ANGEL HEART ( إذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلاَّ مِنْ ثَلاَثٍ : صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ ، أَوْ عِلْم
الديانة : الجنسية : بلادي وإن جارت عليّ عزيزةُ وأهلي وإن ضنوا عليّ كرامُ عدد المساهمات : 7806 العمر : 48 المهنة : معلم خبير لغة إنجليزية الابراج : الأبراج الصينية : نقاط : 186830 السمعة : 246 تاريخ الميلاد : 07/12/1975 تاريخ التسجيل : 29/03/2010 الموقع : https://fgec.ahlamontada.com/ العمل/الترفيه : Expert master of English المزاج : عبد ذليل لرب جليل
| موضوع: دراسة الفكر الإسلامي وقابلية النماء والتطور 2012-06-26, 8:53 am | |
| دراسة الفكر الإسلامي وقابلية النماء والتطور طارق فايز العجاوي
نعم الفكر الإسلامي يملك قابلية النماء والتطور ويرفض الجمود والتراجع وهذا المنهج سلكه أسلافنا في عصر التقدم والنهضة بشجاعة فائقة وذكاء متوقد فنراهم تصدوا وتصدروا الدور أو بالأحرى أدوارهم في إثراء الفكر الإسلامي السامي عن طريق الاجتهاد الذي أقره ودعا إليه الإسلام وكلنا يعلم مدى أهمية الاجتهاد على مر العصور في سفر ديننا وحضارتنا الإسلامية وفي تكوين وإبراز أصحاب المدارس الفكرية التي أثرت بدون أدنى شك الفكر الإسلامي بتراث واضح المعالم وخالد على مر الأزمان والعصور وسيظل المنارة المضيئة والعلامة البارزة في تاريخ أمتنا المشرق المشرف واقع الحال أطلق علماء الفكر على قابلية النماء والتطور مصطلح - التجديد- ومضمون هذا المصطلح يعنى تكوين ظروف الاستمرارية والبقاء لمواكبة كل المستجدات وتجديد الفكر يعنى استمرارية الإيمان بصلاحيته حتى يتسنى له أن يكون الأداة الحقيقية لهداية الإنسان وتوجيهه، وبناءاً على ذلك يجب أن يكون التجديد مطلباً ملحاً كونه يمثل العلاقة بين الإنسان والفكر، ولذلك أجزم بأن توقف عوامل التواصل بين الإنسان والفكر يؤدي إلى جموده، وبالتالي تراجع دوره. إذن أداة التواصل حقيقة - بين الإنسان والفكر- هو التجديد بعينه كونه يعطى للفكرة بعدها الزمني عن طريق ربط تلك الفكرة بالرؤية المتجددة التي تعطيها القدرة على الاستمرار والصمود في وجه التطورات المستحدثة المستجدة التي يمليها الواقع الجديد وتتقبلها الأجيال اللاحقة وعليه فلا أرى حاجة إلى البرهان على أهمية التجديد بالنسبة للفكر كون التجديد هو وسيلة الاستمرار فالعقل البشرى من حقه أن يباشر مسؤولياته في فهم الظواهر الإنسانية وبالتالي من حقه أيضاً أن يفسر تلك الظواهر وفق ما يعتقده ويراه من باب كونه يمارس صلاحيات مشروعة ومباحة، لذلك ليس من العدل أن ينكر جيل سابق على جيل لاحق حقه في ممارسة رؤيته المتجددة لقضاياه الفكرية على اعتبار أن الإنكار لا يلغي ذلك الحق ولا يوقف ممارسة الإنسان له بطريقة اعتيادية من غير تجاوز أو تكلف مقدمة كان لابد منها لارتباطها بنفس الموضوع. وعليه أقول: إن