنين برباطه أو مسجده أو جامعه فيجوز بهذا الاعتبار إذ مصرف النذر الفقراء وقد وجد المصرف ولا يجوز أن يصرف ذلك لغنى غير محتاج ولا لشريف ذى منصب لأنه لا يحل له الأخذ مالم يكن محتاجا فقيرا ولا الذى النسب لأجل نسبه مالم يكن فقيرا ولا لذى علم لأجل علمه مالم يكن فقيرا .
ولم يثبت فى الشرع جواز الصرف للأغنياء للإجماع على حرمة النذر للمخلوق ولا ينعقد ولا تشغل الذمة به ولأنه حرام بل سحت ولا يجوز لخادم الشيخ أخذه ولا أكله ولا التصرف فيه بوجه من الوجوه إلا أن يكون فقيرا أو له عيال فقراء عاجزون عن الكسب وهم مضطرون فيأخذونه على سبيل الصدقة المبتدأة، فأخذه أيضا مكروه مالم يقصد به الناذر التقرب إلى اللّه تعالى وصرفه إلى الفقراء بقطع النظر عن نذر الشيخ .
فإذا علم هذا . فما يؤخذ من الدراهم والشمع والزيت وغيرها وينقل إلى ضرائح الأولياء تقربا إليهم فحرام بإجماع المسلمين مالم يقصدوا صرفه للفقراء الأحياء قولا واحدا انتهى - والظاهر لنا أن هؤلاء العوام وإن قالوا بألسنتهم إنى نذرت لله أو تصدقت لله فمقصدهم فى الواقع ونفس الأمر إنما هو التقرب إلى الأولياء والصالحين وليس مقصدهم التقرب إلى اللّه تعالى وحده ولم يبتغوا بذلك وجهه .
ولقد صدق حضرة صاحب الفضيلة الشيخ عبد الرحمن قراعة رحمه اللّه تعالى إذ يقول فى رسالته التى ألفها فى النذور وأحكامها ما أشبه ما يقدمون من قربان وما ينذرون من نذور وما يعتقدون فى الأضرحة وساكنيها بما كان يصنع المشركون فى الجاهلية وما يغنى عنهم نفى الشرك عنهم بألسنتهم .
وأفعالهم تنبئ عما يعتقدون من أن هؤلاء الأولياء لهم نافعون ولأعدائهم ضارون انتهى وقد جاء فى سبل السلام شرح بلوغ المرام ما نصه وأما النذور المعروفة فى هذه الأزمنة على القبور والمشاهد والأموات فلا كلام فى تحريمها لأن الناذر يعتقد فى صاحب القبر أنه ينفع ويضر ويجلب الخير ويدفع الشر ويعافى الأليم ويشفى السقيم وهذا هو الذى كان يفعله عباد الأوثان بعينه فيحرم كما يحرم النذر على الوثن ويحرم قبضه لأنه تقرير على الشرك ويجب النهى عنه وإبانة أنه من أعظم المحرمات وأنه الذى كان يفعله عباد الأصنام .
لكن طال الأمد حتى صار المعروف منكرا والمنكر معروف انتهى وجاء فى الروضة الندية وشرحا ومنه رأى من النذر غير الصحيح النذر على القبور لكون ذلك ليس من النذر فى الطاعة ولا من النذر الذى يبتغى به وجه اللّه تعالى بل قد يكون من النذر فى المعصية إذا كان يسبب عنه اعتقاد فاسد فى صاحب القبر كما يتفق ذلك كثيرا انتهى ولو عبر صاحب الروضة بقوله بل هو نذر فى المعصية إذ يتسبب عنه اعتقاد فاسد فى صاحب القبر لكانت العبارة أو فى بما هو الواقع عند العوام وقد أطال القول فى ذلك الشوكانى فى رسالته المسماة شرح الصدور فى تحريم رفع القبور ولولا خشية الملل لذكرناه .
وما ذكرناه فيه الكفاية . مما ذكر يتبين أن نذر العوام لأرباب الأضرحة أو التصدق لهم تقربا إليهم وهو ما يقصده هؤلاء الجهلة مما ينذرونه أو يتصدقون به حرام بإجماع المسلمين والمال المنذور أو المتصدق به يجب رده لصاحبه إن علم .
فإن لم يعلم فهو من قبيل المال الضائع الذى لا يعلم له مستحق فيصرف على مصالح المسلمين أو على الفقراء ولا يتعين فقير بصرفه إليه فليس لفقير معين ولو كان خادما للضريح أو قريبا لصاحبه حق فيه قبل القبض .
ومن قبض منهما شيئا وكان فقيرا فإنما تملكه بالقبض ولا يجوز لغنى أن يتناول منه شيئا فإذا تنازل منه شيئا لا يملكه ووجب رده على مصارفه .
ومن هذا يعلم أنه ليس للمتنازلة المذكورة حق فيما يوضع فى الصندوق المذكور من الأموال فإذا تنازلت فإنما تتنازل عن شىء لم يثبت لها شرعا .
وعلى فرض أن لها حقا فيه فليس هذا الحق من الحقوق التى تقبل التنازل والتمليك أو التى تنتقل بالإرث عنها لورثتها .
وبهذا علم الجواب عن السؤال .


