رئيس وزراء مصر الأسبق يكشف حقيقة الموقف الاقتصادي المتأزمأكد الدكتور عبدالعزيز حجازى رئيس وزراء مصر الأسبق
والخبير الاقتصادى، أن سياسية التقشف هى الحل الوحيد للخروج من الأزمة
الاقتصادية الطاحنة التى تتعرض لها مصر، موضحا أن المواطن المصرى لن يعترض
على تلك السياسة باعتباره السبب الرئيسى لتوقف عجلة الإنتاج بمليونياته
ومظاهراته كل جمعة، وإذا لم يرض بها فعلية أن "يخبط رأسة فى الحيطة" بعد
أن عطل المصانع وجميع وسائل الإنتاج عن العمل.
وقال
حجازى فى حواره مع "المصريون" إنه رغم وجود عجز فى الموازنة يصل إلى 200
مليار، إلا أنها لن تصل إلى مرحلة الإفلاس، ولكنها ستصل إلى هذه المرحلة
فى حالة عجزها عن استيراد القمح، مبينا أن هذا الوضع يؤكد على أن مصر لن
تشهد ثورة جياع رغم الأزمة الاقتصادية الطاحنة التى تمر بها، وأن المجتمع
الدولى لن يساعدنا إلا إذا تم تكليف وزارة جديدة تعيد الثقة فى الاقتصاد
المصرى مرة أخرى.
وإلى نص الحوار:
** فى البداية.. كيف ترى الوضع الاقتصادى المصرى الراهن خاصة فى ظل تراجع الاحتياطى النقدى لنحو ١٥ مليار دولار؟
بلا
شك هناك أزمة اقتصادية شديدة تتعرض لها مصر، حتى إن عجز الموازنة وصل إلى
200 مليار، مما ينذر بكارثة أخرى فى الطريق ممثلة فى الكساد الكامل الذى
سيضرب البلاد، وارتفاع نسبة البطالة وغلاء الأسعار، كما أن التصنيف
الائتمانى الخاص بالاقتصاد المصرى فى حالة انحدار مستمر، وكل هذه الدلائل
تشير إلى وجود أزمة اقتصادية طاحنة تتعرض لها مصر، ونأمل أن التشكيل
الوزارى الجديد يكون على المستوى الذى يصلح الوضع الاقتصادى.
** هل تعتقد أننا أصبحنا على أعتاب ثورة جياع؟
لن
تحدث ثورة جياع فى مصر على الإطلاق، مصر بلد غنى بموارده ومتعدد
الإمكانيات، ولكنها فقط تحتاج إلى ما يستر وليربط بين كل تلك الإمكانيات
للخروج باقتصاد قوى.
**كيف لا تحدث ثورة جياع
وقد وصل احتياطى النقد لدينا إلى مستوى يقل عن حاجتنا من الاستيراد لمدة
أربعة أشهر والدولة على أعتاب الإفلاس؟
يجب أن
تعلمى أنه عندما تتوقف الدولة عن دفع أقساط الديون، وعندما تعجز الدولة عن
استيراد القمح والبوتاجاز، نستطيع وقتها فقط أن ندرك أننا وصلنا إلى
مرحلة الإفلاس، وهذا لم يحدث حتى الآن.
** فى رأيك.. إلى متى سيستمر هذا الوضع؟
الجميع
يعلم جيدًا أن حل الأزمة الاقتصادية سيستغرق وقتًا طويلًا، وذلك حتى يحوز
التشكيل الوزارى الجديد على الثقة محليًا ودوليًا، وقتها فقط يمكن أن
تقوم الدول الخارجية بمساعدتنا ماليًا.
** وهل قرض صندوق النقد الدولى يمكن أن يسهم فى حل الأزمة الاقتصادية الطاحنة؟
إذا
كان سيتم توجيه قرض البنك الدولى إلى المشروعات القومية والخدمية
والإنتاجية بشكل جيد فيمكن أن يسهم فى حل الأزمة الاقتصادية، لكن إذا تم
توجيهه لسد عجز الموازنة العامة فقط فلن يجدى إطلاقا.
** لماذا؟
لأنه
عندما يوجه لسد عجز الموازنة العامة، لن يكون لدينا استثمارات وبالتالى
لن يكون لدينا موارد تسهم فى تحسين الاقتصاد المصرى، وإذا حدث ذلك سنتوقف
عن دفع فوائد وأقساط القرض فنضطر لإعلان حالة الإفلاس العام.
**
قدمت الحكومة المصرية برنامج الإصلاح الاقتصادى لصندوق النقد للموافقة
على القرض، فهل تعتقد أن هذا البرنامج سيرضى المواطن المصرى خاصة أنه
سيقوم برفع أسعار السلع؟
الحكومة المصرية بقدر
الإمكان تحاول ترضية المواطن المصرى بأى شكل، والدليل على ذلك أن الحكومة
بعد أن قامت برفع الأسعار تراجعت مرة أخرى عن القرار، مراعاة للظروف التى
يتعرض لها المواطن البسيط منذ اندلاع ثورة 25 يناير وتوقف عجلة الإنتاج
إلى حد ما.