الفكر الإسلامي شأنه شأن الفكر الإنساني من حيث قابليته للتجديد، وأيضاً من حيث خصائصه الإنسانية، ولكن لا يستطيع أحد أن ينكر اختلافه عن الفكر الإنساني في جوانب خاصة، وهذه الجوانب هي التي تكفل له سلامة المنطلق والاستمرارية والبقاء ويظهر ذلك الجانب المتميز في الفكر الإسلامي من خلال ما يمتاز به من خصائص ذاتية وأهداف إنسانية، ويمكن إجمال أبرز هذه الخصائص بالتالي: * كونه إلهي المصدر، وهذه حقيقة أخص خصائصه، وسنام مزاياه، وهي التي تكفل للفكر الإسلامي أن يكون في منأى عن الأهواء والغايات والمصالح، على اعتبار أن التوجيه الرباني تكفل لهذا الفكر السامي أن يكون أصيلاً في تكوينه، إنسانياً في غاياته، وأيضاً أبرز الجانب الأخلاقي في موقع التطبيق بحيث لا يضل ولا ينحاز ولا توجهه مصالح الأقوياء ولا تعبث به عواطف أهل الأهواء، وهذه المعطيات تجعله يحكم في البشر ويرسم لها طريق السلامة والسعادة حتى يعيش المجتمع بكامله برخاء وأمن واستقرار. * أخلاقية أهدافه، وهذه ضرورة حتمية على اعتبار اعتماده نصوصاً غير قابلة للنسخ والإهمال؛ كونها نصوصاً قرآنية أو أحاديث نبوية شريفة، ونلح خاصية أخلاقية الأهداف في كل الأحكام وفي كل المواقف ولا يمكن للفكر الإسلامي أن يتجاوز هذا المنهج الأخلاقي الذي يعبر حقيقة عن أصالته كفكر لسبب أشرنا إليه ألا وهو اعتماد النص القرآني والحديث النبوي، ونتيجة لكل ما تقدم فهناك ضوابط ومعايير لهذا النمو والتطور (التجديد)، لا يمكن تجاوزها؛ كونها تخضع في مجال الفكر التشريعي لضوابط ضرورية بحيث تعطى لهذا النمو والتطور شرعيته، وهي أيضاً الحاجز الذي يمنعه من أي تجاوز أو انحراف يجرنا إليه عقل مغلق غير متبصر أو ميل وهوى لنفس جامحة لم تبلغ النضج أو الرشد أو الكمال الأخلاقي، وعلينا أن نعي جيداً أن مسلك ووسيلة التجديد في الفكر التشريعي هي الاجتهاد الملتزم بالضوابط الشرعية فإذا التزم هذه الشروط أصبح مشروعاً وضرورياً وعندها لا مناص لمن يمتلك هذه الشروط والمقومات أن يتقاعس عنه، سواء كان مبنى هذا التقاعس الكسل أو الورع الشديد والجميع يدرك انه ليس من الورع بشيء أن يتخلى المجتهد عن مسؤولياته الفكرية، لذلك فالاجتهاد المشروع له ضوابط ومعايير لا بد من الالتزام بها ويمكن إجمالها بالتالي: - التزام النصوص الثابتة، وهذا الضابط يرتب على المجتهد عدم الإخلال بالتزام هذا الضابط الهام والمهم وهذه الميزة للفكر الإسلامي تميزه عن غيره من حيث المصادر فالفكر الوضعي هو فكر بشري بحيث يخضع للعقول المجردة وللاجتهادات الفكرية من غير ضوابط أو قيود، أما الفكر الإسلامي فهو فكر ملتزم بمصادره الأساسية بحيث لا يمكن تجاوزها برأي ولا يناقضها اجتهاد بعني أن أي تنكر أو تجاوز يفقدها الصفة الإسلامية، وبالتالي تصبح خاضعة حكماً لكل مقاييس وشروط الفكر الوضعي الذي يمكن أن يطاله الخطأ والتحيز والهوى والإلغاء والميل