تاريخ التسجيل: Nov 2005
المشاركات: 844


الفتوى الرابعة :التمائم
المفتي : عطية صقر .مايو 1997
المبادئ:القرآن والسنة
السؤال: ما حكم الدين فى التمائم ؟
الجواب: التمائم جمع تميمة، قال الحافظ المنذرى : يقال إنها خرزة كانوا يعلقونها ، يرون أنها تدفع عنهم الآفات . واعتقاد هذا الرأى جهل وضلالة ، إذ لا مانع إلا اللَّه ، ولا دافع غيره . ذكره الخطابى (الترغيب والترهيب : ج 4 ص 96 ) .
فالنهى عنها عند اعتقاد أنها تؤثر بنفسها ، فذلك شرك وبدون هذا الاعتقاد جهالة ، جاء فى الحديث " من علق تميمة فلا أتم اللَّه له ، ومن علق ودعة فلا أودع اللَّه له " (رواه أحمد وأبو يعلى بإسناد جيد والحاكم وصححه ). وفى حديث آخر ( من علق فقد أشرك "(رواه أحمد برواة ثقات ) وعن عائشة رضى اللّه عنها قالت :
ليست التميمة ما يعلق به بعد البلاء، إنما التميمة ما يعلق به قبل البلاء (رواه الحاكم وصححه) .
ويؤخذ من كلام المنذرى أن التميمة خرزة ، وفى الحديث ذكر التميمة والودعة ، فهل هما شىء واحد؟ وإذا كان ذلك فلملذا التكرار والعطف يقتضى المغايرة ؟ وقد يجاب على ذلك بان الودعة هى الخرزة الصدفية المعروفة التى تتكون فى البحار، والتميمة كل شىء يعلق من أية مادة تكون ، كقطعة خشب أو خرقة أو غيرهما ، مما يعتقد الجهلة منفعته . وتفسير عائشة يدل على أنها كانت للحفظ من الإصابة ودفع الشر، وليست للاستشفاء من مرض واقع .
ومهما يكن من شىء فإن أعتقاد أن هذه الأشياء تؤثر بنفسها دون توقف على إرادة الله تعالى يتنافى مع الإيمان .
ومثل التمائم ما يعرف بالأحجبة ، وهى كتابات تعلق بقصد دفع الشر أو رفعه ، فإن كانت كلمات من القرآن الكريم أو ذكر اللَّه تعالى ، مع اعتقاد أنها لا تؤثر إلا بإرادته سبحانه فلا يؤثر ذلك على الإيمان ، مع التنبيه على صيانة كلام اللَّه تعالى من كل ما يخل بتوقيره ، ومع التوصية بطلب العلاج عند المختصين .
وجاء فى زاد المعاد لابن القيم (ج 4 ص 119) أن جماعة من السلف أجازوا كتابة شىء من القرآن ثم إذابته بالماء والتداوى به سقيا أو غسلا، روى ذلكُ عن مجاهد ومثله عن أبى قلابة ، ويذكر عن ابن عباس أنه أمر أن يكتب لامرأة يعسر عليها ولادها أثر من القرآن ثم يغسل ويسقى .
وجاء فى " الفتاوى الإسلامية " ( ج 10 ص 3567): اختلف العلماء فى جواز كتابة بعض آيات من القراَن أو أسماء لتكون تمائم ، فقالت طائفة بجوازه ، ونسبوا هذا إلى عمرو بن العاص وأبى جعفر الباقر، رواية عن الإمام أحمد، وقالت طائفة بمنعه لحديث أحمد " من علق تميمة . . . " وجزم كثير من العلماء بقول الطائفة الأخيرة، لعموم هذا النص ، وسدا للذريعة حتى لا يكبر الصغار وهم يعتقدون أن التمائم هى التى تشفى وتحفظ دون إرادة اللَّه . ولا يحل لمسلم أن يأخذ أجرا على كتابة هذه الآيات ، وليس هناك حديث يقول " خذ من القرآن ما شئت لما شئت " .
ويراجع فى ذلك تفسير القرطبى ( ج 10 ص 318)


واللّه سبحانه وتعالى أعلم


(استفدت في هذه المسألة بجمع طيب أشرف عليه د.محمد يسري ووقدم له هو والشيخ عبد الله شاكر وعدد من أهل العلم عن فتاوى كبار علماء الأزهر الشريف في الأضرحة والنذور)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
اسماء يوسف
مشرفة منتدى أهل السنة والجماعة
مشرفة منتدى أهل السنة والجماعة
اسماء يوسف