** البعض يؤكد أن ما حدث من تراجع فى القرارات الاقتصادية وعلى الأخص قرار رفع الأسعار والضريبة كان هدفه تمرير الدستور؟
يجب
ألا نستبق الأحداث، فلننتظر حتى يتم تشكيل الوزارة، لأن كل التوقعات
الاقتصادية المطروحة الآن مجرد تكهنات، أو "كلام فى الهواء" طالما أنه لم
يتم تشكيل وزارة جديدة فلا يجب أن نتحدث عن ارتفاع الأسعار، أو ترشيد
الاستهلاك وارتفاع الضريبة.
** وهل تعتقد أن
صندوق النقد الدولى سيراجع حصول مصر على قرض الـ 4.8 مليار دولار بعد
تخفيض التصنيف الائتمانى لمصر من قبل "ستاندرد أند بورز"؟
بالطبع..
قد يؤثر ذلك بالفعل على قرار الصندوق ويتم التراجع عن القرض، وإذا حدث
ذلك ستتفاقم الأمور وتزداد الأزمة الاقتصادية فى مصر، وعلى الوزارة
الجديدة التى سيتم تشكيلها التفكير فى بدائل اقتصادية لحل الأزمة
الاقتصادية الطاحنة فى مصر إذا ما تم تأجيل قرض صندوق النقد الدولى.
** وما تفسيرك لخفض التقييم الائتمانى لثلاثة بنوك مصرية عالميًا؟
يجب
أن تعلمى أنه عندما تكون الحالة الاقتصادية للدولة متدهورة سيؤثر ذلك
سلبا على البنوك وعلى قدرتها الائتمانية، فما يحدث كان متوقعًا، فالبنوك
تتأثر بالتغيرات التى تحدث فى الدولة، فإذا كانت الدولة لديها عجز فى
ميزان المدفوعات وعجز الموازنة إلى غيرة من التأثيرات، فمن المنطقى أن
تتأثر البنوك بذلك وبشكل يجعلها تقوم بخفض التقييم الائتمانى.
** الدولة تقوم بطبع مزيد من الأموال...؟
وهذه مهزلة حقيقية.. وأكبر خطر سيواجه البلد، فطباعة 200 مليار تعدت كل الحدود المعقولة.
** هناك من يطالب بالاقتراض الداخلى بدلا من الاقتراض الخارجى؟
من
يطالب بالاقتراض الداخلى لا يفهم فى علوم الاقتصاد، فنحن نستطيع أن نقترض
اقتراضًا داخليًا لمشروعات لها عائد، لكن لا يجوز الاقتراض الداخلى لسد
عجز الموازنة.
** وما الحل إذًا للخروج من هذه الأزمة؟
أن
نأتى برئيس وزراء قوى، ومجموعة اقتصادية تفهم معنى الاقتصاد والمالية
العامة، فهذا هو الأساس أن يكون هناك تحديد للمنهج والهوية الاقتصادية،
فالمطلوب الآن هو إعادة الثقة للاقتصاد المصرى، وهذا يتطلب وجود مناخ جيد
للاستثمار والكثير من الودائع، وترشيد الإنفاق، وتشغيل الطاقات المعطلة.
** وما الحلول الأخرى؟
أن يقوم الشعب المصرى بربط الحزام والترشيد.
** هل معنى ذلك أن نلجأ لسياسة التقشف؟
بالطبع.. يجب علينا أن نلجأ لسياسة التقشف، فهى الحل الوحيد أمامنا.
** والمواطن المصرى.. هل سيستطيع أن يتحمل السياسة التقشفية؟
المواطن
المصرى "يخبط رأسه فى الحيطة"، لأنه هو السبب فى هذه الأزمة، فالمواطن
يجب أن ينتج ولا يتفرغ للمليونيات، حتى تعمل المصانع، بدلا من الإضرابات
والمظاهرات التى عطلت حال البلد.
** كنت وزيرًا للمالية فى أصعب الفترات الاقتصادية التى مرت بها البلاد فما نصيحتك لوزير المالية الحالى؟
مقاطعا..
كنت وزيرًا بعد النكسة، وعبرنا فى حرب 73، ولم تعلن مصر إفلاسها، لأننا
كنا نعمل كفريق عمل متكامل، وكنا عندما نقوم باتخاذ قرارات اقتصادية نراعى
تأثيرها على المواطن، ومن أجل ذلك استطعنا أن نصل لحرب أكتوبر بأمان.
almesryoon