والحيف، وقطعاً الدلالة اللغوية هي معيار التفسير والتوضيح فما أفادته الدلالة اللغوية عن طريق القطع والجزم حكماً يزج ضمن النصوص القاطعة الباتة، وأما بخصوص الظني من الدلالة اللغوية بمعنى كان مبناه الظن يخضع قطعاً لقواعد الاجتهاد، ومن المعلوم أن الدلالة اللغوية للكلمة العربية تثبت عن طريق الاستعمال المتكرر والنقل المتواتر ويمكن أن تثبت أيضاً عن طريق الاستنباط العقلي المؤكد بالنقل من علماء اللغة أو استخدامهم للألفاظ اللغوية، أما بخصوص إثبات المعاني اللغوية عن طريق القياس فقد اختلف العلماء في حكم إثباتها ولكن الرأي الراجح هو: أن القياس اللغوي بحاجة إلى إثبات استعمال العرب له وقبولهم به حتى نتجنب تحكم العقل في المعاني اللغوية بطريقة تعسفية والثابت أن أهم القواعد التي تخضع لها النصوص التشريعية الثابتة في توضيح دلالاتها الشرعية نجملها بالتالي: 1- التزام القواعد الاجتهادية، وهذه القواعد هي أهم ضوابط الفكر حتى يكون أصيلاً من منطلقاته لا يحيد ولا يضل عن غاياته وأهدافه وكما هو معلوم لدينا أن الاجتهاد هو الجهد الذهني الذي يبذله المجتهد في استنباط حكم من دليله وهو الأداة المثلى للتواصل بين النصوص الثابتة والمصالح المتجددة، أما دائرة الاجتهاد فإنها تتسع لتشمل أيضاً مواضع نذكر منها تلك النصوص التي وردت في إطار الظنية في دلالتها أو ثبوتها وهنا لا بد أن يتصدى الاجتهاد للبحث عن صحة السند من خلال دراسة ذلك السند وطرق روايته أو يتصدى الاجتهاد للبحث في تفسير تلك النصوص بما يؤدى إلى وضوح الدلالة على المعاني المرادة منها، ويشمل أيضاً تلك القضايا التي لم يرد نص بها في كتاب الله وسنة نبيه - عليه الصلاة والسلام- وهذه الساحة الأهم لحركة الاجتهاد على اعتبار أن القضايا المستجدة والتي يفرضها الواقع بكافة المناحي بحاجة إلى بحثها والبت بأحكامها. 2- الالتزام بالمعنى اللغوي الذي استقر عليه العلماء، شرط مراعاة المصطلحات الشرعية التي أخرجها المشرع من معناها اللغوي العام إلى معنى خاص دل عليه النص عن طريق أدلة قطعية، وهذا التغيير في معاني المصطلحات - الأسماء- لا يخرج الكلمة عن معناها الأصلي على اعتبار أن التصرف في اللفظ العربي أمر مألوف في لغتنا العربية ولقد جرى العرف على تخصيص بعض الأسماء للدلالة على المعاني القريبة منها 3- بيان علاقة اللفظ بالمعنى المستفاد منه وتحديده وذلك عن طريق مراعاة القواعد المقررة عند علماء علم الأصول بحيث يكون استعمال اللفظ معبراً عن معنى إرادة الشرع، وعليه كلما كانت العلاقة ظاهرة وواضحة بين اللفظ والمعنى كانت مهمة المجتهد سهلة وميسرة ففي ظل الوضوح تضيق دائرة الاجتهاد إلا أن اتساع الدلالة اللفظية على المعاني الشرعية يساعد على نمو حركة الاجتهاد وازدهار الرأي واتساع الفروع الفقهية، إذن التجديد بواسطة الاجتهاد هو الأصيل الذي لا يجوز الاختلاف فيه على اعتبار أن منهج