عدد المساهمات : 129
العمر العمر : 31
الابراج الابراج : الدلو
الأبراج الصينية الأبراج الصينية : الديك
نقاط : 5024
السمعة : 32
تاريخ الميلاد : 06/02/1993
تاريخ التسجيل : 22/05/2010
المزاج المزاج : كل عا م وانتم بخير وند عو الله ان ينصر اخواننا فى كل مكان انة مو لى ذلك والقا در علية

الرد على أفراخ علي جمعة ( مصطفى حسني مثالاُ) Empty
مُساهمةموضوع: رد: الرد على أفراخ علي جمعة ( مصطفى حسني مثالاُ)   الرد على أفراخ علي جمعة ( مصطفى حسني مثالاُ) Empty2011-05-08, 9:20 pm

ماذا قال الشيخ عطية صقر في تعريف البدعة؟!

استوقفني أن مصطفى حسني ذكر في حلقته أن البدعة لها 19 تعريف وأنه سيذكر 13 منهم...
بينما الشيخ أبو اسحاق قال له أن العلماء لهم تعريفان فقط للبدعة وأن كل ما ذكره هو ما يوافق أحدهم ،وهو تحرير علمي دقيق يغفل عنه من يدافعون عن حسني

وقد وقفت للشيخ عطية صقر في فتاوى كبار علماء الأزهر على كلام يوافق كلام الشيخ أبي إسحاق حفظه الله حيث قال :

( وتحديد مفهوم البدعة التى هى ضلالة فى النار فيه صعوبة. ومن ركام التعريفات التى ملئت بها الكتب أستطيع أن أقول : إن للعلماء فى تعريف البدعة منهجين ، أولهما لغوى عام ، والآخر اصطلاحى خاص .

ا - فأصحاب المنهج الأول نظروا إلى مادة "البدعة " التى تدل على اختراع على غير مثال سبق فعرفوها بأنها ما أحدث بعد النبى صلى الله عليه وسلم وبعد القرون المشهود لها بالخير .
وهذا التعريف يدخل فيه ما كان خيرا وما كان شرا ، وما كان عبادة وما كان غير عبادة ، والذى حملهم على هذا التعريف الشامل ورود لفظ البدعة مرة محمولا عليه الذم ، ومرة محمولا عليه المدح ، وبهذا عرف أن البدعة قد تكون ممدوحة وقد تكون مذمومة ، قال الشافعى رضى الله عنه : المحدثات من الأمور ضربان ، أحدهما ما أحدث يخالف كتابا أو سنة أو أثرا أو إجماعا ، فهذه البدعة الضلالة ، والثانى ما أحدث من الخير وهذه محدثة غير مذمومة .

وعلى هذه الطريقة فى تعريف البدعة وشمولها للممدوح والمذموم جرى عز الدين بن عبد السلام ، فقسم البدعة إلى واجبة كوضع العلوم العربية وتعليمها ، وإلى مندوبة كإقامة المدارس ، ومحرمة كتلحين القرآن بما يغير ألفاظه عن الوضع العربى ، ومكروهة كتزويق المساجد ومباحة كوضع الأطعمة ألوانا على المائدة .

2- وأصحاب المنهج الثانى عرفوا البدعة بأنها الطريقة المخترعة على أنها من الدين وليست من الدين فى شىء ، أو بأنها طريقة فى الدين مخترعة تضاهى الطريقة الشرعية ويقصد بالسلوك عليها ما يقصد بالطريقة الشرعية ، ويدخل فيها العبادات وغيرها وقصرها بعضهم على العبادات ، وعلى هذا التعريف تكون البدعة مذمومة على كل حال ولا يدخل فى تقسيمها واجب ولا مندوب ولا مباح . وعلى هذا المعنى يحمل الحديث "كل بدعة ضلالة" ويحمل قول مالك رضى اللّه عنه : من ابتدع فى الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمدا صلى الله عليه وسلم خان الرسالة ، لأن اللّه قال {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام دينا} المائدة : 3 ، وأصحاب هذا المنهج يحملون قول عمر فى صلاة التراويح على المعنى اللغوى .)

فالشيخ عطية صقر يقول عن كلام الشافعي والعز أنه تعريف لغوي عام للبدعة ، فما رأي مصطفى حسني ومن يدافع عنه في هذا الكلام؟! أم أن الشيخ عطية صقر ليس أصولياً (محدث بس مثلاً) ،أم أنه كالمعتاد سنقوم بالهروب من هذه النقطة ونأتي بفتاوى أخرى للشيخ عطية للتشويش والتشتيت؟!
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الرد على أفراخ علي جمعة ( مصطفى حسني مثالاُ)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
فرسان القلعة التعليمية الشاملة  :: ۞ ركن الاقسام الاسلامية المميزة ۞ :: قلعة فرسان الثوابت الإسلامية-
انتقل الى: