MR MUHAMMED HAGGAG قـــــــــــ القلعة ــــــــــــائد
عدد المساهمات : 1591 نقاط : 44586 السمعة : 94 تاريخ التسجيل : 30/05/2010
| موضوع: المواد المعترض عليها شرعا في دستور حسني مبارك والسادات موجودة هي هي في الدستور الجديد، لم يُلغَ منها شيء. 2012-12-13, 3:35 pm | |
| السلام عليكم ورحمة الله. إخوتي الكرام بالنسبة للدستور المصري المطروح للتصويت، هل يمكن تحمل مفاسده من أجل تحصيل بعض المصالح، أم أنها مفاسد تهدم أصل الدين فلا تُتحمل لأية مصلحة كانت؟ سيكون هذا هو موضوع كلمتنا هذه وليس الموقف الواجب اتخاذه من الاستفتاء. فالموقف سنفرد له كلمة بإذن الله.
1) بداية إخواني، المواد المعترض عليها شرعا في دستور حسني مبارك والسادات موجودة هي هي في الدستور الجديد، لم يُلغَ منها شيء. 2) المادة 219 التي يعتبرها البعض إنجازهم الأكبر ومفسرة للمواد المعترض عليها بما يتوافق مع الشريعة، هذه المادة تنص على أن (مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية وقواعدها الأصولية والفقهية ومصادرها المعتبرة في مذاهب أهل السنة والجماعة).
هذه المادة كانت موجودة كقرار للمحكمة الدستورية في عهد المخلوع- القرار رقم 113 لسنة 1994، ونصه:
(فلا يجوز لنص تشريعي أن يناقض الأحكام الشرعية القطعية فى ثبوتها ودلالتها، باعتبار أن هذه الأحكام وحدها هى التى يكون الاجتهاد فيها ممتنعا، لأنها تمثل من الشريعة الإسلامية مبادئها الكلية، وأصولها الثابتة التى لا تحتمل تأويلاً أو تبديلاً)ـ وهذا النص في عهد حسني أصرح في الاحتكام إلى الشريعة من المادة 219 في عهد "الإسلاميين"! ومع ذلك اعترض عليه "الإسلاميون" من قبل ولا زلنا نعترض عليه لسببين:
أولهما أن هذا قرار قابل للإلغاء والحذف. فالمادة 217 من الدستور الجديد كسابقتها في القديم تتيح للرئيس ومجلس النواب تغيير أية مادة.
ولهذا كان "الإسلاميون" يؤكدون أن مادة الشريعة يجب أن تكون فوق دستورية غير قابلة للنقاش ولا للاستفتاء ولا للطعن، ثم تنازلوا عن هذا المطلب، فأصبحت المادة الجديدة كالقرار القديم.
وهذا الخلل بحد ذاته يقطع النقاش بالنسبة لنا: أن تكون مرجعية الشريعة قابلة للحذف والتغيير.
ثانيا: هل يمكن أن يفسر لنا مؤيدو الدستور ماذا تعني هذه المادة: (مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية وقواعدها الأصولية والفقهية ومصادرها المعتبرة في مذاهب أهل السنة والجماعة)؟ ما هي أدلتها الكلية؟ وما هي قواعدها الأصولية؟ وما هي مصادرها المعتبرة؟ ألا يُسهل هذا العموم والهلامية الروغانَ من هذه المادة؟ هل تصلح هذه المادة بعمومها لتقييد المواد الدستورية التي تجعل التشريع للبشر من دون الله؟ هل يقيد الخاص بالعام أو المقيد بالمطلق؟ 3) فكيف إذا انضاف إلى ذلك أن المادة الثانية تنص على أن: (مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع)! وهي بهذا النص ياسق لا يُفرح به. إذ تتيح أن يكون 80% من القوانين مثلا مستمدا من الشريعة و20% من قوانين وضعية تصادم الشريعة. وأي تفسير يمنع من ذلك فهو تفسير قابل للتغيير أيضا. 4) فيسهل جدا في ظل الدستور الجديد، كما كان في القديم، صياغة قانون مخالف للنص الشرعي، حتى إذا ما طعن عليه كان الرد أنه بغض النظر عن موافقته النص فإنه لا يخالف أدلة الشريعة الكلية وقواعدها الأصولية وروحها ومبادئها السمحة، وحتى لو خالف، فمن قال لكم أن الشريعة هي المصدر الوحيد؟ بل قد رجعنا إليها في غالبية القوانين، وأخذنا هذا القانون من مصدر آخر. وإن لم يعجبكم هذا كله فهما مادتان غير مقدستين ولا فوق دستوريتين، فيمكن التصويت على حذفهما بالكلية!
إذن إخواني فلا يُفرح بهتين المادتين، وقد فصلت المقال فيهما في الحلقتين الثامنة عشرة والتاسعة عشرة من سلسلة نصرةً للشريعة. مقابل هذه الهلامية والعموم والروغان، تعالوا نرى تضييع الدين بشكل صريح في الدستور: 5) المادة الأولى: تنص على أن مصر نظامها ديمقراطي. فإن قال قائل: ليست الديمقراطية التي تعني شرك التشريع بل ديمقراطية الآليات، قلنا: هذا العموم مفسر بكل وضوح في المادة الخامسة وغيرها بما يجعل حق التشريع للبشر. 6) المادة الثانية: ذكرنا أنها تجعل الشريعة مصدرا قابلا لأن يشترك معه غيره، كالياسق لا اختلاف. 7) المادة الثالثة: تهانينا للـ"مسيحيين واليهود" الذين أحرزوا في عهد "الإسلاميين" ما لم يحرزوه في عهد المخلوع! 8) المادة الخامسة: السيادة للشعب. سؤالنا هنا: إن كانت هذه المادة قابلة للتأويل بما لا يخالف الشريعة فلماذا لم يكتشف الـ"سلفيون" ذلك من قبل ؟ لماذا اعتبروا أن من واجبهم الشرعي تغييرها ثم تنازلوا عن ذلك؟ ثم من أقنعهم بأنها قابلة للتأويل؟ الجاهليون المسمون العلمانيين؟ أم الأقباط؟
ثم إخواني لا يقبل ترك الأمور قابلة للتأويل في شأن العقيدة، بل هي أولى ما تسد من أجله الذرائع، وقد بينا ذلك في حلقة: (سد ذرائع شرك التشريع أولى).
هذه المادة إخواني (السيادة للشعب) تعني أن الحكم على الأفعال بأنها مسموحة أو ممنوعة هو للشعب، وأن إرادة الشعب لا تحاكَم إلى شريعة الله، بل شرع الله يُخضع لإرادة الشعب! وهي بذلك شر من فعلِ قريش التي كانت تجعل الحكم لله وللشركاء بنفس الرتبة، إذ سيادة الشعب تجعل الشركاء متحكمين بحكم الله! وقد بينا فساد هذه المادة في حلقة (سيادة الشعب تعني ربوبية الشعب).
ولعل "الإسلاميين" فرحوا بأنهم حذفوا كلمة وحده من المادة، حيث كانت في دستور مبارك: (السيادة للشعب وحده) فبحذف كلمة (وحده) أصبحت السيادة للشعب مع الله! والله المستعان. 9) المادة (79) جاءت مؤكدة لجعل البشر أربابا لهم حق الطاعة فيما شرعوه حيث تبدأ بــ:
(تصدر الأحكام وتنفذ باسم الشعب). أي أنها لا تنفذ من حيث هي حكم الله، بل لأن الشعب أرادها! أي يكون صدور الاحكام تابعا لسيادة الشعب واستقلاله بحق التشريع من دون الله. تتابع المادة بالنص التالي: (وامتناع الموظف العام المختص عن تنفيذها أو تعطيلُ تنفيذها جريمة يعاقب عليها القانون).