الاجتهاد من المسلمات التي يجب الاعتراف به فتقاعس أهل الاختصاص عن واجبهم في إبداء الرأي في مختلف القضايا التي يجب البت بها يسهل وبطريقة مباشرة إلى إقصاء الشريعة عن أداء دورها الاجتماعي كأداة للتنظيم وكمنهج للحياة الإنسانية وهم بذلك يسهمون في فرض العزلة على الفكر الإسلامي وبالتالي ضعفه وجموده فكغيره من الفكر ينمو بالجهد البشرى وكما اشرنا سابقاً فمن يدعى الورع في أمر الاجتهاد لا يعتبر مبرراً للتهرب من المسؤولية في إبداء الرأي والتعبير عن موقف الإسلام من القضايا المطروحة على الساحة - الشائكة منها والمستحدثة - التي تواجه المجتمعات الإسلامية في أيامنا وما أكثر هذه القضايا التي تنتظر البت فيها وإبداء الرأي بخصوصها وإرثنا الإسلامي يغص بكل ما يدعو للاجتهاد وإبداء الرأي - فمن أخطأ له أجر ومن أصاب له أجران - تصوروا حتى في الخطأ له أجر وذلك مكافئة له على جهده المبذول، إذن ليس من الورع بشيء أن يمسك العلماء عن الاجتهاد تهيباً وخشية، فالمسؤولية تحتم على أهل الاختصاص أن يتصدوا للاجتهاد لكي تؤدى الشريعة الإسلامية دورها في تنظيم حياة المجتمعات الإسلامية ولاستحداث الأحكام الشرعية في القضايا المستجدة هناك قاعدتان هما: الأولى - القياس وقاعدة القياس تقوم على أساس إلحاق المسكوت عن حكمه بالمنصوص عليه عند مشاركة المسكوت عنه للمنصوص في علة الحكم وتظهر العلاقة القياسية بشكل جلي وواضح كلما كان المسكوت عنه أولى بالحكم من المنصوص عليه وفى بعض الأحيان قد لا يكون الإلحاق ظاهراً بين الأصل والفرع وذلك نتيجة لتعدد المعاني التي تجمع بينهما مما يجعل القياس صعباً ومعقداً ومن هنا تبرز الحاجة إلى البحث عن العلة التي تعتبر من أهم ضوابط القياس على اعتبار أن الشرع ينيط الحكم بوصف لا يصعب على العقل البشرى إدراكه مما يدخل ضمن المقاصد الشرعية التي هدفها الأسمى جلب نفع أو دفع ضرر مما أقر الشرع الحنيف اعتباره وقد اشبع علماء الأصول في بحث الوصف المناسب لكي يكون علة في القاعدة القياسية ووضعوا ضوابط واشترطوا فيه أن يكون ظاهراً ومتعدياً ومنضبطاً، وألا يكون مما ألغى الشارع اعتباره الثانية. - المصالح المرسلة وهذه القاعدة أو هذا المصدر يقوم على أساس حرص الشرائع على تحقيق مصالح الخلق المتمثلة في جلب المصالح ودرء المفاسد وهذه المصالح تقسم إلى قسمين: * مصالح معتبره ويمكن تقسيمها بحسب أهميتها بالنسبة للناس فمنها الضروري ومنها الحاجي ومنها التكميلي وجاء اعتبار هذه المصالح في نظر الشرع كونها تحافظ على النفس والمال والعقل والعرض. * مصالح ملغاة في نظر الشرع على اعتبار أن هناك نصوص تلغى اعتبار تلك المصالح؛ لأن هناك اعتبارات أكثر أهمية بالنسبة للإنسان فمصلحة السارق ملغاة ومصلحة المرابي والمحتكر،،،،،،،، الخ وسبب إلغاء هذه المصالح ما يترتب عليها من أضرار بحق المجتمع بصفة عامة، ومن المعلوم أن المقصود بالمصالح المرسلة هي المصالح التي لم يذكر فيها نص بالاعتبار أو الإلغاء، وتركت للمجتمع لكي يقرر فيها علماء الأمة وفقهائها التنظيم الذي يصون الحريات ويحفظ الحقوق إذن التجديد البنّاء هو ذلك التجديد الذي يعتمد المنهج الأصولي الحق والصحيح في تفسير وتأويل النصوص وهو منهج يحض على استخدام الرأي وينكر الجمود والتقليد وأنا أرى أن الأمة التي تلغى كيانها وذاتها هي التي ترفض التجديد ولا تمارس حقها فيه وبالتالي تضعف من إمكاناتها الفكرية وتكون عبء وعالة على السابق واللاحق من الأجيال وإذا سلمنا أن منهج الاجتهاد الفقهي يشجع الرأي ويلقى على كاهل العقل البشرى أن يتحمل مسؤوليته كاملة في ميدان الاجتهاد فإن التجديد في ميادين وساحات الفكر الإنساني بصفة عامة أمر منطقي وطبيعي كون العقول البشرية مكلفة بأن تمارس إنسانيتها من خلال ما تفكر به نقطة غاية في الأهمية لا بد من التعريج عليها ونحن بهذا الصدد ألا وهي أن للفكر الإسلامي أهداف وغايات مثلى تناسب عظمة هذا الفكر وهذا الدين الحنيف يمكن إجمالها بالتالي: (1) - وضع أسس هدفها تنظيم حياة الفرد خاصة والمجتمع بصفة عامة لتحقيق السعادة والحياة الفضلى التي يطمح إليها كل أبناء المجتمع وبالتالي تحقق الرخاء والرقى (2) - محاربة الخرافة والأسطورة كون الفكر أداة للهداية فتحرير الإنسان يشعره بإنسانيته التي أكرمها الله بنور العقل وهدايته هذه المنطلقات والمبادئ أساسية لا تخضع للتجديد كونها تحمى الإنسان من الانحراف وتبعده من مواطن الحيف والزلل والتجديد أمر لا خيار فيه وهو مطلب عقلي واجتماعي كون العقل يرنو إليه لممارسة حق مشروع والمجتمع يتطلع إليه لتزويده بالرأي الذي يحقق له المصالح المشروعة التي أقر ديننا الحنيف بها في مبادئه الأساسية لذلك هناك عوامل عديدة تبرز مبررات التجديد في فكرنا الإسلامي نذكر منها: * التطور المتنامي في طبيعة الحياة الاجتماعية وقابلية النصوص التشريعية للفهم المتجدد، وهذا المبدأ متفق عليه، وتلك الضرورة الملحة لمواكبة فكرنا الإسلامي لحاجات الإنسان ورغباته على اعتبار أن الفكر غاية الإنسان ومبتغاه، ولا يجوز لهذا الفكر أن يكون معزولاً عن قضايا الأمة وما يطرح من مستجدات على الساحة بمعنى كافة القضايا التي يعيشها الفرد على كافة الصعد وفى كافة المجالات. وفى الختام: لا بد من كلمة في قضية التجديد فلقد تتالت مواكب دعاة التجديد والتاريخ شاهد على ما ندعي بدلائل لا يستطيع أحد أن ينكرها على امتداد تاريخنا المشرف وكان هؤلاء الدعاة الرواد يبذلون الغالي والنفيس في سبيل ذلك بهدف استمرار وتصحيح المسيرة سواء على صعيد الفكر والتشريع أم في ميدان العقيدة وحقيقة لم يضق صدر الإسلام بهؤلاء الدعاة وإنما ضاق صدره بما أثقل كاهل الفكر الإسلامي من تقليد وانحراف وجمود، وهذا مدعاة لتقديس التاريخ وعصمة للتراث وهذه العصمة والتقديس تتعارض قطعا مع منهج الإسلام الذي يرفض