إذن قد يمتنع موظف عام عن تنفيذ حكم لأن هذه الحكم مخالف للشريعة ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. هذه المادة تنص على أنه في هذه الحالة مجرم يعاقب بقوة القانون! مجرم لا لأنه خالف أمر الله، بل لأنه خالف أمر الشعب حتى وإن كانت مخالفته لوجه الله. تكلمنا حتى الآن عن المواد الأولى والثانية والثالثة والخامسة. بالنسبة للمادة السادسة: 10) المادة السادسة:
(يقوم النظام السياسى على مبادئ الديمقراطية والشورى، والمواطنة التى تسوى بين جميع المواطنين فى الحقوق والواجبات العامة، والتعددية السياسية والحزبية، والتداول السلمي للسلطة، والفصل بين السلطات والتوازن بينها، وسيادة القانون)
-هذه هي الديمقراطية الغربية بحذافيرها: المواطنة التى تسوي بين جميع المواطنين على أساس المواطنة، فلا اعتبار للدين في حقوق وواجباتٍ حَكَمَ الشرع بالتفريق فيها. وبالتالي فالدستور يمَكِّن النصراني والمرتد والشيوعي أن يتولى الحكم أو القضاء مع الإجماع الشرعي على عدم جواز ذلك.
وهي مؤكدة مرة أخرى بــ: 11) المادة 33 والتي نصها: (المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك).
وهذا طمس لعقيدة الولاء والبراء، بل وتسوية بين المسلم والكافر تسوية قيمية ذاتية. فالمسلم العالم التقي والنصراني والشيوعي الملحد والشاذ جنسيا، هؤلاء كلهم أفراد من الشعب، ولكل منهم نصيب من السيادة الموزعة حسب الكثرة العددية. فلا يقبل حينئذ أن يقال عن هذا "المواطن" كافر، وأن دينه باطل. فقد يُحَصل هو وزمرته الأغلبية يوما ما، فيصبح كفرُه وباطله قانونا يكافأ الملتزم به ويعاقب مخالفه! والمسألة رقمية نسبية، فلا حقَّ مطلقَ ولا ضلالَ مطلق! خاصة أن المادة تنص على (التعددية السياسية والحزبية، والتداول السلمي للسلطة)...إذن لا مانع أن يقوم حزب نصراني أو إلحادي بالترويج لأفكاره والترشح لاستلام الحكم.
ثم تنص المادة على:
(سيادة القانون)...السيادة عندهم مرة للشعب ومرة للقانون، وعلى الحالين ليست عندهم لله.
تتابع المادة:
(ولا يجوز قيام حزب سياسى على أساس التفرقة بين المواطنين بسبب الجنس أو الأصل أو الدين)
وهذا يعني أن النواب الذين يترشحون من الأحزاب لغايات التشريع لا يستمدون شرعيتهم من الشريعة، ولا يُسمح أن تكون الشريعة هي هويتهم وسبب شرعيتهم، لا! إذ يمنع قيام حزب على أساس الدين. فعليهم أن يستمدوا شرعيتهم من الشعب الذي انتخبهم كمشرعين، وليس من الشريعة. وقد بينا أبعاد هذه المادة في الحلقة 18 من سلسلة نصرة للشريعة.
لاحظ تكرر عبارات لا يجوز، حسب الشريعة؟ لا طبعا بل حسب دستور يجعل التشريع للشعب. 12) هذا إخواني عدا عن المواد 34 و 43 و45 التي تنص على الحرية الشخصية وحرية الاعتقاد والتعبير دون تأطير ذلك بالشريعة. إن منعَتْ مادة من ازدراء الأنبياء فماذا عن انتقاد الأحكام الشرعية أو الدعوة إلى ما حرمه الله؟ ومصطلحات الحريات هذه معلوم أنه يساء استخدامها فتركها على إطلاقها يعني بقاء سوء الاستخدام هذا. كان هذا إخواني استعراضا سريعا لبعض المواد التي اطلعت عليها يدل على أن هذا دستور لا يمت إلى الإسلام بصلة، ولا يختلف في جعل الحكم للبشر من دون الله عن دستور أنور وحسني. إذن فماذا كانت مهمة "الإسلاميين" طوال الفترة الماضية؟ أم أنه تم استنزافهم عقديا عبر الشهور إلى أن رضخوا؟ إذن ما الموقف منه؟ سنتكلم عن ذلك في مقال قادم قريبا بإذن الله. | |
|