كلاهما ويجعل أمر الفكر في مواطن رعاية العلماء المؤتمنين على مواصلة العطاء حتى تبقى شعلة الفكر متقدة متوهجة تنير الدرب وتعبر المسالك أمام قوافل المؤمنين برسالة الإسلام، والثابت أن الفكر لا يترعرع ولا ينمو في ظل التقليد الذي بسيادته أو التزامه فيه كل الدلالة على تراجع وتخلف الأمة، وبالتالي عجزها عن العطاء مع ملاحظة أن التجديد لا يعنى بأي شكل من الأشكال التغيير وإنما يعنى الإضافة المتميزة التي تسم الفكر بسمة عصره حتى يكون الوليد الشرعي للمجتمع ولا يمكن لمجتمع حي أن يتخلى عن مسؤوليته في إبداء رأيه فيما يواجهه من قضايا فكرية على اعتبار أن الفكر الإسلامي يملك قابلية التجديد المستمر كون النصوص الشرعية التي تعتبر مصادر أساسية للفكر الإسلامي أناطت بالعقل البشرى مسؤوليات جسيمة واطمأنت إلى سلامة اختياراته وأرست له ضوابط حتى تكون رحلته في الاستنباط والبحث والاستنتاج محكومة بمؤشرات الوقاية من الضلال والخطأ محاطة بكل أسباب السلامة، وكما أشرنا آنفاً بأن الإنسان هو السبب الرئيس للتجديد هو أيضاً دون أدنى شك أداة التجديد، وهو الغاية والهدف من كل تجديد وهو مؤشر - أقصد التجديد- على نضج الممارسة العقلية وتحمل الإنسان لمسؤوليته في التعبير عن تجربته الذاتية ورؤيته المتجددة لقضايا عصره فإذا مارس الفرد هذا الحق المشروع بشجاعة وحرية دون قيود وضوابط كان مؤهلاً فعلاً لحمل وتحمل المسؤولية وإن طالة التقاعس عن ممارسة هذا الحق سواء كان لعجز أو جهل أو خوف ووجل كان جديراً بأن يكون في مؤخرة الصفوف وإن مجتمعنا الإسلامي اليوم مطالب بأن يتصدى لقضاياه الفكرية أكثر من أي وقت مضى مؤكداً في ذلك أصالة الفكر الإسلامي وتميزه بالإنسانية وبخصائصه الذاتية التي تضعه في المقدمة دون منازع، وإذا لم يتصدى علماؤنا وفقهاؤنا وهم رموز وأعلام الحياة الفكرية في مجتمعاتنا المعاصرة لتحمل مسؤولياتهم في الإعراب عن آرائهم الفكرية في القضايا المطروحة على مجتمعنا، فإن التخلف والتراجع عصره سيمتد ويطول لا محالة وسيبحث مجتمعنا -وهنا مكمن الخطر وسنامه- عن البدائل الفكرية المتزاحمة التي نراها وتغص بها ساحاتنا وهي حقيقة بدائل لن ولم تسهم في رقي مجتمعنا وتقدمه ولا في نمو وتطور فكره كون الفرق شاسع واسع بين الأصيل من الفكر والدخيل فالأصيل يملك القدرة على مخاطبة أمتنا ويلامس واقعنا ويملك القدرة على تحسس وتلمس مشاكلنا، وسيبقى منهج النمو والتطور في مجال الفكر الإسلامي الأصيل هو الرجاء الذي لا خيار لنا في تخطيه على اعتبار أن مجتمعنا ضاق بليل الظلام، ويرنو إلى مشاعل التجديد التي ستنير بعون الله ذلك العتم الدامس حتى ينبثق ويطل من خلف الأفق البعيد ذلك الوهج والنور المحمل بالأمل والذي يحمل بيديه بشرى عهد جديد يتصدى فيه فكرنا الإسلامي السامي لكافة التحديات الفكرية المعاصرة، والله نسأل أن يجنبنا العثار والزلل في القول والعمل | |
|